موقع متخصص بالشؤون الصينية

القمة النووية والموقف الصيني

0

marwan-soudah-nuclear-summit

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*
رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين
ورئيس منتدى قرّاء “مجلة مرافئ الصداقة” ومنتدى مُستمعي القسم العربي لإذاعة الصين الدولية في الاردن

ـ تنشر المادة في “موقع الصين بعيون عربية” بالإتفاق والتنسيق مع القسم العربي لإذاعة الصين الدولية CRI في بيجين.
يُعتبر حضور رئيس جمهورية الصين الشعبية، فخامة السيد شي جين بينغ، قمة الأمن النووي الرابعة التي ستعقد في واشنطن خلال الفترة ما بين31 من شهر أذار/مارس الجاري، والأول من الشهر المقبل نيسان /ابريل، تلبية لدعوة من الرئيس الامريكي باراك أوباما، مظهراً هاماً للغاية، إذ تكتسب القمة من خلال حضور الرئيس شي وفعالياته فيها، شرعية وعالمية نافذة ونفاذاً دولياً الى كل الاوساط، لكون الصين الدولة الاقتصادية الأولى في العالم، كنا وللأسباب التالية كذلك:
1/ جمهورية الصين الشعبية بوصفها دولة كبرى في مجال الطاقة النووية ودولة مسؤولة، تولي أهمية غير منقطعة وكبرى للامن النووي، وشاركت فى القمة النووية السابقة، ودعت الى موقف جماعي بنّاء ومُشرّف للجميع. لذا، فقد كان تأثيراً كبيراً لدعوة القيادة الصينية لإلتزام المجتمع الدولي ودول العالم، بموقف واضح يصب في صالح البشرية، ومنع تدهور الاوضاع الدولية نووياً.
ـ كما تُعتبر جمهورية الصين الشعبية واستناداً للأرقام المُعلنة والمُعترف بها دولياً، الدولة الأكثر صناعة للسلع وتصديرها على أوسع نطاق ممكن، والصين أيضا هي الأكبر تشغيلا لليد العاملة العادية والماهرة والاكثر حِراكات للقضاء على البطالة. فقد قفزت الصين اقتصادياً عن الولايات المتحدة، بعدما قفزت بسرعة عن اليابان، التي كانت الثانية بالترتيب الدولي اقتصادياً في وقت مطوي.
لذا، تتمتع الصين لهذا السبب ولأسباب أخرى عديدة، بثقل سياسي واقتصادي يؤهلها ليس للإعلان عن رأيها فقط، بل ليؤخذ هذا الرأي أيضاً بالإعتبار الواقعي والموصول من جانب الدول الاخرى، ليجد تنفيذاً فاعلاً له، ولأجل أن يُؤخذ بعين الاعتبار الشامل، لكونه في صالح مستقبل البشرية وذلك في أروقة المؤتمر القادم، وعلى الصعيد العام وتطبيقات هذا الرأي الذي لا يمكن القفز أو التغاضيه عنه، ذلك ان عهد تسلط الولايات المتحدة على مشاريع القرارات واتفيذ القرارات المُتّخذة في غير صالح الامم والمُقرّة إملائياً قد انتهى الى غير رجعة، فالصين أضحت تتزعم عمليات السلام لا الحرب في العالم، وجاء عهد الصين الشعبية للعمل لأجل تسييد سلام العالم برمته، وتعزيزه اقتصادياً بطريق سلمية، ولتتجاوب معها الشعوب جميعاً، لأن المطلب السلمي والاقتصادي لجمهورية الصين الشعبية، هو مطلب عام لجميع الدول والامم بغض النظر عن توجهاتها ومصالحها.
ـ إن مقترحات الصين والبيان الذي ننتظر الاعلان عنه قريبا بالقمة، وخطة العمل، التي سيتم تبنّيها في قمة واشنطن، ستعكس وجهة النظر الصينية ووجهات انظار بقية الدول، وبالمحصلة سيكون انتصار للصين وسياستها السلمية، والتأكيد على الاهمية الكبرى في قيام الدول بالعمل المطلوب تالياً في مجال الأمن النووي.
2/ الصين تواصل تضغط في سبيل تطبيق سياسة استراتيجية للآمان النووي العالمي من خلال تحديد عدد الدول المَالكة للسلاح النووي وتقليص عديد هذا السلاح الى الصفر، كما ونشر تطبيقات وأسباب هذا الآمان ومراقبته، في السبيل الطويل المُخَاض للتخلص من السلاح النووي والهيدروجيني وغيرها من الاسلحة ذات الدمار الشامل، من اجل تمهيد الطريق لتطبيق سلام حقيقي للبشرية. وفي هذا الصدد فإن تطبيقات المطالب الصينية سيتيح للدول المختلفة تحويل ميزانياتها النووية الحربية الى مجاري وقنوات السلام، وتطوير قدرات الشعوب اقتصادياً.
ـ اقتراحات الصين وأعمالها الحثيثة في مجال الأمن النووي يَصب في منحى هام ومُحدّد، ومنه لضمان عدم سرقة أو انفلات المواد النووية والمشعة ِمن عِقالها، وهي التي ما تزال غير مؤمنة بالشكل الكافي، ولتحقيق التوازن بين الأمن النووي والاستخدام السلمي التنموي للطاقة النووية، ولِما يمكن ان أسمّيه أنا شخصياً بـنظرية: “التنمية المُستدامة للأمن النووي والاقتصاد”، وهي جوهر فعاليات صينية أرى بأنها أصبحت بِناءً متكاملاً من الافكار والتطبيقات لتتشكل في نظرية فعلية وواقعية، ترى وجود رابط أساسي وعالمي وعضوي ما بين اهداف الآمان النووي، وما بين الفِعل والفاعلية الاستثمارية، وتتناغم النظرية مع السياسة الصينية “للسلام” و “الكسب المشترك”، والتمهيد للتطبيق السلس للمشاريع الاقتصادية الصينية في كل العالم، وعلى رأسها المشروع الشامل والدهري الذي أعلن عنه الرئيس شي في عام 2013 بعنوان “الحزام والطريق”، وغيرها من المشاريع الأهم لكل الشعوب وحياتها وإفادتها في المستقبل الأوسع لها.
3/ ألية عمل الصين جماعية في كل المجالات، وبضمنها الآمان النووي وكل ما يتعلق بنشر الآمان المتعدد الأوجه، وكذا الوصول الى نتائج إيجابية تشمل زيادة الوعي الدولي بالأمن النووي، وذلك بفضل الجهود المشتركة لكل المشاركين، وبذلك تؤكد الصين مراراً وتكراراً ان نجاح القمة وغيرها من القمم والانشطة لا يمكن ان يتحقق بدون عملية جماعية تشكّل جميع الشعوب والدول. لذا، فإن العديد من الدول قدمت تقارير، ضمن الاتفاق في اللقاءات السابقة على إعدادها وتقديمها، تتضمن الإعلان عن جهودها في مجال “التقدم الوطني” في عملية الأمن والأمان النووي، وحدّدت بالتفصيل الإجراءات الوطنية و تعزيز قدرة الأمن النووي في الفضاء الوطني، تماماً كما تم تبنّيها بالتوافق الخاص لقمة واشنطن .
4/ كذلك، يَنسحب موقف الصين الحازم على قضية إدارة المواد النووية، ومكافحة الإتجار الواسع و/أو الجماعي و “الفردي” الغير المشروع في المواد النووية، والدعوة لتعزيز التعاون والمساعدات الدولية في هذه العناوين الخطرة.
5/ تلعب الصين دوراً فريداً في حماية حق الدول النامية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، والصين بذلك حارس أمين على مصالح الدول النامية، إذ أن الانظمة الاستعمارية التقليدية ترى لزوم العودة الى مجالات الهيمنة الدولية المباشرة، من خلال منع الدول النامية والفقيرة من استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية. فالآلية النووية السلمية تتيح للدول الثالثية النهوض الاقتصادي، والانتعاش، والاعتماد على نفسها، وهو الأمرالذي لا ترغب به الدول الصناعية الغربية الكبرى، بينما ترحّب غالبية دول الأرض بالموقف الصيني، الذي يُبصّرنا بأن الخلل الموجود في أنظمة الأمن النووي في الدول الأخرى وينتشر في دول حليفة للولايات المتحدة ومحاددة للصين، مِن المرجح أنه يُهدّد الصين.
6/ ترى الصين تحويل منطقة آسيا – الباسيفيك الى منطقة سلمية وخالية من التهديد النووي. لذا، موّلت الصين مؤخراً مركزاً يبحث في هذا المجال إسمه مركز التميز للأمن النووي، يُسهم في تشجيع التعاون بين الدول بشأن تكنولوجيا الأمن النووي.
المركز الجديد يقع في مدينة تشانجيانغ للعلوم والتكنولوجيا، وهو مشروع مشترك للهيئة الصينية للطاقة الذرية وإدارة الطاقة الأمريكية، وستكون مهمته تدريب2000 من الكوادر المسؤولة عن الأمن النووي بالصين، ومن الدول الواقعة في منطقة آسيا – الباسيفيك على البرامج الخاصة بالأمن النووي كل عام، وفقا لتصريحات من رئيس هيئة الطاقة الذرية الصينية “شو دا تشي”.
وقد شُرع في بناء المركز عام2013 ويضم بداخله معامل وقاعات عرض وفصولا ومناطق لإجراء الاختبارات، إضافة إلى أماكن مخصصة لتدريبات فرق الاستجابة لأية حالة طوارئ نووية.
تتضمن برامج المركز رقابة وحماية المواد النووية، وإدارة عمليات تصدير واستيراد تلك المواد وتبادلها دوليا لمكافحة محاولات تهريبها، وسيدعم المركز قُدرات وسياسة الصين والعالم، فيما يَخص الأمن النووي، كما سيُصبح قاعدة إقليمية هامة للتبادلات والتدريب فى هذا المجال، ما سيساعد في تعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية .
7/ يتوافق موقف الصين النووي ومطالبتها بالآمان النووي، مع سياستها التي طرحتها في الكتاب الأبيض حول الدفاع الوطني، وتقوية الشفافية العسكرية، وتعزيز ثقة العالم في التزامها بالتنمية السلمية، ورفض السعي مطلقاً الى الهيمنة، وعدم تبنّيها أسلوب التوسّع العسكري في كل زمان، بغض النظر عن كيفية تطور الاقتصاد.

كما وتتناغم السياسة النووية للصين مع مساعيها الحثيثة الى تطبيق أهداف الدفاع الوطني الصيني في العهد الجديد، وتتلخص في: حماية السيادة الوطنية/ وأمن ومصالح التنمية الوطنية/ والحفاظ على التناغم الاجتماعي والاستقرار/ وتسريع تحديث الدفاع الوطني والقوات المسلحة/ والحفاظ على السلام والاستقرار العالمي.
إذ ان الصين تعمل على تعزيز إقامة آلية عادلة وذات منفعة متبادلة وفعالة لبناء الثقة العسكرية، من خلال المشاورات والحوار الاستراتيجي، وتدابير بناء ثقة أكثر إتّساعاً، ومواصلة الحوارات والتعاون بشأن الأمن البحري، والتعاون في الأمن الاقليمي والتبادلات العسكرية مع الدول الأخرى.
كما وتولي الصين أهمية فائقة وتقوم بدور نشط في الجهود الدولية في مجال الحد من التسلح، ونزع السلاح وعدم تكاثره وانتشاره، تبعا للكتاب الأبيض.
وتلتزم الصين بالوفاء التام بدور الأمم المتحدة في تلكم المجالات، وكذلك في إطار المنظمات المعنية والآليات المتعددة الأخرى ذات الصِّلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.