موقع متخصص بالشؤون الصينية

المسيحية في الصين.. إنطباعات عن زيارات ومشاهدات

0

MarwanSudah

موقع نورسايت الإخباري ـ
مروان سوداح*:
تعاليم السيد المسيح له المجد تزدهر في الصين سنة بعد أخرى. فالمسيحية الحق لا تهدف للتدخل في أية قضايا داخلية أو خلافية، ولا للتأمر على أحد أو الاستعداء، بل تدعو لصلاح المجتمع، إنسجامه وتعزيز نموه وشخصيته، وللعمل في سبيل سيادة المُثل الراقية في البشرية. فالشعوب كافة تتحدر من نبع واحد هو الله الواحد الأحد، والمسيحية في كل مكان وفي الصين كذلك، تتفق في تطلعاتها الروحية السامية.
هنالك نفر قليل من المسيحيين بخاصة خارج الصين، يُحاول أن يستخدم المسيحية كرأس حربة ضد الصين وبوجه غيرها من الدول والحكومات والشعوب، بترويج ما يُسمّى بـ”حتمية” زوال دول ما، وحلول دول ما أُخرى محلّها. وفي سبيل تحقيق مآربهم، يُحاول هؤلاء تغيير وجهة الكتاب المقدس والتعاليم، ويعملون على ليّها لمصالحهم الضيّقة. هذه التوجهات والاستهدافات  مرفوضة تماماً، كما إعلامياً وفكرياً وكذلك إجتماعياً، وهي لا تدخل في صلب المسيحية وتعاليمها، ولا هي بصورة حقيقية عنها، بل انها أيضاً مزوّرة ومشوّهة وغريبة عنها.   في زياراتي إلى الصين وهي بالعشرات على مدار عشرات السنين، زرت خلالها الكنائس وتعرّفت على حياة المسيحيين والمسلمين عن كثب، ولمست كيف أن المسيحية في الصين – وليس “المسيحية الصينية”  كما يَحلو للبعض وصفها خطأً – هي جزء رئيسي في الحياة الصينية وأحد مكوّناتها. فغالبية المسيحيين في الصين هم صينيون أباً عن جدٍ، ويتحدثون باللغة الصينية، ويقرأون الإنجيل المقدّس بالصينية، وبلغات القوميات الاخرى في الصين، وهي كثيرة.
وفي الاحصائيات فقد بلغ عديد قوميات الصين 56 قومية، منها قوميات تدين بالإسلام، وبغير الإسلام والمسيحية من العقائد والأديان، وتسلك توجهات مختلفة ومتباينة. فلكل شعب من الشعوب في الصين عاداته وتقاليده وسحنته ولونه ولغته الخاصة به، أضف إليها موسيقاه وأغانيه ورقصاته وطريقة مميزة بفهمه العالم من حوله، وكلها ألوان ثقافية تُثري الثقافات الإنسانية والحضارة العالمية الواحدة، وتأخذ بيد الامم في ظل السلام، الى تحقيق المزيد من النجاحات ووقف الحروب والعنف والأمراض الاجتماعية.
والمسيحي الصيني يتمتع باحترام واضح وجَلي في الأوساط المحلية في الصين، ذلك أنه بالعموم لا يتدخل بالشؤون الدولتية، ويَحترم ما لقيصر، ويُسدّد لقيصر ما عليه، ويحترم مطالب الدولة الصينية بالاخلاص لها والعمل الاجتماعي النافع والاختراعات والاكتشافات والجهد المُمَيز الذي يميز الصينيين عن غيرهم، لذا نراه مِثالاً يُحتذى، كما هو غيره من أبناء جلدته من مواطني البلد.
والمواطن الصيني يتمتع بحريات واسعة، منها السياسية، والاجتماعية والاقتصادية والفردية، وهناك أعداد ضخمة من الصينيين يزورون دول العالم بدون أية عوائق ومنها الاردن، وعشرات الأُلوف منهم يدرسون في جامعات أجنبية، أو يعملون في بلدان العالم سوياً مع عائلاتهم، وهم كُثر في الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب والشرق كما في روسيا. ويسافر الصيني سياحةً وعملاً لعشرات بلدان الأرض، هو أمر متاحٌ وطبيعي لديهم ولدى الدولة الصينية الصديقة، التي غدت دولة عالمية وجاذبة لكل الامم والشعوب بإقتصادها الأكثر ازدهاراً، ولكونه اليوم قد صار الاقتصاد الأول في العالم،  من حيث الانتاج السلعي والتصدير البضائعي للبلدان الاخرى.
في الاردن نشاهد يومياً مئات الصينيين الذين يزورون الوطن، وهم اليوم سيّاح كُثر وأغنياء يتردّدون على مواقع وأماكن تاريخية وسياحية واستجمامية عديدة، منها البحر الميت، والبترا، ووادي رم، والعقبة، ويستمتعون بحضارة الاردن في شواهها الماثلة للآن بشموخ في الشمال والجنوب والعاصمة عمّان. وللحديث بقية.

 

  • صحفي وكاتب متخصص بالشأنين الصيني والروسي ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.