موقع متخصص بالشؤون الصينية

مُسلمو الصّين.. (الأضحى) وحريات المسلمين

0

mhamad-tweimi1-china-adha

موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:

 

قريباً يَحتفل المُسلمون عامة ومسلمو الصين بخاصةٍ بعيد الأضحى المُبارك. ففي الصين حيث يعيش ما بين 20 إلى 30 مليون مسلم صيني بحسب مختلف المراجع الصينية ، تكون الاعياد بهيجة جداً ، وشاملة ، وفيها تنبعث التقاليد وتزدهر ، ويتم عادة إحياء العادات المتوارثة التي تختلط بالضرورة بالمُعَاصَرةِ ، فيكون الاندماج بين الماضي والحاضر في صور وهّاجة تبعث السرور والراحة النفسية ، فتتعمق المحبة الاجتماعية مابين المسلمين أنفسهم ، وما بينهم والشعب الصيني عموماً.

الأُمة الاسلامية تحتفل بمجموعها بالعيد في وقت واحد ، وتتلو صلوات واحدة ، وأدعية موحَّدة . لذا تكون كلمتها الامة سواءً ، وباعثة على الاطمئنان لدى غيرها من الأديان والقوميات والشعوب والامم والدول وقادتها ، ما يزيد في لحُمة الانسانية عامةً وأصحاب القوميات المختلفة في أرجاء الكون ، وتتعمق تناغمات الأجناس والألسن التي ساوى الاسلام بينها كأسنان المشط وعلى نحو باهر وعالمي .

وفي الصين حيث سُررت بزيارة العديد من المواقع الاسلامية التي تحافظ الدولة الصينية على وهَجها وجماليتها ومكانتها على نفقتها المركزية ، ومن بينها المساجد القديمة الرائعة ، وحيث التقيت المسلمين الصينيين ، اقتنعت بأن المسلمين هناك – وهم خليط من قوميات يَصل عددها الى نحو عشر قوميات ـ يحافظون على دينهم ولغاتهم ومكانتهم برغم محاولات قوى خارجية حرفهم عما هم فيه وعليه من حرية ومساواة كاملة مع جميع مواطني الدولة ، التي تحترم الاديان والالسن والقوميات ومواطنيها جميعاً ، وتضمن لمواطنها الصيني حقّه القانوني الكامل في كل مجال وموقع ، وتمنع التغوّل عليه والنيل من معتقده وفكره وموقعه ، وهي حريات يضمنها روح القانون وحرفه على حد سواء في الشارع والمؤسسة والمصنع والحضانة والمدرسة والجامعة ، وليس أخيراً في البرلمان الصيني نفسه حيث ممثلي المسلمين هناك أعضاءً فاعلين ، فتتفوق الحريات الصينية على تلك الحريات الغربية ، حيث يتم في هذه الايام بالذات النيل من المسلمين ، وحرمانهم من حقوقهم القانونية في اوروبا ، وتهدر عاداتهم ويمنعون من تقاليدهم بدون وجه حق وضعي ، قانوني أو سماوي .

 

مسلمو الصين يسكنون بسلام واطمئنان في مختلف المدن والقرى والمناطق الذاتية الحكم بالصين ، لكن اغلبيتهم تسكن في نواحي محددة تاريخياً ، حيث أعاروها جُل عنايتهم ، لذا يُسمونهم سكان الجبال ، حيث يمكنهم ان يجولوا ويصولوا بعيونهم في رياح الارض الصينية بأكملها ويستمتعون بها وبجمالها وبيئتها الآسرة.

مُسلمو الصين في أغلبهم كانوا سكنوا جبال الصين العالية في بداية هجرتهم للصين – لدى اشتغالهم بطريق الحرير القديم – من بلاد العرب والاردن والشام الكبرى وفارس وسلطنة عُمان ،  وبعضهم اندمج مع السكان المحليين وتقرّب من قياصرة الصين ، حتى حصل منهم على حظوة كبيرة ، ونال شهرةً طاغية ، وتمتع بمكانة تفوق ما كانوا يَحلمون به في اوطانهم الاصلية على اختلافها !

في الصين تحافظ العائلات الصينية على قراءة القرآن الكريم ، والصلاة جماعةً ، ويقدمون الطعام لرقيقي الحال والعجزة وكبار السن ، ويخدمونهم في كل الاوقات والساعات ، وبخاصة في الاعياد كالاضحى المبارك ، ليشعروهم بالعناية والحدب والمحبة والاخوّة ، وبأنهم جزء من عائلة اسلامية وأُسرة صينية واحدة وكبيرة ومترامية أطرافها في بلاد الصين وجهات العالم .

وفي العيد تكون الذبائح والحلويات وإعداد الاطعمة الشعبية التي تشابه تلك العربية الى حد بعيد ، بخاصة الخبز ومنه خبز الطابون ، والاطباق المكوّنة من اللحوم والمرق والمشاوي بأنواعها . وما يجعل الاعياد والمسلمين أكثر بهجة هو ان الحكومة الصينية الموقرة والبعيدة البصر والبصيرة ، تقر العطل الدينية للمسلمين ، ومن ذلك في تلك المناطق ذاتية الحكم وذات الكثافة السكانية المسلمة ، مثل منطقة شينجيانغ ومنطقة نينغيشيا ذاتية الحكم ، والثانية تقطنها غالبية سكانية تنتمي لقومية “هوى” و هناك  في تلك المناطق تتوقف العملية الدراسية في المدارس والجامعات الصينية ، وتعطل الدوائر والمؤسسات الحكومية أعمالها رسمياً ، كي يتفرغ المسلمون للاحتفال بالعيد السعيد الذي يُسعدُ جميع الاصدقاء والاخوة الصينيين .

 نتمنى للمسلمين الصينيين عيداً سعيداً ، ونضرع لله العلي القدير وهو سميع ومجيب الدعاء ان يُحافظ على جمهورية الصين الشعبية الحليفة والعظيمة من كل مكروه وكرب وبلاء ، وأن يأخذ بيد قادتها الاصدقاء الى مزيد من رفعة البلاد والعباد والازدهار والمنعة والقوة ، بما يرد الاعداء المشتركين والخصوم ، ويحبط كيد أدعياء الصداقة ولفيف المتلونين وجماعات الطامعين ، وان يَهبها أسباب السلام والاستقرار المديد . وكل عام والصين دولة وشعب ومسلمين وعالم العرب والامة الاسلامية والعالم كله بخير عميم ومحبة شاملة وكاملة.

*عضو ناشط في الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين ، ومسؤول الملف الاسلامي في الصين ، ومسؤول المطبوعات والمنشورات “بالاتحاد الدولي” .

*المراجع، مرجع واحد فقط:

http://arabic.people.com.cn/31664/7201450.html

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.