موقع متخصص بالشؤون الصينية

المَبعوُث الصّيني لسوريا والسِّياسة الصّينية

0

yelina-nedogina-china-syria

موقع الصين بعيون عربية ـ
يلينا نيدوغينا*:

 

كانت زيارة سعادة السيد السفير شيه شياو يان الذي يَشغل منصب مبعوث جمهورية الصين الشعبية  للملف السوري، الى الاردن، متميزة في عدة اتجاهات، وتكتسب معاني معينة وذات أبعاد مهمة. فبرغم ان القضية التي يبحث فيها المبعوث الصيني ويشتغل عليها هي سورية حصراً، ويُعتقد ان العمل الاول فيها هو في الداخل السوري ومع الرئيس والقيادة في سوريا، إلا أن العمل الصيني الرسمي بشأن المسألة السورية بات يجري كذلك مع دول الجوار السوري، ولا يتوقف عند الحد السوري السياسي والجيوسياسي ذاته.

الصين كانت دوماً متحفظة جداً على كل كلمة تخرج من صحافتها الرسمية وغير الرسمية بشأن الاحداث في سوريا وفلسطين و “الشرق الاوسط”، بل وكذلك بصدد مختلف النزاعات الدولية، ومنها البعيدة جغرافياً عن الصين، ويستمر هذا الموقف الصيني على حاله حتى اللحظة، برغم ان بكين خطت خطوة كبيرة وغير مسبوقة أبداً في تاريخها منذ حركة الاصلاح والانفتاح في عام1978، بإعلانها عن خطوات حكومية مهمة تجاه سوريا، لكن جوهر الحركة الصينية بقي باعتقادي مغلفاً بطبقات كثيفة من السرية والتحفّظ، ما يعكس، كما يبدو، تردّد الصين بحمل دور كبير وفاعل في الازمة السورية وما حول سوريا وبشأن عناصر ومنظمات الارهاب الدولي.

سوريا اليوم تواجه حرباً عالمية ثالثة، ما يَعني ان خوض الصين في جبهتها الحربية يؤكد التورط في الصراع الدائر على الارض السورية، والانزلاق الى نزاعات وصراعات اخرى مع تلك الدول التي تواجه الصين في بحري الصين الشرقي والغربي، ومنها الولايات المتحدة الامريكية ودول في غرب وشرق اوروبا، وشرقي آسيا وجنوب شرقي آسيا، لذا يبدو أن بكين تنبّهت الى كل هذه الاحتمالات الضاغطة، لذلك نرى كيف تحافظ الصين من خلال مبعوثها الصيني وتصريحاتها والمواد المنشورة في صحافتها، على لهجة وسطية أو شبه وسطية تجاه الملف السوري والقضية الفلسطينية، ولا تذهب بعيداً في المجال السياسي والحربي وتستخدم كلمات تقليدية لا تثير سياسياً، وهو أمر يعاكس كلياً طبيعة وسلوكيات السياستين الروسية والإيرانية ودول أخرى تتحالف الصين معها.

وما يقودنا ويدعونا الى مثل هذا التحليل عوامل وسلوكيات صينية عديدة منها  التقدير و/أو الشكر الذي أعرب عنه المبعوث الصيني لشخصيات أجنبية على شاكلة (دي مستورا)، وإشادته بجهودها ودعمها، بالإضافة الى”تقديره للجهود المقدمة من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في دفع العملية السياسية وتقديم الخدمات الانسانية” وهو ما تحدثت عنه الصحافة الصينية نفسها بالحرف.

مواقف المبعوث الصيني تؤشر الى ان الصين لن تتخلى قريباً عن الرسمية والدبلوماسية المفرطة في التعامل مع الازمة السورية وتداعياتها العديدة، فهي من جهة لا ترغب بمواجهة دبلوماسية مباشرة مع واشنطن وأصحابها في مختلف القارات ما قد يضعف الاندفاعة الاقتصادية والاستثمارية الصينية في العالم، ويؤخر اندفاعة البنك الصيني الآسيوي، الى غيره من المشاريع الكونية المذهلة؛ ومن جهة اخرى لا تريد أي تصادم مع غيرها من العواصم الغربية وتلك غير الغربية الداعمة للسياسة الامريكية، لكن الصين لن تتخلى عن مواقفها الحقيقية تجاه الازمات التي يَفتعلها الغرب السياسي في العالم في سبيل تحريك مجمعاته الصناعية – العسكرية، ومن ذلك بالمنطقة العربية، التي لا تبعد كثيراً، بكل المعاني، عن الحدود الصينية، وتلامس المصالح الاستراتيجية الصينية اقتصادياً وسياسياً وإنسانياً.

*رئيسة تحرير سابقة للملحق الروسي، وكاتبة وعضو مؤسس ورئيسة الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.