موقع متخصص بالشؤون الصينية

تقرير: لماذا إختارت الصين مدينة هانغتشو لتنظيم قمة العشرين؟

0

hangzhou3

صحيفة الشعب اليومية أونلاين:

ستفتتح قمة العشرين أعمالها في 4 سبتمبر الجاري بمدينة هانغتشو الصينية التي ستكون محط أنظار العالم خلال مدة إنعقاد القمة، وقد ظلت القمم السابقة لمجموعة العشرين تعقد في مدن ذات إشعاع دولي، مثل واشنطن، لندن، تورنتو وسانبترزبورغ، وفي أول مرة تستضيف الصين أعمال هذه القمة، إختارت مدينة هانغتشو وليس بكين أو شنغهاي. فما السبب؟

تعد هانغتشو مدينة قديمة وتتميز بمعالمها التاريخية وبتراثها الثقافي. كما تتميز بتنوعها البيئي من جبال خضرة ومياه، وتعرف أيضا بطيبة أهلها، ماجعلها تصبح وجهة سياحية للمشاهير. لكن خلال العقدين الآخرين باتت هانغتشو تعرف بعدة معالم جديدة.

في هذا الصدد، أظهر تقرير أصدرته جامعة بكين في أبريل الماضي تصدر هانغتشو لمؤشر مالية الإنترنت في الصين. في حين حلت بكين التي تحتوي على الشارع المالي والحي التكنولوجي تشونغ قوانتسون، وشنغهاي التي تحتوي على لوجيازي في المرتبتين السابعة والثامنة.

كما باتت هانغتشو تتصدر مدن العالم في الدفع عبر الأجهزة المحمولة. حيث تدعم أكثر من 98% من سيارات الأجرة وأكثر من 95% من الفضاءات التجارية وأكثر من 50% من المطاعم في هانغتشو عمليات الدفع عبر الأجهزة المحمولة، وهناك حتى بعض أسواق الخضار والبائعين الذين يتعتمدون الهاتف في إتمام عمليات البيع.

تعد هانغتشو أيضا واحدة من بين أهم ثلاثة مراكز للأبتكار في الصين إلى جانب كل من بكين وشنجن، وتظهر آخر المؤشرات أن هانغتشو هي المدينة الأسرع نموا في مجال الإبتكار.

هانغتشو هي عاصمة التجارة الإلكترونية أيضا، وموطن خدمات التسليم السريع ومركز مالية الإنترنت دون منازع، وهي تمثل المدينة الصينية الأكثر ريادة في الإقتصاد الجديد. وهي المدينة الأقلية التي تتجاوز فيها نسبة مساهمة القطاع الثالث في الناتج المحلي 60%.

hangzhou4

كما أن شبكة إستئجار الدرّاجات العادية العامة في هانغتشو، هي الوحيدة التي تم إختيارها من قبل بي بي سي ضمن قائمة “أفضل المدن من حيث خدمات الدراجات العادية العامة في العالم”.

لقد جمعت هانغتشو كل المجد الذي تحلم به أي مدينة، من الحياة إلى التجارة، ومن العلوم إلى التكنولوجيا.

إعتمدت هانغتشو في تطورها السريع أساسا على الإبتكار. وفي هذا السياق يمكننا الحديث عن نقطتين أساسيتين.

hangzhou2

أولا، على عكس بقية المدن، قامت هانغتشو في بداية الألفية الجديدة بهدم السور الذي يحيط بالبحيرة الغربية، وألغت تذاكر الدخول، ومن ثم غدت أول مدينة صينية تلغي تذاكر الدخول إلى المناظر الطبيعية من صنف 5-أ. في المقابل، قامت عدة معالم طبيعية وأثرية أخرى برفع أسعار تذاكر الدخول من عشرات اليوانات إلى مئتين أو ثلاثمئة يوان. وقد هدفت هانغتشو من خلال هذه الخطوة إلى عدم التعويل على السياحة كقطاع أساسي، بل إعتمادها للدخول إلى قطاعات صناعية أخرى وتطوير صناعات جديدة.

بعد قرار إلغاء تذاكر الدخول إلى البحيرة الغربية، إرتفع عدد السائحين 2.1 مرة خلال 10 سنوات، وزادت مداخيل السياحة بـ 3.7 أضعاف لتتجاوز أكثر من مائة مليار يوان.

إرتفاع تدفق السياح إلى هانغتشو أسهم في دفع أعمال المطاعم والفنادق والتجزئة والمواصلات، ومن ثم تخلصت من الإعتماد الاحادي على عائدات التذاكر، وتمكنت من تحفيز كامل قطاع الخدمات.

تضاعفت سرعة نمو قطاع الخدمات في هانغتشو 9.3 مرة خلال 15 عاما، وهو مستوى أعلى بكثير من المدن السياحية الأخرى مثل شيآن وقويلين، اللتان تضاعفا فيهما نمو هذا القطاع قرابة 5 مرات خلال نفس الفترة.

النقطة الثانية، وهي الأهم: الآداء القوي لشبكة الإنترنت.

أسس مايون (جاك ما) شركة علي بابا عام 1999 بمدينة هانغتشو، وتحولت هذه الشركة في ما بعد إلى عملاق خدمات الإنترنت في الصين. ومن أبرز المظاهر على التأثير الكبير للإنترنت على الإقتصاد الصيني، نجد مدينتين صينيتين تسجلان مؤشرات تأسر العين في ظل التراجع الشامل للإقتصاد الصيني، وهما هانغتشو وتشونغ تشينغ. حيث حققت المدينتان نسبة نمو برقمين خلال النصف الأول من العام الحالي، وحلّتا تباعا في المرتبة الأولى والثانية على مستوى الصين.

hangzhou1

تتمتع كل من هانغتشو وتشونغ تشينغ بمميزات خاصة، لذا يرى البعض أن “نموذج هانغتشو” و”نموذج تشونغ تشينغ” يمثلان طريقين مختلفين بالنسبة للإقتصاد الصيني.

يتمثل الإختلاف بين النموذجين في تركيز تشونغ تشينغ على قطاع التصنيع، في حين تعتمد هانغ تشو بشكل رئيسي على قطاع الخدمات.

ويكمن سر نجاح “نموذج تشونغ تشينغ” في نجاح المدينة في تحقيق التحول الصناعي، حيث أصبحت أكبر قاعدة لتصنيع السيارات في الصين، وتستحوذ على 40% من كمية الحواسيب المصنعة في العالم.

أما سر نجاح” نموذج هانغتشو” فيعود أساسا إلى قطاع الخدمات، وخاصة مختلف القطاعات ذات الصلة بالإنترنت، مثل مالية الإنترنت، التجارة الإلكترونية، البيانات الكبرى، وغيرها من القطاعات التي حققت نموا سريعا. إذ فاقت مساهمة إقتصاد المعلومات في نمو الناتج المحلي لهانغتشو 50% في عام 2015.

تعرف هانغتشو قديما بإسم “جنة الأرض”، أما الآن فباتت تعرف بإسم “الجنة والسيليكون فالي”. يرمز إسم “الجنة” إلى المناظر الطبيعية الخلابة من جبال ومياه في هانغتشو، ويعبر السيليكون فالي عن الإبتكار والتقدم التكنولوجي في المدينة. ومع إحتضانها لقمة العشرين، ستتسلط أضواء العالم على هذه المدينة الحالمة، فلننتظر بشغف المظهر ستظهر به هانغتشو خلال القمة، والإنطباع الذي ستتركه لدى العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.