موقع متخصص بالشؤون الصينية

السفير الصيني وانغ كيجيان: العالم كله الآن يراقب السياسات المستقبلية لإدارة ترامب ونحن كذلك ننتظر ونراقب

0

wang-kijian-interview4

 

يبدو السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان متفائلاً جداً بمستقبل العلاقات الصينية ـ اللبنانية، ويتوقع حصول تطورات مهمة على خط بكين ـ بيروت، فـ ” لبنان يتميز بالقطاع المصرفي المتقدم والنشط والتجار ورجال الأعمال، وقطاع الأعمال ناشط، وأيضاً الصلات بالجاليات اللبنانية المنتشرة في كل العالم”، إلى ذلك “يتميز لبنان بقطاع ثقافي وحضاري متطور ومزدهر جداً وهناك تواصل كبير من ناحية الفنون والعروض الفنية وتعليم اللغة الصينية والترجمة المتبادلة”. كل هذا يجعل السفير يجزم: “هناك مستقبل واعد للعلاقات بين البلدين، ونحن في السفارة سنبذل قصارى جهودنا للدعم في هذا الاتجاه”.

وبقدر ما يبدو السفير متفائلاً في هذا المجال، فإنه كان حذراً في الحديث عن موضوع دولي مهم، وهو المرتبط بالعلاقات الصينية الأميركية بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، فـ ” معلوم أن تصريحات المرشحين للرئاسة في أمريكا ليس بالضرورة أن تكون هي نفسها سياسات المرشح عندما يتولى الإدارة”، ولذلك “لا نعلق على التصريحات في الحملات الانتخابية”.

إلا أن هذا الحذر لم يمنع السفير من التأكيد على أن “الصين وأمريكا دولتان كبيرتان في العالم، وكون الصين أكبر دولة نامية، وأمريكا أكبر دولة متقدمة، فالحفاظ على العلاقة الصينية الأمريكية الجيدة يخدم مصلحة الجانبين ويخدم العالم بأسره”.

من أجل ذلك يقول السيد وانغ: “العالم كله الآن يراقب السياسات المستقبلية لإدارة ترامب عندما يتولى الإدارة، ونحن كذلك ننتظر ونراقب”.

ومن التفاؤل إلى الحذر إلى ما يشبه التشاؤم، وهو الشعور الذي أبداه السفير الصيني في حديثه عن الوضع في سوريا، فـ “للأسف الشديد الأزمة السورية مستمرة حتى الآن منذ عام 2011 والحرب مستمرة في سورية والصراع قائم بين اللاعبين الإقليميين والدوليين والمحليين”.

هذا التشاؤم لم يمنع سعادة السفير من تأكيد موقف بلاده من الأزمة السورية والذي يقوم على أربعة محاور: وقف الحرب، المفاوضات السياسية، إيصال المساعدات الإنسانية ومحاربة الإرهاب. وفي الموضوع الأخير بالتحديد يؤكد السيد وانغ موقف الصين قائلاً: ” نحن نؤيد ونساهم في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وندعم الجهود الروسية في مكافحة الإرهاب في سورية ونحن نتعاون مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب”، ولا يتردد في القول إن هناك تعاوناً بين الصين والحكومة السورية في هذا المجال: “هذا اجماع دولي ونحن علينا مسؤولية، وأيضاً من أجل تأمين الأمن الوطني الصيني”.

مقابلة مركّزة أجراها فريق “موقع الصين بعيون عربية” مع سعادة السفير وانغ كيجيان في الأشهر الأولى لاستلامه منصبه كسفير لبلاده في لبنان. وضم الفريق مدير الموقع محمود ريا، الباحث في الشؤون الدولية الدكتور حسام مطر، ورئيس التحرير علي ريّا.

وهذا نص المقابلة:

 

wang-kijian-interview1

 

سؤال: ما رؤيتكم لأفق الأزمة في سورية؟

 

وانغ كيجيان: للأسف الشديد الأزمة السورية مستمرة حتى الآن منذ عام 2011 والحرب مستمرة في سورية والصراع قائم بين اللاعبين الإقليميين والدوليين والمحليين. وفي اعتقادي أن الأزمة السورية لم تعد أزمة خاصة بسورية فقط بل أصبحت مسألة إقليمية ودولية. وهناك اتفاق دولي بأنه ليس هناك مستقبل لحل عسكري في سورية مهما كان.

لقد خدمت في سورية سنتين وشهرين قبل مجيئي إلى لبنان، وكنت سفيراً هناك، وتحدثت مع الجهات المختلفة، سواء كانت الحكومة أو المعارضة أو الفئات الشعبية، فالكل متفق على أنه لا يوجد هناك أمل بحل عسكري، إنما الحل السياسيي هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة ولإنهاء الأزمة. هناك جهود دولية في هذا الاتجاه كمؤتمرات جنيف وفيينا ومجموعة الدعم الدولية حول سورية والاتفاق الروسي الأمريكي حول الهدنة وإيصال المساعدات الإنسانية، وهذا أمر جيد. لكن للأسف حتى الآن لم بتم التوصل إلى أي اتفاق بين السورييين أنفسهم حول صيغة التسوية النهائية.

برأيي أن هناك أربعة محاور رئيسية فيما يتعلق بسورية:

أولاً: وقف الحرب. هذا أمر لا بدّ منه، وهو أساس لأي تسوية سياسية أو حوار سياسي بين السوريين.

المحور الثاني: هو المفاوضات السياسية أو عملية سياسية وفقاً لما يتفق عليه المجتمع، ومن الضروري أن يكون هناك عملية سياسية بإدارة السوريين وبين السوريين ليتفقوا على صيغة التسوية ويتفقوا على أي أمر مثل نظام سياسي مستقبلي أو طبيعة الدولة أو على قيادة الدولة وما شابه ذلك، لكن بشرط أن يكون بين السوريين أنفسهم.

المحور الثالث: هو إيصال المساعدات الإنسانية. الشعب السوري هو الذي عانى وخسر ودفع الثمن في الحرب الدائرة في سورية، ويجب تأمين المساعدات الإنسانية لجميع المناطق في سورية ولجميع المحتاجين من السوريين، ليس فقط في سورية، بل في الدول المجاورة كلبنان. لديكم أكثر من مليون ونصف نازح سوري موجود في لبنان، وهناك ضرورة ملحة لإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين واللاجئين السوريين أينما كان.

المحور الرابع: هو مكافحة الإرهاب. لقد أصبحت سورية مصدراً رئيسياً للإرهاب الدولي المتمثل في داعش والنصرة، وأصبحت داعش والنصرة تهديداً واقعياً، ليس فقط في سورية، بل في العراق ودول مجاورة، وفي أوروبا وأمريكا وروسيا والصين. والإرهاب هو عدو مشترك للبشرية وللمجتمع الدولي، وهناك اتفاق دولي أيضاً لتضافر الجهود لمكافحة الإرهاب.

ومن جانب الصين، نحن ندعو بقوة إلى وقف العنف ووقف الحرب في سورية وندعم ونساهم في إيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين في داخل سورية وفي الدول المجاورة وقدمنا مساعدات ودفعات كثيرة إلى سورية وإلى دول مجاورة مثل لبنان والأردن وتركيا الخ، بطرق ثنئاية أو عن طريق الوكالات الدولية. وأيضاً في ما يتعلق بالمفاوضات السياسية نحن على اتصال مع الحكومة والمعارضة في الداخل والخارج لحثّهم على الجلوس مع بعضهم لبدء الحوار والمفاوضات السياسية فيما بينهم ليتفقوا على ما يخدم المصلحة الأساسية للشعب السوري.

أي أمر يتمخض عن هذه المفاوضات السياسية بين السوريين نحن معه، نحن نؤيده طالما أنه اتفاق سوري ـ سوري.

أما في مجال مكافحة الإرهاب، نحن نؤيد ونساهم في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وندعم الجهود الروسية في مكافحة الإرهاب في سورية ونحن نتعاون مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب.

سؤال: هناك تعاون أيضا مع الدولة السورية في مجال مكافحة الإرهاب؟

وانغ كيجيان: نعم (هناك تعاون) في مجال مكافحة الإرهاب، لأن هناك اجماعاً دولياً على مكافحة الإرهاب مثل داعش والنصرة. هذا اجماع دولي ونحن علينا مسؤولية، وأيضاً من أجل تأمين الأمن الوطني الصيني.

سؤال: هل هناك تقديرات لديكم عن عدد الصينيين الموجودين في سورية يقاتلون إلى جانب الجماعات الإرهابية؟

وانغ كيجيان: هناك أخبار تتحدث أنهم بين مئات وآلاف، ولا أعرف بالضبط عددهم، لأنهم دخلوا سورية بطرق غير شرعية وليس هناك إحصاء دقيق.

وبالنسبة إلى مستقبل سورية ومن خلال اتصالاتي مع الشخصيات اللبنانية ومن خلال اطلاعي على الصحف والانترنت، كل التقديرات تشير إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب سينتهج سياسة ربما تكون مختلفة قليلا عن إدارة أوباما، حيث أكد خلال الحملة الانتخابية على استعداده للعمل مع روسيا وبوتين والتركيز على ضرب داعش، وهذا أمر جيد باعتقادي، وسيعزز الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، وقد يساهم أيضا في تهيئة الظروف المؤاتية لأي تسوية سياسية في المستقبل.

وأنا من جهتي آمل أن يتحقق ذلك ولننتظر ونرَ كيف سيترجمها إلى سياسة ملموسة عندما يتولى الإدارة.

سؤال: هل لديكم خطط لإعادة الاعمار؟ هل تعدّون اليوم خططاً للمساهمة في إعادة إعمار سورية أم أن هذا الأمر لا يزال مبكراً؟

وانغ كيجيان: الصين وسورية بلدان صديقان، والعلاقة مع سورية جيدة جداً ونحن نقدّم مساعدات اقتصادية وإنسانية لسورية باستمرار، ونحن نتعاطف مع ما يعاني منه الشعب السوري من الحرب والدمار، ونحن مستعدون للمشاركة والمساهمة في إعادة الإعمار في سورية إذا ما توفرت الظروف المناسبة، وهي الوضع الأمني هناك في سورية، ورفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سورية.

 

wang-kijian-interview3

 

سؤال: تفضلتم وتحدثتم عن ترامب. كتبت أنا مقالاً قبل أيام بعنوان”الصين بين احتمالات ترامب ويقينية كلنتون العدائية” هل توافقني على هذا الكلام، أن الصين تنظر إلى ترامب وهي تنتظر منه الأفضل، بينما هي كانت قلقة إلى حد ما من استمرار سياسة أوباما من خلال كلنتون في احتواء الصين في شرق آسيا؟

هل الصين أكثر ارتياحاً ـ بغض النظر عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى ـ لما يمكن أن ينتهجه ترامب في المستقبل من سياسات؟

 

وانغ كيجيان: معلوم أن تصريحات المرشحين للرئاسة في أمريكا ليس بالضرورة أن تكون هي نفسها سياسات المرشح عندما يتولى الإدارة، ولا نعلق على التصريحات في الحملات الانتخابية.

الصين وأمريكا دولتان كبيرتان في العالم. وكون الصين أكبر دولة نامية، وأمريكا أكبر دولة متقدمة، فالحفاظ على العلاقة الصينية الأمريكية الجيدة يخدم مصلحة الجانبين ويخدم العالم بأسره.

وخلال برقية التهنئة التي بعث بها الرئيس الصيني إلى دونالد ترامب أكد الرئيس الصيني شي جينبيغ استعداد الصين لمواصلة العلاقة الصينية الأمريكية القائمة على عدم المجابهة وعدم التصادم والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والكسب للجانبين.

هذه مبادئ هي تضمن تطوراً سلساً للعلاقات الصينية الأمريكية، وربما أن العالم كله الآن يراقب السياسات المستقبلية لإدارة ترامب عندما يتولى الإدارة، ونحن كذلك ننتظر ونراقب.

wang-kijian-interview5

 

سؤال: لا بد من سؤال عن العلاقات الصينية اللبنانية. هذا موضوع حضرتكم معنيون به. نلاحظ نوعاً من التطور في العلاقات، لكن كمتحمس للصين يرى أن هذا التطور ليس بالشكل المفترض.

هل هناك خطوات قريبة لمزيد من التعاون اللبناني الصيني، ومن ثم يكون جزءاً من التعاون العربي الصيني الذي يصطدم بالمقابل بموضوع بعض الخلافات أو بعض القضايا ولا سيما القضية السورية؟

وانغ كيجيان: العلاقات الصينية اللبنانية علاقات ممتازة. وسياسياً هناك تواصل مستمر بين الجانبين، ونحن نتبادل الدعم والمساندة في المحافل الدولية وفي قضايا إقليمية مثل القضية السورية والملف السوري.

اقتصادياً، الصين شريك تجاري أول للبنان، ومن المنتظر أن يحافظ على هذا الوضع في المستقبل، وقدمت الصين مساعدات اقتصادية للحكومة اللبنانية في السنوات الماضية، وسوف تواصل تقديم هذه المساعدات في المستقبل.

وفي الأيام القادمة سوف أوقع نيابة عن الحكومة الصينية على (اتفاقية) تقديم دفعة جديدة من المساعدات الاقتصادية للحكومة اللبنانية.

وأيضا نقدم مساعدات إنسانية للنازحين السوريين الموجودين في لبنان، وأيضاً نقدم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني أملاً بتدعيم قدراته الدفاعية وقدرته على مكافحة الإرهاب.

وفي الأسبوع الماضي زار لبنانَ وفدٌ عسكري صيني رفيع المستوى يرئسه نائب رئيس اللجنة المركزية العسكرية في الصين هو أعلى في زي عسكري ـ لأن رئيس اللجنة هو رئيس الجمهورية ـ وهو ثاني رجل في الجيش، وخلال الزيارة التقى بالقيادة الجديدة اللبنانية: الرئيس ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء المكلف، حيث أعرب عن استعداد الصين لدعم لبنان ولدعم الجيش اللبناني، وأيضاً هو زار اليونيفيل والقوات الصينية في اليونيفل وأكد على عزم الصين لتقديم مزيد من المساهمة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بشكل عام والمساهمة في اليونيفل بشكل خاص.

وفي المجال الإنساني هناك تبادل  كبير جداً حيث يتميز لبنان بقطاع ثقافي وحضاري متطور ومزدهر جداً وهناك تواصل كبير من ناحية الفنون والعروض الفنية وتعليم اللغة الصينية والترجمة المتبادلة. هناك نشاطات كثيرة وبعد أيام سوف نستقبل رئيسة جمعية الصداقة للشعب الصيني مع الدول الأجنبية السيدة لي شيا بن بدعوة من السيد عدنان القصار. صحيح أن التواصل في السنتين الماضيتين لم يكن كبيراً، خصوصاً التواصل رفيع المستوى، ولكن ذلك هو بسبب غياب رئيس الجمهورية والوضع السياسي في لبنان.

أتوقع أن يكون هناك مزيد من التواصل في المجال السياسي في المستقبل، وبعد تشكيل الحكومة الجديدة والاستقرار السياسي للبنان، وأتوقع أيضاً أنه سيكون هناك مزيد من التعاون في المجال الاقتصادي، لأنه بعد الاستقرار السياسي في لبنان أتمنى أن تتحسن الظروف المالية والاقتصادية في لبنان، ما يتيح فرصة أكبر لتعاون اقتصادي وتجاري بين لبنان والعالم الخارجي.

وفي هذا المجال، الشركات الصينية لديها إمكانية ورغبة وإرادة في التعاون مع نظرائهم اللبنانيين لتقديم مساهمة بالنمو الاقتصادي في لبنان، وليس فقط على مستوى ثنائي، بل تحت إطار “مبادرة الحزام والطريق”، لأن لبنان كان محطة مهمة في طريق الحرير القديم قبل 2000 سنة وسيلعب دوراً فريداً في “مبادرة الحزام والطريق” و”الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” في المستقبل، لأن لبنان يتميز بالقطاع المصرفي المتقدم والنشط والتجار ورجال الأعمال، وقطاع الأعمال ناشط، وأيضاً صلاته بالجاليات اللبنانية المنتشرة في كل العالم، وهناك إمكانية لقيام تعاون بين الصين ولبنان ثنائياً ومن خلال حركة متعددة الأطراف مثل الدول العربية أو في إفريقيا أو في أي مكان آخر.

هناك مستقبل واعد للعلاقات بين البلدين، ونحن في السفارة سنبذل قصارى جهودنا للدعم في هذا الاتجاه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.