موقع متخصص بالشؤون الصينية

صين “شي” وعلوم لخدمة الانسان والانسانية

0

marwan-soudah-china-sciences

موقع الصين بعيون عربية ـ
بقلم/ الاكاديمي مروان سوداح*:
لم يَدر في خُلدي أبداً أن توجيه دعوة من القسم العربي العريق لإذاعة الصين الدوليةCRI لزيارة الصين، ستكون على درجة إستراتيجية وغاية في الأهمية، ليس لشخصي، بل للصين والإنسانية توظيفاً لقلمي وأقلام زملائي في الإعلام، وككاتب حليف للصين منذ عشرات السنين، ومتابع لنجاحاتها وناشر عنها بلا كلل أو ملل برغم كمٍ هائل من الصِّعَابِ والجُدرِ الشاهقة والتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المذهلة التي قد لا تخطر على بال مَن يَستلقون باستمتاع على شاطئ بحرٍ، ويَسترخون في جنبات مُنتجع قَصي.
استمرت هذه الدعوة اسبوعاً بأكلمه، بالإضافة الى يومين استغرقتهما طريقا الذهاب والآياب مِن والى الصين، وكانت الزيارة حافلة بالمسرّات واللقاءات الملاح المُتكاثرة، والمُلاحظات النافعة، والمُتع العلمية في مؤسسات – مُدنٍ هي الأرفع والأرقى تكنولوجياً، فقد كشفت هذه لي وللوفد الدولي الذي دعته أقسام الاذاعة الناطقة بعدة لغات اوروبية وآسيوية، عن إمكانات الصين الصناعية، العقلية والإبداعية، وكيفيات التطبيق والتفعيل الفوري للأفكار التقدمية الخلاّقة في عجلة الانتاج اليومي للتكنولوجيات الرفيعة، والفائقة التطور، التي ارتقت بالانسان الصيني الى القمر، وحطّت على ترابه، وها هي تتوجه نحو كواكب المجموعة الشمسية بلا وجلٍ من عارضٍ.
في تلكم الحقول التقنية العليا، تكمن أسرار دولة الصين ما فوق الكبرى، التي تمكنت من تكنيس الإرث الاستعماري والكولونيالية والامبريالية في مختلف حقباتها، وشيّدت دولة متحررة برغم تكالب واستشراء الاعداء لشرذمتها وتقطيعها إرباً إرباً كقطعة “جاتو” شهية، ومحاولة قضمها بشراهة ثم هضمها، لكنهم فشلو فشلاً ذريعاً، فقد أطاحت القيادة الصينية الفذة بشيطناتهم، وحال الفكر الصيني الحكيم بينهم وبين تطبيقها، وهو الفكر النيّر الذي يُسابق الزمن لإثبات الذات وقدرات العقلنة، واجتراحات الفِعل المتطور والمتميز.
الدعوة الكريمة لزيارة الصين كانت رَعتها بنجاح منقطع النظير وعناية لدقائقها (الإذاعة الصينيةCRI) و (المكتب الإعلامي لمدينة خهفي) التابع لمكتب الإعلام المركزي لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية (الذي هو بمثابة وزارة إعلام) و مجموعة شركات ضخمة القدرة وراسخة المكانة على شاكلة (شركة الاختراعات الروبوتية الفائقة التطور) و (شركة التكنولوجيا للعلاج الطبي “تيان جي هاو”) الرفيعة المستوى، وهي مؤسسات ضخمة تمثّلُ مُدناً إنتاجية وإبداعية، لكونها ذات تطبيقات تضاهي الغربية في سباق الزمن لإحلال الروبوت العلاجي مكان مِبضع الطبيب والجرّاح، حتى تصل نسبة نجاح العمليات الجراحية الآلية المبرمجة الى صفر أكيد!
كان دخولنا نحن أصحاب القلم الى مؤسسات صينية لم يَسبق لأحد أجنبي دخولها قبلنا، والاطّلاع على أسرارها الدفينة، وإحياناً دون القدرة على التقاط صورة واحدة فيها، يدل على ثقة الصين بنا أولاً، كأصدقاء مخلصين للعلاقات ما بينها وبلداننا وأوطاننا، واهتمامنا بأن لا تنتقل أسرار الصين إلى أي أحد، فهذه التكنولوجيا الصينية الأرقى مستوىً والتي إطّلعنا عليها، هي ملك لأولئك الذين يحتاجون ويتوسلون الى مساعدات إنسانية في أدق ظروف حياتهم وأحرجها، والتي يُعانون فيها من ألمٍ مُبرّح، وربما من إنعدام الأمل منذ أيام وسنوات طِوال في مسيرة حياتهم على جبل جُلجُثَتِهم.
لكن إنعدام الأمل بدأ يتبدّد بعدما تمكّنت صين (شي جين بينغ) العظيمة من رسم البَسمات على وجوههم، وإدخال السرور الى قلوبهم، حتى فاضت حَيواتهم بالحيوية، وغدت الحياة أمام عيونهم جميلة ومُبشّرة بتحقيق أحلامهم.
إن ما رأيناه في الصين، في العاصمة الصينية، وفي مدينة خهفي (حاضرة مقاطعة آنهوي وسط الصين) البعيدة عن بيجين قرابة خمس ساعات بالقطار السهم الفائق السرعة، الى حيث انطلقنا نحن أعضاء الوفد الاممي المكون من نحو (11) شخصاً، ينتمون الى بلدان قارات قديمة كالاردن الذي مَثـّل مختلف دول العالم العربي و روسيا؛ اليونان؛ المانيا؛ بريطانيا؛ بلغاريا؛ كندا؛ فرنسا؛ والباكستان يؤكد ان التكنولوجيا الخادمة لمقاصد البشر في مجال إنساني مَحض، هي إثراء أعظم للبشرية جمعاء، وهي أيضاً التي سيكون لها المستقبل الواعد، ولن يكون لغيرها من التقنيات وبخاصة تلك القتّالة للناس جماعات وأفراداً، في حروب قارية وعالمية وإقليمية، تُثيرها المَجاميع الصناعية – العسكرية الامريكية والغربية.
لقد اقتنعنا في الصين، واقنعتنا تلك المؤسسات الصينية الخيرّة، بأن المستقبل لها وللإختراعات المُخَففة لآلآم البشر، وبأنها هي بالذات نفط الصين وجسرها الى العالمية، ونحو الشهرة والى مكانة قيادية..
في الصين يَصنعون الروبوتات للقيام بأدق العمليات الجراحية، في مختلف أنحاء جسم الانسان، فهناك يُدخل مِبضع الروبوت المُبرمج بدقة الى مختلف أنحاء الجسد الانساني، ويُصوّرُ العملية الجراحية، لتغدو أرشيفاً لتعليم الاطباء الجُدد الحذاقة العلاجية والدقة التقنية، وهذا يعرض للعالم أجمع، أن الدولة الصينية التي ترنو الى شتى أنحاء فضاءات التبانة، لا بد وأن تصلها بعقول أبنائها وبناتها، وأفكارهم النيرة المُجترَحَة أعظم التطبيقات، والتي لا قيد عليها في هذه المؤسسات الابداعية الصينية، حيث تعتبر كل فكرة مُباحة لتطبيقها المُبدع وتداولها، ولترى النور على خطوط الانتاج!
في شركة الاختراعات الروبوتية الفائقة التطور، شاهدنا كيف ان هذه الكائنات غير العاقلة، تطبق الأوامر في إعمال شتى، ليس أولها الغناء والرقص، ولا آخرها الاهتمام بسلامة صاحب المنزل ومالكه وظروف حياة الساكنين فيه يومياً، وضمان أمنه وأمنهم بشمولية ونباهة حتى ليعجز أحيانا عن تطبيق مثيلاتها الانسان النابه والعاقل!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إنما يتعداه الى ما هو أشمل. فمثلاً، يستطيع الروبوت تدريس أطفال الأُسرة اللغات والعلوم، نيابةً عن آبائهم في حالة إنشغالاتهم، أو قراءة حكايا لهم لتسريع نومهم، ولنهوضهم باكراً في اليوم التالي، وأحياناً يَجترح الروبوت الرقص لإسعادهم وتحسين أمزجتهم، وبث النشاط والهمّة في نفوسهم، وكل ذلك وغيره تقوم به هذه الآلة التي تتكوّن ربما من حديد والمنيوم وانواع أرقى من البلاستيك والمواد الصلبة الاخرى، وانظمة وخرائط رياضية وهندسية وتقنية معقدة، وإضاءات وأنوار ورسومات بألوان قوس قزح، لذا فهي مؤهلة في المستقبل القريب بحسب رؤى المخترعين والمصممين الحاسوبيين والعلميين الصينيين الأفذاذ، لأن تحل محل الانسان، ومكان ربّة ورب المنزل، في قيادة حياتهم اليومية وتوجيهها بأمان الى بر السلامة!
صين “شي جين بينغ”.. الصين العلمية والعلومية.. صين العقل والإبداع والتطوّر والانسانية، تخطو خطوات كبرى وواثقة ومتسارعة الى الأمام، فهل سنلحق بها، ونقبل قبل فوان أواننا بأن تُعلّمنا صَيد السّمك، بدلاً من أن تبقى أفواهنا عالة على آخرين؟!
*مروان سوداح: رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، والصديق الأقدم للقسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.