موقع متخصص بالشؤون الصينية

نحن والصين.. وقد آن أوان آن!

0

marwan-soudah-china-anhoi

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
الصين تختلف في كل شيئ! والزائر الى هذا البلد المترامي الأطراف والشاسع بمساحته، يَستشعر بحميمية اللقاء مع العامة و الخاصة، فهناك لا وجود لاستعلائية لدى المسؤولين مهما كانت درجاتهم الحزبية والوظيفية، فالكل سواسية كأسنان المشط، وأكبرهم هو حقاً خادمهم.

لذلك بالذات، وعلى هذه الأرضية، كان لمجموعتنا للقلميين والإعلاميين والصحفيين من عدة بلدان – وكان الاردن البلد الوحيد المُمثِّل فيها للعالم العربي والناطقين بالضاد – أبرز لقاء مع الرفيقZhong Junjie (تشونغ جيون جيه) وزير الإعلام لـ(المكتب الإعلامي لمدينة خهفي) التابع لمكتب الإعلام المركزي لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية (الذي هو بمثابة وزارة إعلام) في (حاضرة مقاطعة آنهوي وسط الصين، وتسمى “أن” اختصاراً)، إذ شكل ذاك اللقاء بداية لإثمار طيّب للغاية، وخلاله تعارفنا وأرسينا صداقة نافعة سوف تزهر في المستقبل بتعاون متعدد المنافع والمناحي، من خلال مشتركاتنا القلمية وكتاباتنا عن التقدم التقني الصيني المذهل، وبالذات عن مدينة خهفي(خفي) الصناعية والروبوتية الجبارة، خدمة للانسانية التي تحتاج حاجة ماسّة للتقدم التكنولوجي المُذهل للتخفيف من وطأة الألم الانساني، فقد شهدنا على هذا التقدم في عددٍ من المؤسسات الإبداعية التقنية الصينية، التي كان لنا شرف الإطلاع عليها والإحاطة بانتاجها ومكنوناتها العلمية المتميزة، التي أدارت رؤوسنا!

وزير الإعلام لمنطقة أنهوي الرفيقZhong Junjie (تشونغ جيون جيه) – استقبلنا استقبالاً حاراً والى جانبه نائبة رئيس التحرير للموقع الالكتروني بإذاعة الصين الدولية السيدة دوان شوانغ، في مقره الجميل، ومنح المسؤولان الصينيان سوياً جوائز تقديرية لقادة الرأي الأجانب أعضاء الوفد الدولي -، لكن كان تكريمنا الاهم بكلماته الطيبة وشروحاته الفياضة، بالإضافة الى الشهادات المُزجَجة المُقدَّمة للقلميين ضيوف الصين من الوفد الاممي، وزاد على ذلك أنه سلّح الوفد بالمعلومات الضرورية عن منطقته من شتى الوجوده، لكن الاهم كان التأكد بالارقام والحقائق على اهميتها العلمية والانسانية بين مثيلاتها الصينية، حيث تفوقت عليهن برغم ان تقدمها العلمي وتميزها الوطني في الصين قد برز وتألق وبان منذ عشر سنين فقط!، وهو لعمري أقصر فترة زمنية مكنت منطقة صينية من العالمية، بينما فشلت مناطق وبلدان اخرى في العالم من التشبه بها وحذو حذوها.

تحدث الرفيق الوزير Zhong Junjie (تشونغ جيون جيه)، بالكثير المفيد عن منطقته آنهوي. وبحسب الوزير والمصادر الصينية والاجنبية المنشورة خلال السنوات الاخيرة، فإنه وبرغم ان مساحة منطقة آنهوي تبلغ 400ر139 كم مربع، وسكانها الذين يصل تعدادهم الى 65مليون نسمة(2005م)، وعاصمتها جغرافياً متواضعة أشد التواضع، لكونها تتمدد على (10000 كلم²)، وعديد سكانها نيف واربعة ملايين نسمة، إلا أنها تفاخر بتاريخها العريق الذي يفوق الـ(4) آلاف سنة متصلة حضارياً وسكانياً، إذ أنها شهدت الكثير من الاحداث التاريخية التي حوّلتها الى نقطة مفصلية على الخارطة العالمية، وكذلك أمرها في الحِراكات الصينية المحلية وتلك الاقليمية على حد سواء.

ولعل الاهم هنا هو، أن العاصمة خهفي، قد لعبت دوراً مهماً وبارزاً في النقلات التاريخية لحركة الإصلاح والانفتاح الصينية، التي عمّت البلاد منذ 1978م، وحرّرتها ومعها هذه المنطقة، من ربقة الاستعمار وقواه الإحلالية الأجنبية، ومنها اليابان وبريطانيا والبرتغال، إذ لعب مناضلو المنطقة وثوار المدينة دوراً رئيسياً في تحرير الصين، كل الصين، فنضالهم لم يتوقف ولم يخفت عند حدودها الجهوية، بل استكملوا رسالتهم في البَر الصيني بأكمله.

في خهفي، تستشعر عظمة التطور الحقيقي للصين، فقد تحقق هذا النمو المتسارع بفضل بناء (قاعدة إبداعية جديدة) كما توصف صينياً بفخار، وكما يُشاد بها في الصين بأكملها، إعترافاً بدلوها الكبير في سياقات (الازدهار الوطني الشامل).

تعتمد خهفي، أو كما تُسمّى “عاصمة التكنولوجيا الذكية”، على إمكاناتها الذاتية، وشعارها الذي يتحدث عن قصة الإبداع الحقيقي لديها هو: (أُبدع في الصين)، وليس (صُنع في الصين)!

وترتكز منطقة آنهوي في تطورها المذهل على (4) قواعد إبداعية – علمية في الدولة، وعشرات الجامعات ومعاهد الأبحاث التكنولوجية الرائدة، والأرفع منزلةً، ويَبقى الإبداعها ديدنها، وهو تيار جارف في المنطقة كما في الصين برمتها، تأكدت مكانته في سُلّم التطور ليغدو “شمولية إبداعية”، ومدرسة ومركزاً علومياً أشمل وأرحب، وجميعها شيّدت رافعة خهفي المزدهرة التي يُضرب المثَل بها كَونياً.

لكن ما يجب أن أنوّه إليه هنا وعلى وجه التخصيص، هو ان الصين لا ترى العالم بعين واحدة. فهي (صين العالم) – أي أن دولة (هان) مُصمّمة على ان تكون اجتراحاتها الإبداعية خادمة للانسانية، وبأن يكون تسييل خدماتها التقنية الى كل الكون من بيجين، ومن مراكز الصين العلمية، ولتتأكد مقولة الصين بالتبادلية الواقعية، التي يَتشارك فيها طرفان ساميان هما الصين وشعوب العالم وبلدانه، وعلى قدم المساواة، ولأجل الكسب المشترك الثنائي والجماعي، ولتحصيل منافع للجماعة البشرية، وبالقدر نفسه، وبمساواة مانعة لكل ملامح حصر الحقوق بطرف واحد دون آخر.

ولذا فقد تم دعوة الوفد القلمي الاممي الى الصين، في مهمة جليلة لنقل المعرفة للعالم والآخر الانساني عن واقع الصين، وللحديث عن استعداد الصين لنقل التكنولوجيا الكونية خاصتها الى أصقاع المَعمورة، بجهود وأيديولوجية زعيمها (شي جين بينغ)، وعملانية قيادتها الحزبية الدافعة لهذا التطور الذي لم يُغمض عينيه ولو للحظة واحدة عن الأبعاد الانساية والاممية والبشرية المحض للاختراعات الصينية، التي ترى في الانسان، أي إنسان، هدفاً محورياً لعملها ونتائجه في خطوط إنتاجها.

رحلتنا الى الصين قد أشعرتنا بأنه قد آن أوان آن لعلاقات أوسع مع العالم، سيّما لجهوزية المنطقة بمختلف الألسن القادرة على مخاطبة العالم وعرض نفسها وقدراتها عليه، لكن يبقى ان يَجهز العالم للقاء “آن”، وإرساء التبادلات الأسرع والفُضلى وإيّاها، بهدف نشر تقنياتها الانسانية المذهلة التي تعتبر نتاجاً لعقول منطقة بأكملها، تراودها أحلام ستتحقق في سَبر الأكوان، وليس العالم الأرضي الآني لوحده فحسب!
…………………………………………..
*رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، والصديق والمراسل البريدي الأقدم للقسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.