موقع متخصص بالشؤون الصينية

التحديث العسكري يهدف إلى تعزيز السلام (العدد 78)

0

 

صحيفة تشاينا دايلي الصينية ـ تسوى جيانشو/ 26– 7- 2017 تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

 

ارتفعت ميزانية الدفاع الصينية تماشياً مع التطور الصيني الاقتصادي السريع. ووفقاً لهذا التوجه، تجاوزت ميزانية الدفاع الصينية للمرة الأولى هذا العام التريليون يوان (151 مليار دولار)، لكن وسائل الإعلام الأجنبية تستخدم هذا الارتفاع كذريعة للترويج لنظرية “التهديد الصيني”، زاعمةً أن الزيادة في الإنفاق الدفاعي تهدف إلى تحدي النظام العالمي القائم وتوسيع النفوذ الصيني.
لكن، هل هذه المزاعم الإعلامية صحيحة؟ فلنحلل المساهمات التي يقوم بها جيش التحرير الشعبي في أعمال الإغاثة الإنسانية وبعثات حفظ السلام والجهود الدولية الرامية إلى إحباط عمليات القرصنة قبل التوصل إلى استنتاج.
عقب انتهاء الحرب الباردة، تراجع احتمال وقوع حرب مدمرة بين القوى الكبرى بشكل ملحوظ، لكن النزاعات بين البلدان، والتوترات المحلية، والهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية الكبرى أصبحت أكثر تواتراً. ومن بين أمور أخرى، أجبرت هذه التطورات الملايين من الناس على ترك منازلهم والتماس اللجوء في بلدان أخرى، مما ولّد أزمة إنسانية.
وللتصدي لهذه الأزمات، استحدثت الجمعية العامة للأمم المتحدة منصب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في كانون الأول/ ديسمبر من العام 1991. وأنشأ الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الذي يشرف على تنسيق استجابة الأمم المتحدة للحالات الإنسانية ووضع السياسات والدعوات الإنسانية. وبناءً على ذلك، أنشأت الإدارات الحكومية والعسكرية الصينية آلية تحت عنوان “تقديم إمدادات الإغاثة الطارئة لضحايا الكوارث في جميع انحاء العالم”.
وبدءاً من تقديم المساعدات لأفغانستان في العام 2002، نفذت القوات الصينية العشرات من المهام الإنسانية الدولية في جميع أنحاء العالم، وقدمت إمدادات إغاثة بقيمة أكثر من 100 مليون دولار على شكل خيام وأدوية وأغذية ومعدات طبيّة للبلــــدان التي تضـررت جـراء الكـوارث.
وفي العام 2009، أصبح فريق البحث والإنقاذ الدولي الصيني الفيلق المؤهل الثاني عشر في العالم، والثاني في آسيا، للقيام بعمليات إنقاذ دولية كبيرة (نوع خاص من خدمات مكافحة الحرائق وتوفير الخدمات الطبية الطارئة).
وقد شارك جيش التحرير الشعبي في العديد من البعثات الإنسانية وبعثات الإغاثة الخطيرة والشاقة. وبعد انتشار وباء فيروس الإيبولا غرب أفريقيا، سيما في غينيا وليبريا وسيراليون، أرسلت الصين في العام 2014 فريق إنقاذ تم اختياره بعناية من مستشفى جيش التحرير الشعبي الصيني 302 فيما قامت دول أخرى حتى بإجلاء مواطنيها من المناطق المتضررة.
وقد ساعدت المساعدات الطبية التي قدمها جيش التحرير الشعبي للناس في تلك الدول على الحد من انتشار فيروس الإيبولا.
ومع تزايد النزاعات بين الدول النامية في السنوات الأخيرة، كثفت الأمم المتحدة مهام حفظ السلام من أجل نزع فتيل التوترات الإقليمية والتخفيف من تأثير الحروب العرقية والطائفية والأهلية. وكانت مساهمة الصين في جهود الأمم المتحدة كبيرة.
فمنذ انضمام الصين إلى لجنة الأمم المتحدة الخاصة بعمليات حفظ السلام في العام 1988 أرسلت الصين مراقبين عسكريين إلى هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في العام 1990 وبنت رسمياً قوة حفظ سلام لتنفيذ مهام الأمم المتحدة في كمبوديا في العام 1992.
لقد قدّمت الصين مساهمات متزايدة لبعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن العالميين.
أولاً: قدمت الصين مساهمات ضخمة لبعثات الأمم المتحدة من حيث القوى العاملة والمواد والموارد المالية. وفي العام الماضي، ساهمت بمبلغ 844 مليون دولار لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، الذي شكل 10.2 في المائة من مجموع النفقات، وهو ثاني أعلى مساهمة بين جميع البلدان.
ثانياً: لقد تحسنت قدرة جيش التحرير الشعبي على حفظ السلام على مر السنين، حيث يعمل حالياً 2409 صيني في بعثات حفظ السلام في الخارج.
وفي كلمة ألقاها أمام قمة حفظ السلام بمقر الأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر العام 2015 تعهد الرئيس شي جينبينغ بأن تقوم الصين ببناء قوة حفظ سلام احتياطية قوامها 8 آلاف جندي للمساعدة في تعزيز عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وتشارك القوات الصينية في المزيد والمزيد من بعثات حفظ السلام المتنوعة؛ في الواقع، إن القوات الصينية منخرطة الآن في تسع مجالات مختلفة، بما في ذلك الهندسة والنقل والعلاج الطبي.
ثالثاً: لقد ساعدت عمليات حفظ السلام الصينية على استقرار الأمن في العديد من المناطق. وقد قامت قوات حفظ السلام الصينية حتى الآن بإزالة أكثر من 9 آلاف لغم أرضي وغيرها من المتفجرات، كما بنت أو أصلحت 10 آلاف كيلومتر من الطرق إضافة إلى 300 جسر ونقلت أكثر من مليون طن متري من المواد وعالجت حوالي 130 ألف شخص مريض.
وحتى العام 2008، كانت القرصنة متفشية في خليج عدن وقبالة المياه الصومالية. وبعد أن سمح مجلس الأمن الدولي للدول التي لها مصالح تجارية في المنطقة بإرسال سفنها البحرية لمرافقة السفن في خليج عدن مع الحصول على تصريح من السلطات الصومالية، أرسلت الصين الدفعة الأولى من سفن بحرية الجيش الشعبي الصيني إلى تلك المياه لحماية السفن التجارية من القراصنة.
وقد نفذت بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني مهام الحراسة بنجاح مدة تسع سنوات. ويشير التوسع في أساطيل بحرية الجيش الشعبي إلى أنها ملتزمة بتحمل مسؤولياتها الدولية كقوة متنامية. وبحلول تاريخ التاسع من نيسان/ أبريل من هذا العام، أرسلت البحرية الصينية 25 أسطولا وأنجزت 1029 مهمة حراسة شملت 6337 سفينة. وبشكل فعلي، أحبطت الأساطيل الصينية هجمات للقراصنة على 43 سفينة.
وعلاوةً على ذلك، لقد نمت قدرة القوات البحرية الصينية على حماية الأمن البحري الدولي إلى حد كبير، وباتت أكثر قدرة على تنفيذ مهام صعبة طويلة المدى لمسافات طويلة. وعلى سبيل المثال، لقد نجح الأسطول الخامس والعشرون في مرافقة السفن إلى حد 118768 ميلاً بحرياً حتى شهر تموز/ يوليو من هذا العام.
لا يهدف التزام الجيش الصيني بأعمال الإغاثة الإنسانية وحفظ السلام ومكافحة القرصنة فقط إلى الحفاظ على الأمن الوطني الصيني وإنما يهدف أيضا الى تقديم خدمات عامة للأمن العالمي.
ربما يساعد المثل الصيني القائل: “قس مكانة العظماء وفق مقياس الرجال الصغار” في تفسير السبب الذي دعا بعض وسائل الإعلام الأجنبية إلى اثارة نظرية “التهديد الصيني”. وتظهر الحقائق أن ميزانية الدفاع المتزايدة في الصين لن تشكل أبداً تهديداً للسلام العالمي. بل على العكس من ذلك، إن الصين ملتزمة بالمساهمة بأكبر قـدر في حفظ الأمن والاستقـرار العالمييـن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.