موقع متخصص بالشؤون الصينية

دوتيرتي يدير الدفة (العدد 79)

0

 

نشرة الصين بعيون عربية ـ محمود ريا

 

يشكل التحول في العلاقات بين الصين والفيليبين نموذجاً لما يمكن أن تقوم به القوة الناعمة الصينية في تلقف التغييرات الإيجابية التي تحصل في دول جنوب وجنوب شرق وشرق آسيا لمصلحتها.
كان يكفي أن يحصل تغيير في رأس الهرم في الفيليبين حتى تجعل بكين من هذا التحول فرصة كبيرة لها، وتقوم بهجمة دبلوماسية ناجحة، جعلت من واحدة من أكثر التهديدات التي تعترض السياسة الصينية في منطقة بحر الصين الجنوبي فرصة لتفكيك الطوق العسكري السياسي الذي كانت الولايات المتحدة تعمل على فرضه على الصين، من خلال إذكاء نار الفتنة في المنطقة وتنمية بذور الشقاق بين الصين والدول القريبة منها.
مما لا شك فيه أن الظروف لعبت دورها في مصلحة الصين. فمجيء دوتيرتي “الثوري” إلى الرئاسة في الفيليبين ترافق مع وصول ترامب “الهائج” إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. وكان لا بد من حصول اصطدام بين هذين الزعيمين الحادّين. وهنا كانت الصين حاضرة لـ “استيعاب” الزعيم الفيليبيني والبدء بتأسيس علاقات قوية مع مانيلا، وهي علاقات لعب عدد من الرؤساء السابقون للفيليبين دوراً كبيراً في إضعافها، وذلك من خلال انصياعهم لإرادة الولايات المتحدة الراغبة في محاصرة الصين، تمهيداً للانقضاض الاستراتيجي عليها في المستقبل.
من البديهي أن هناك الكثير من العقبات التي تعترض العلاقات بين بكين ومانيلا، ويمكن لهذه العقبات أن تعرقل الاندفاع نحو بناء علاقات قوية دائمة وغير خاضعة للمزاج الشخصي بين البلدين.
ولكن من البديهي أيضاً أن ما يشهده خط بكين ـ مانيلا، من زيارات ودية وتوقيع اتفاقات رسمية ومساعدات تقدمها بكين لمانيلا، هو دليل على انتهاج البلدين السبيل الإيجابي لحل الخلافات، وهو سبيل يقوم على التفاوض والتفاهم والتوافق المتبادل، وهذا يؤدي حتماً إلى تبريد كل الخلافات وتغليب التقارب على التنافر. هذا النهج معاكس تماماً لما كان سائداً في السابق، من توتر وسلبية وتدويل واستقواء بالأجنبي (الأميركي)، وهي كلها ممارسات أبدعت السلطات الفيليبينية السابقة في اعتمادها في مواجهة الصين.
دوتيرتي أدار الدفة باتجاه اعتماد سياسة التناغم وحسن الجوار مع الصين، وهذا سيكون له مردود إيجابي كبير على الفيليبين نفسها، وعلى الصين أيضاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.