موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصّيِن تُساندُ فِلسطِين

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
الشّيخ مُحمد حَسن التّويمي*:

منذ تأسيسها تسعى القيادة الحزبية الصينية الى إحقاق العدالة في فلسطين وضمان سيادتها على نفسها وشعبها، وإلى تمتع شعب فلسطين بحقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف والانتهاك. وقد كان الزعيم (ماو تسي تونغ) يُعلن عن ذلك بلا توقف منذ بروز القضية الفلسطينية واحتلال فلسطين من جانب قطعان الصهاينة، المُدجّجين بمختلف الاسلحة الالمانية النازية، ومن ثم الانجليزية فالأمريكية والفرنسية وغيرها، الى تأكيد الزعيم الحالي (شي جين بينغ) هذا النهج السياسي الصيني، الذي لا تبدله الصين ولا تحيد عنه قيد أنملة.

كعرب وفلسطينيين نحن نرفض تبديل فلسطين بغيرها من الأراضي والبلدان والقارات، ففلسطين مهدنا ووطننا، وحياتنا ومصيرنا ومستقبلنا مرتبط بها، وهي سلام العالم وحربه، وهي النبوة والقداسة. كذلك نرفض رفضاً قاطعاً لا نقاش فيه ولا تبديل، أن نأخذ جزءاً منها ونكتفي به ونترك الباقي، ففلسطين وحدة واحدة، وشعب واحد، ومصير واحد، وهي لنا وبها نحيا وفيها نموت.

والصين ما فتأت تعطي المِثال الكفاحي الحسن لشعوب العالم ومنها أمتنا العربية؟. كيف ذلك؟ الصين تصر إصراراً لا نقاش فيه ولا تبديل ولا مقايضة بعودة كل أراضيها المقسّمة والمسيطر عليها غربياً وإمبريالياً لحضنها الأُم وللبر الصيني الرئيس. أنا أعني هنا أن جُزر البحرين الشرقي والجنوبي، وأراضي – الوطن الصيني هونغ كونغ وماكاو وتايوان وغيرها من أراضي الصين، هي أراضي صينية تاريخياً، سكنها الصينيون منذ الأزل والى اليوم، تماماً كما سكن العرب والعرب الفلسطينيون فلسطين التاريخية، وكانوا أوائل من استقر بها زمن الخَلق الأول واستمروا على أرضها فيها الى الآن، وما الدول التي استعمرت فلسطين إلا طارئة في التاريخ ومؤقتة، ويؤكد ذلك تماماً مجرى هذا التاريخ وأحداثه وحضارتنا وثقافتنا العربية – الآرامية – الكنعانية، كذلك يؤكد التاريخ وكل الشواهد الأخرى صينية وصبغة قومية “هان” وهي الاكبر بين شعوب وأُمم الصين الصديقة، على جميع الأراضي الصينية التي استقر فيها وعليها الصينيون دون غيرهم، واستمروا فيها وبها للآن، وفي تلكم المِثالين الصيني والفلسطيني، دروس جادة وحقيقية وموضوعية بأحقية الشعب بأرضه، أي شعب، ورفض تسليمها للأجنبي والطامع وسماسرة الأراضي وتجار صهيون والإنجلوسكسون وغيرهم من الألوان الكثيرة لمستثمري الانسان والأوطان.

قبل أيام قليلة، نشرت الصين أنباءً مسهبة على لسان (لو كانغ) وهو المتحدث باسم وزارة خارجية جمهورية الصين الشعبية، قال فيها إن “الصين سوف تستضيف ندوة تضم مؤيدين للسلام من الإسرائيليين والفلسطينيين، في الفترة من 21 إلى 22 ديسمبر الحالي في بكين”. وأضاف المتحدث، أن نبيل شعث مستشار الشؤون الخارجية للرئيس الفلسطيني، و(حليك بار) نائب رئيس (الكنيست)، أو البرلمان الاسرائيلي المزعوم، سوف يقودان الوفدين اللذين سوف يحضران الندوة. وأضاف (لو) خلال مؤتمر صحفي في بكين، أن وزير الخارجية الصيني (وانغ يي) سوف يلتقي بالمشاركين في الندوة. وترى الصين، أن الندوة ستسعى إلى “توفير منصة تواصل لمؤيدي السلام من فلسطين وإسرائيل، وأيضا إلى تقديم أفكار جديدة لتعزيز عملية السلام، بحسب (لو) وفقاً لذات الفضائية.

وكانت الفضائية الصينية الناطقة باللغة العربي، ويُشار إليها إختصاراً بِـ  CGTN قد ذكرت، “أن الرئيس الصيني (شي جين بينغ) قدّم مقترحاً من أربع نقاط حول القضية الفلسطينية، خلال اجتماع سابق له مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأكد (شي) على دعم الصين لحل الدولتين كحل للقضية الفلسطينية، وكذا على دعم الصين إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.

من ناحية أخرى، لاحظنا ان الصين أكثرت في الفترة الأخيرة، نشر الاخبار والمقالات والتعليقات والمقترحات حول ضرورة حل القضية الفلسطينية، وبخاصة منذ البدء بإحياء يوم التضامن العالمي مع شعب فلسطين العربي، وهي تحركات ونشاطات صينية لا تطيقها ولا تريدها قيادة الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين، لأن هذا هو موقف صيني قوي تُشكر الصين عليه رئيساً وقيادةً ودولةً وشعباً، ونقدّرها بشأنه تقديراً كبيراً لا حدود له، ما يُعزّز علاقاتنا التاريخية والكفاحية مع الصين، لأن قضايانا جميعها وقضايا جمهورية الصين الشعبية واحدة، فأعداء الصين هم أنفسهم أعداؤنا، ومعسكر الأصدقاء هو معسكرنا نحن والصين أيضاً و.. نقطة !

في يوم التضامن الدولي مع فلسطين وشعبها، كما جاء في خبر نشرته “شبكة الصين في 29 نوفمبر هذا العام 2017، أن الرئيس شي جين بينغ، تحدث في رسالة تهنئة بمناسبة احتفال الأمم المتحدة بيوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وقال إن “التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية هي في صالح البلدان الاقليمية وشعوبها، بما في ذلك فلسطين كما انها ستساعد في تشجيع السلم والاستقرار العالمي”. وأضاف الرئيس شي، “إن القضية الفلسطينية هي المشكلة الجذرية لقضايا الشرق الأوسط، وتمثل شاغلاً كبيراً للسلام الدائم والازدهار والتنمية في بلدان الشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين”.

وأوضح القائد (شي)، أن الصين تدعم بشدة السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وأضاف أن المقترح الصيني المُكوّن من اربع نقاط الذي قدمته الصين في تموز/ يوليو، لتشجيع تسوية القضية الفلسطينية يهدف الى دفع فلسطين واسرائيل “لإعادة بناء الثقة المتبادلة”، والسعي نحو “الاستئناف المبكر لمحادثات السلام”. وختم، بأن الصين باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي ودولة كبرى مسؤولة، ترغب فى العمل مع المجتمع الدولي من أجل بذل جهود مطردة لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في “الشرق الأوسط”، في أسرع وقت ممكن”.

أما صحيفة الشعب اليومية الصينية، وهي الأكثر انتشاراً في الصين باللغتين الصينية والعربية ولغات أخرى، فقالت إن أحد الأنشطة بمناسبة هذا اليوم التضامني الدولي، تم تنظيمه في جامعة بكين، بحضور مساعد وزير الخارجية تشن شياو دونغ، ولا نعلم إن كان هناك أنشطة أخرى بمناسبة هذا اليوم جرت في الصين.

وفي جانب أخر، قال (لو كانغ) المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن الصين تتفهم قلق الدول الإسلامية بشأن وضع القدس، وحث على ايجاد حل للقضية وفقا لقرارات هيئة الأمم المتحدة والتوافقات الدولية ذات الصلة، وأضاف المتحدث أن الصين تدعم تأسيس دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بسيادة كاملة على أساس حدود 1967 ، وتكون القدس الشرقية عاصمة لها.

بينما كان المتحدث الصيني باسم الخارجية الصينية قد أعلن قبل تسليم ترامب مدينة القدس المقدسة للكيان الصهيوني، أي تسليم مَن لا يملك لمَن لا يستحق: “نهتم اهتماماً وثيقاً بتطورات الوضع، ونشعر بقلق إزاء تفاقم محتمل للصراعات الإقليمية”، وأوضح “أنه يتعيّن على كافة الأطراف توخي الحذر وتجنب الاضرار بأساس تسوية القضية الفلسطينية، وبأن الصين تدعم بشدة عملية السلام في الشرق الأوسط والقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه ومصالحه المشروعة”، وأشار إلى ان الصين تدعم إقامة دولة فلسطينية بسيادة كاملة واستقلال كامل على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، وأكد ان الصين تدعو كافة الأطراف المعنية إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة المعنية وحل الخلافات عن طريق المفاوضات وتدعيم السلام والاستقرار الاقليميين.

قضية فلسطين معقدة جداً بنظر العالم، لكن حلها سهل جداً ولا يحتاج سوى إلى قرارات جريئة يتم تنفيذها لصالح حقوق شعب انتزع من أرضه ليتم تسليمها لعصابات أجنبية تعمل كجيوش مرتزقة لدى دول غربية، هذه الدول هي بعينها رفضت وترفض حل هذه القضية تمهيداً لصهينة فلسطين بالكامل، ومن بعدها صهينة الأراضي العربية الاخرى، لأن الحركة  الصهيونية تتحدث في فلسفتها وبشكل مباشر لا لبُس فيه عن أن كل العالم العربي، وليس عالم النيل والفرت فقط، هو أرض صهيونية خالصة، وهو نفس اللسان الذي يتحدثون فيه وبه عن الصين وأراضيها التي يتطلعون الى سرقتها ومحو الروح الصينية منها وعنها بقوى نفس الدول الاستعمارية التي تستعمر فلسطين وأهلها.

إن قبِل العرب بأراضي 1967 فنحن الشعوب العربية والاسلامية لا نرضى سوى بكل فلسطين، من مائها الى مائها، إذ أن الصهيونية وعصاباتها لم تنفذ أياً من قرارات هيئة الامم المتحدة ومنذ أول قرار تم اتخاذه وللآن، ولم تلتزم بها إطلاقاً، وهو ما يجب أن يعرفه المجتمع الدولي والأمم وتدركه، واحتلت اسرائيل – العصابة أراضي عربية فلسطينية أخرى أكثر مما اعطيت إياه بقرار رقم (181 / 2) في نوفمبر لسنة 1947، حين تم تقسيم فلسطين بين العرب الفلسطينيين بدون رضاهم وبدون موافقتهم ولا رغبتهم، وبين حركة صهيونية بدأت آنذاك باستيراد المستوطنين الصهاينة المسلحين من 140 دولة في العالم الى فلسطين، لاستعمارها بهم ونهبها والبدء آنذاك بتقتيل شعبها ونفيه وسحله وتدمير الحضارة الفلسطينية والمقدسات الاسلامية والمسيحية.

نحن نقيّم موقف الصين من فلسطين إيجابياً، ونفهم أن العرب أصبحوا أُمة ضعيفة ومهلهلة وغير قادرة على استعادة فلسطين بالكامل، لكن نحن لا نملك التخلي عن حقوقنا التاريخية بها وفيها، وهذا أيضاً لا يعني أن نتخلى عن وطننا فلسطين، فالصين استعادت أراضيها المحتلة بعد سنوات طويلة طويلة من استعمارها وانتهاك حرماتها وشعبها وثقافته، والصين أيضاً طردت انجلترا وأفيونها وجيشها من أراضيها، وأجلت اليابان من الوطن الصيني بالقوة وإرادة الشعب الصيني، وبالإرادة الحديدية للقيادة الصينية التاريخية استقلت الصين وتوحدت أراضيها، فلم تتخل الصين عن شبر واحد من وطن الأجداد الصيني برغم ادّعاءات الاستعمار بأنه خلق في الصين واقعاً جديداً (؟!)، وما استعادة جزء من فلسطين سوى أول خطوة وأول متر في طريق الألف ميل الفلسطيني المجيد نحو كل أرض فلسطين، التي تنتظر أن تقطع دول العالم علاقاتها مع كيان الصهيونية الدولية على أرض فلسطين، لأن هذا الكيان لم ولا يلتزم بأيٍّ من قرارات هيئة الامم المتحدة، ولا يأخذ بالاعتبار والاحترام أية مقترحات دولية وإنسانية ومنها تلك الصينية، ومبادرة السلام الصينية ذات الأربع نقاط، التي وافق عليها رئيس فلسطين محمود عباس ونتنياهو، لكن الثاني أجهضها منذ سنوات، لأنه يمتلك قوة أمريكا العسكرية والسياسية لرفضها ويحوز على قوة الغرب لإجهاضها، ولأنها، أي المبادرة، تعني إليه أن قبولها لا يخوّله التقدم خطوة احتلالية أخرى واحدة في أرض فلسطين وبقية وطننا – العالم العربي.

نتطلع الى جمهورية الصين الشعبية من أجل شد متواصل وتجميع القوى لإحلال السلام في فلسطين وفي شعبها، وإعانة هذا الشعب اقتصادياً وأمنياً، وضمان حياة مستقرة له بعيداً عما يجري اليوم من فصل عنصري هو الأسوأ في التاريخ، وقتل الفلسطينيين العزّل والمسالمين بالجملة، بدم صهيوني بارد، وتعتيم دولي إعلامي وسياسي، ولنا في الدولة الصينية الأُخت  أُخوّة نضال وسلام وسلاح منذ تأسيسها والى يومنا هذا.

ـ تحيا الصداقة والتحالف العربي – الإسلامي – الصيني،  والعربي الفلسطيني – الصيني!

*مسؤول ديوان ملاحظة ومتابعة الإعلام والصحافة الصينية والإعلام الاجتماعي الصيني والإسلام والمسلمين في الصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.