موقع متخصص بالشؤون الصينية

مذبحة نانجينغ.. لماذا؟!

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
فيصل ناصيف صالح*

تساءلتُ بيني وبين نفسي، اليوم وقبل اليوم، ومنذ زمن طويل، لماذا ارتكب الجيش الامبرطوري الياباني مذبحة نانجينغ في الصين، في 13 ديسمبر (كانون الاول) عام 1937؟. هل مِن سبب “وجيه!” لذلك، أم أنه لمجرد السير في حملة توسّع جغرافي – عسكري؟ أم لأسباب قد أجهلها شخصياً حتى الآن!!!

قالت المصادر اليابانية الرسمية، أنذاك، أن المذبحة ارتكبت بعدما تم قتل جندي ياباني “أو فقدانه” في الأراضي التي خضعت استعمارياً للتوسّع الياباني في الصين(!)، لكن هل يُعقل ان يتم قتل عشرات ومئات الألوف من الناس الأبرياء والعسكر  الصينيين حتى، وغالبيتهم لم يكونوا مسلحين، بدم بارد، لمجرد قتل عسكري ياباني واحد (!)، ومقتله، التي تم تداولها بدون قصة مقتله، إذ لم يتم للآن الكشف يابانياً عنها، ولم يتم كذلك الكشف عن سبب فقدانه كما يقول بعض اليابانيين وليس جميعهم؟!

لماذا لم يتم التواصل يابانياً مع السكان الصينيين ووجهائهم للعثور على الجندي الياباني المفقود، ولماذا قام أحد الأمراء اليابانيين بقيادة حَملة الإبادة في منطقة نانجينغ!، و “اللماذات” هنا كثيرة، ولا أجابات عليها من “أصحاب الجواب”!

المذبحة، وهي تسمّى في بعض المراجع الغربية واليابانية بـ “معركة نانجينغ!” وهو وصف خاطىء وخطيئة، مَسحت من على وجه الارض جزءاً من شعب الصين بدون أية أسباب حقيقية قد يُقرّها قانون أو شريعة ما في هذا العالم. ما جرى لم يكن معركة ولا مواجهات، لأنها لم ترتقِ الى مواجهة بين جيشين، أو بين جيش وجماعة من المُقاومين، بل أنها ارتكبت من جانب جيش واحد فقط، ياباني، ضد سكان هربوا من حِراب وبنادق المهاجمين عليهم وسكاكينهم وأغتصاباته لنسائهم، إذ تطالب الصين للآن اليابان بالاعتذار عن هذه المذبحة ومذابح آخرى ارتكبها جيشها في الصين قبل عشرات السنين.

تشير المراجع الدولية، الى أن جيش التحرير الصيني، الذي كان تأسـس على قاعدة الحزب الشيوعي الصيني الذي أقامه الزعيم ماوتسي تونغ عام 1921 تحت حراب الاستعمار وفي ظروف صعبة، وضع نصب عينيه تحرير الصين وإقامة دولة صينية مستقلة. ولأن هذا الجيش الصيني كان ضعيفاً في  بُنيته، وكان قليل الذخائر والعتاد والتدريب وعديم الخِبرات، ولا توجد لديه خرائط عسكرية، فقد تكبّد خسائر فادحة في مواجهاته مع اليابانيين والانجليز، الذين أتوا من غرب أوروبا إلى أقصى شرق آسيا لاستعمارها ونهبها، والى جانبهم قوى اخرى، ولهذا تكبدت الصين عشرات ملايين القتلى في حروب الاستعمار الذي سعى الى إخضاعها للغرب ولأقصى الشرق على حد سواء، فلم يكن لدى الصينيين مصانع أسلحة، ولا منشآت لصنع الحِراب والسكاكين العسكرية، ولا الدبابات أو القذائف، ولا حتى لخياطة ملابس عسكرية وتجهيزات الجُند الأقل تكلفة من القماش، ناهيك عن المَعدن كالحديد والفولاذ والنحاس، الذي لم يكن متوافراً لدى الصينيين للتصنيع الوطني، وللتصنيع العسكري والمدني أيضاً.

وفي هذا الوضع، يلمس الكل أن الصين لم تكن قادرة أنذاك طرد الاستعماريين من أراضيها بصورة فورية ولحظية، لكن الشعب الصيني والقائد ماوتسي تونغ وجيشه كانوا يقاتلون بحميّة وشجاعة وإيمان بعدالة قضيتهم والدفاع عن شعبهم ونسائهم ومواطنيهم عموماً، وكانوا يسقطون صرعى لكن من أجل قضية مبدئية ولأجل الشعب والدولة الجديدة، فهم كانوا يؤمنون بأن بلادهم حرة وستتحرر تماماً، وبأنهم سوف يقيمون الدولة والنظام والكرامة الوطنية، وكان لهم ذلك بتضحيات يومية مذهلة، نقف أمامها بكامل استقامتنا خاشعين وباكين، لكن ومُكبرين فيهم أيضاً شجاعتهم الوطنية التي لم يكن لها حدود، ومًعجَبين بجَلدِهِمِ النضالي وإقبالهم على الشهادة لأجل المستقبل الصيني وحماية الصين وعظمتها وتاريخها المجيد ونظامها، الذي استمر متواصلاً منذ أُلوف كثيرة من السنين عَبر التاريخ، ولم يَخبو، ولن يَخبو كما أثق شخصياً وكما أؤكد. فقيادة الصين تبذل جهدها لحماية الدولة والشعب بحكمة واضحة، مقرونة بتطويرها المتواصل على كل المستويات وفي كل الاتجاهات، لئلا تتكرر المآسي من الاجنبي الدخيل بحق الشعب، وها هي الصين تبقى بزعيمها الاممي الكبير والعظيم شي جين بينغ رافعة رأسها عالياً وقوية وشماء.

ـ  وحتى أكون واقعياً وموضوعياً إلى أقصى حد، أورد هنا فقرات حرفية من موسوعة “ويكيبيديا الدولية” مرفقة بعنوانها الأصلي أيضاً: “الطريق إلى المذبحة”:

.. “”وقررت هيئة الأركان العامة في طوكيو عدم التوسّع والانسياح في أراضي الصين الشاسعة، بسبب تكبدهم خسائر فادحة وانخفاض الروح المعنوية لقواتهم، وطلب الجنرال الياباني (ماتسوي) رغم ذالك من القيادة العامة السماح له بالزحف نحو نانكين، وسبب تقدم الجنرال الياباني (ماتسوي) هو بسبب قرار الجنرال الصيني (تشانغ كاي شيك) إن سقوط مدينة ” نانكين ” مسألة وقت وإن مجابهة الجيش الياباني ليست إلا إبادة لقوات النخبة الصينية، وقبل خطة مقترحة من الألمان بسحب قواتهم إلى أراضي الصين الشاسعة، واستخدامها في حرب استنزاف وحرب كر وفر حتى يتعب الجيش الياباني، ولكن لم يعمل بها.

 وأعلن (تشانغ كاي تشيك) بأنه سوف ينقل العاصمة من ” نانكين ” إلى مدينة ” تشونغتشينغ ” ونقل مقر القيادة العسكرية إلى مدينة ” Hankou ” وقامت القوة التابعة لقائد العسكري Tang Shengzhi بإرسال منشورات إلى الأجانب تحثهم على الرحيل لأنهم لن يستطيعوا حمايتهم بعد الآن، ومع استمرار الغارات اليابانية على مدينة نانكين هرب الاثرياء الصينيون وأغلب الاجانب من المدينة، وأتى قرار الاجتياح بصدور قرار رسمي لدخول نانكين عاصمة الصين، عندما رست 100 سفينة حربية يابانية على شاطئ ” هانغ زو” وكان عدد الجنود اليابانيين وقتها 200,00 جندي، وبدأ 15 فيلق زحفهم إلى نانكين عبر 3 طرق مختلفة، وبدأ الجيش الياباني بارتكاب أول جرائمة عندما قام يُبيد الناس الذين يصادفهم في طريقة، وقام بإحراق القرى والمدن وهو زاحف إلى العاصمة الصينية، وفر الكثير من سكان المدينة خوفاً من إتّباع الجيش الياباني إستراتيجية (الأرض المحروقة)، وهي قتل الأخضر واليابس، بينما أصدر الكومينتانغ المقاوم أنه مستعد بتحويل جميع قطع أرض الصين إلى جحيم فضلاً عن تسليمها إلى العدو (اليابان)، وصل اليابانيين إلى العاصمة بعد قتلهم 20,000 جندي صيني””.

المذبحة التي ارتكبها الجيش الياباني السابق ضد مدنيين عُزّل، وضد جنود صينيين ضُعفاء، وآخرين لم يَحملوا السلاح برغم أنهم عسكريون، يفتقر الى الشجاعة العسكرية التي ترفض هذه الجرائم، التي ارتكبت بدم بارد وبدون أية مواجهات عسكرية، ما يدل على ان المذبحة تعبير جلي عن رغبة بتوسع حيوي لليابان في الصين، لتخرج اليابان من بوتقة مجموعة جُزر بحرية قد لا يكون لها مستقبل جغرافي بحسب عددٍ من العلماء والباحثين اليابانيين أنفسهم، الذين توصّلوا الى ان الجُزر اليابانية سوف تغمرها المياه من كل جانب، فيهجرها أهلها، الى أين؟ الى أرض تقع الى الغرب من اليابان.. الى الصين.. بالحِراب والرصاص!!!

في العالم المُعَاصر يوجد قانون دولي وآخر إنساني، وهناك تقاليد بشرية عادلة، وكلها ترفض المذابح والقتل وسفك الدماء، ولا يمكن لشعب أن يَحل في وطن شعب آخر بالقتل والتدمير، لأن ذلك مصيره الفشل، الفشل الذريع، لا سيّما في أرض الصين والصينيين، وفي الدولة الصينية التي غدتة واحدة من أقوى دول العالم عسكرياً، والاقوى إقتصادياً، والأكثر بشرياص، والحسنة إنسانياً ومشاعراً ورقياً، تطرح التعاون مع الجميع ومع اليايانب ايضاً، لتقاسم المنافع والمكاسب والخبرات والخيرات، لكن دون نسيان مَن ارتكب المذابح بحق الصين والصينيين، فاولئك مطالبون بالاعتذار من الصين وتعويض أهالي الضحايا وأحفاد أحفادهم، وضرورة البكاء على قبولهم والاعتذار منهم أنفسهم في مقاربهم الجماعية المُبكية.

*#فيصل_ناصيف_صالح: #خبير_تصوير و#مصوّر_إعلامي مُعتمد وخاص بالإتحاد الدولي_للصحفيين_والإعلاميين_والكتّاب_العَرب_أصدقاء_(وحُلفاء) الصين، وكاتب، ومتخصص بفنون نباتات “#بونساي” والبيئة والانسان. 

ـ مراجع دولية:

1/ https://ar.wikipedia.org/wiki/مذبحة_نانجنغ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.