موقع متخصص بالشؤون الصينية

مصر.. التوجه شرقاً نحو الصين

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد القادر حسن عبد القادر*:

 

يتجذّر في مصر بالتدريج مفهوم التوجّه شرقاً نحو الصين، فقد أكدت الاحداث المتتالية التي شهدتها مصر وعصفت بالإقليم العربي حول مصر، ضرورة هذا التوجّه لتعظيم الفوائد العربية والمصرية من العلاقات المتوازنة مع الصين، ومن أجل كسب مشترك وفوائد متواصلة تتأتى منها.

ويؤكد التاريخ المصري أهمية وضرورة وفوائد العلاقات المصرية مع الصين، فقد أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية في ال30 من أيار/ مايو من عام 1956م، وتم الاعلان عن ذلك عقب اعتراف مصر بجمهورية الصين الشعبية، وبعد مرور عام واحد فقط من الاجتماع التاريخي الذي جَمَعَ وقتها القائد الراحل المرحوم جمال عبد الناصر، برئيس وزراء الصين (شو آن لاي)، في مؤتمر باندونغ الشهير.

وتعد مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وتقيم علاقات دبلوماسية معها منذ عام 1956م، ما مهّد الطريق الصيني وقتها الى البلدان العربية رسمياً وشعبياً.

وتمثل هذه المناسبة الكبيرة بين البلدين منعطفاً حاداً وفي منتهى الأهمية، بالنسبة للعلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية، وتعود إلى مكانة مصر المحورية عربياً وإفريقياً وجغرافياً، ولتاريخ مصر العربي والعالمي، وعلاقاتها القديمة بالصين، الأمر الذي فتح أبواب مصر أمام الصين لإقامة علاقات رسمية مع الدول العربية واحدة بعد أُخرى خلال سنوات وعقود أعقبت هذه المناسبة الكبيرة.

وعقب قرار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في 26 يوليو عام 1956 بتأميم شركة قناة السويس وجعلها شركة مساهمة ووطنية مصرية، بادرت الصين الى تأييد القرار المصري في 4 من أغسطس عام 1956، حيث أكد رئيس مجلس الدولة الصيني في 15 من أغسطس في بيان حول قضية القناة، تأييد الصين حكومة وشعباً للخطوة التي اتخذتها الحكومة المصرية، من اجل حماية سيادة الدولة واستقلالها، وقد كان هذا التطور محوراً للصحافات المصرية والعربية لتحليل مدلولاته وأهدافه وتأثيراته المستقبلية عربياً وعالمياً، وقد أحدث هذا الموقف الصيني آنذاك، وللآن، ردود أفعال شعبية إيجابية لتأييد الصين وحقوقها المختلفة على كل الصُعد.

في علاقات مصر والصين نقلات تدل على عمق المحبة والصِّلات الاخوية ورسوخها، ومن ذلك أن الصين سحبت خلال “الثورة الثقافية” كل سفرائها من المنطقة العربية باستثناء سفيرها في مصر، وهو دلالة واضحة على أخذ الصين بعيون الاعتبار مكانة مصر في كل المناحي والمواقع، وبخاصة في السياسة الخارجية الصينية، التي وجدت انعكاساً أخر مهماً ومشكوراً بتجسيد موقف صيني رسمي خلال حرب أكتوبر 1973، حين أعلنت بكين “تأييدها التام” للجهود المصرية لاستعادة أراضيها المحتلة “إسرائيلياً”.

وفي زيارة فخامة الرئيس “شي جين بينغ” الى مصر كوجهة أولى عام 2016م، ولقائه فخامة الرئيس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأكيد على أهمية دور مصر المحوري للصين. فالجسر الصيني المصري ستعبر من خلاله مختلف الدول العربية وغير العربية، وقد كان للاتفاقيات التي وقّعها البلدان والتنسيق السياسي الذي اتفق حوله آنذاك، أهمية في استدارة العرب نحو الصين، ولتكريس هذا التوجه الاسيوي الشرقي المُفعم بالإيجابيات وبقوى عربية ومن خلال مصر الدولة الأكثر سكاناً وبُعداً استراتيجياً، والأقدم علاقاتٍ مع الصين في العصر الحديث.

في الإستراتيجيا الصينية، تتطلع بكين إلى توثيق علاقاتها العربية وبضمنها مصر، لأن لذلك أثار مفصلية في نقلات السياسة الخارجية الصينية ووضعها الدولي وتأكيد فعاليته، وتتركز مجالات التعاون بين مصر والصين فى الكهرباء، والبترول، والغاز الطبيعي، والسكك الحديدية، والطرق السريعة، والموانئ، والصناعات المعدنية، ومواد البناء والتشييد، والصناعات الكيمياوية، ومستلزمات الإضاءة، والمنسوجات، والأجهزة المنزلية. لذلك، نلمس من هذا ومن غيره، أن في ملف العلاقات العربية والمصرية الصينية، سعي الصين الى رفع رصيدها الاستثماري بتسارع واضح، وهو ما يُمكّن الصين من تعظيم استثماراتها وتجارتها بزمن قياسي، بينما يحتاج هذا الرفع الى زمن أطول لتحقيقه في علاقات الصين مع دول أخرى كثيرة.

وهنا لا بد لنا من الاشارة إلى اهتمام مصر بمبادرة الرئيس “شي جين بينغ”، الموسومة بـ “إحياء طريق الحرير”، والتي عنوانها “التشاركية فى بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير”، “وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، فقد أوضحت دراسة أصدرتها جمعية رجال الأعمال المصريين، ونشرتها الصحافة المصرية، إلى أن مصر ستجني مكاسب اقتصادية واستراتيجية جمّة حال انضمامها رسمياً إلى الاتحاد التجاري للحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ذلك أن طريق الحرير أسهم بفاعلية في تعظيم التبادل التجاري.

ونوّهت الدراسة إلى أن انضمام مصر إلى طريق الحرير البحري، من شأنه تنشيط التجارة الداخلية والخارجية مع الدول الأعضاء في اتحاد “طريق الحرير البحري”، خصوصاً في ظل ظهور الإشارة مجدداً إلى فكرة أن “مصر مركز وركيزة لطريق الحرير الجديد”، مما جعل الرئيس الصيني يطرح مبادرة لإحيائه من خلال مصر وعضوية عشرات الدول التي يمر فيها الطريق. ومن الفوائد الاستراتيجية والسياسية لمصر – بحسب الدراسة – إقامة شراكة استراتيجية بين مصر وثاني أكبر اقتصاد في العالم، يُمكنه ان يمهد الطريق لكثير من المشاريع، لتضع مصر أقدامها كدولة محورية فاعلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفيما يلي تقرير معلوماتي حرفي ومهم أصدرته “هيئة الاستعلامات المصرية” يتضمن أبرز المحطات الرئيسية في “مسيرة العلاقات المصرية الصينية”، على مدار ما يزيد عن ستين عاماً، وهي:

13 يناير 1953: الصين تستورد 45 ألف طن من القطن المصري.

1954: تعيين ممثل تجاري مصري مقيم في الصين.

24-18 أبريل 1955: التقى الزعيم جمال عبد الناصر مع شو إن لاي رئيس مجلس الدولة الصيني بمدينة باندونج في إندونيسيا.

30 مايو 1956: إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

26 يوليو 1956: الصين تؤيد قرار مصر بتأميم شركة قناة السويس.

1 نوفمبر 1956: الحكومة الصينية تدين العدوان الثلاثي على مصر.

14 سبتمبر 1963: شو إن لاي رئيس مجلس الدولة الصيني يزور مصر، ويجرى محادثات مع الرئيس جمال عبد الناصر.

يوليو 1965: وفد من وزارة الصناعة المصرية يزور الصين.

22 يناير 1970: الصين تبعث برقية تأييد لمصر، على خلفية قيام إسرائيل بالاعتداء على مصنع أبي زعبل.

14 سبتمبر 1973: حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصري يزور الصين، ويجرى سلسلة من اللقاءات مع المسئولين الصينيين.

11 أكتوبر 1973: شو إن لاي يلتقي سفير مصر لدى الصين، حيث سلمه برقية دعم وتأييد من القيادة والشعب الصيني للقيادة المصرية والسورية، على خلفية بدء حرب التحرير في 6 أكتوبر.

19 أبريل 1976: نائب رئيس الجمهورية المصري يزور الصين على رأس وفد رفيع المستوى.5 يناير 1980: نائب رئيس الجمهورية المصري يزور الصين على رأس وفد رفيع المستوى.

2 أبريل 1983: الرئيس الأسبق حسني مبارك يزور الصين، ليكون أول رئيس مصري يزور الصين.17 مارس 1986: الرئيس الصيني لي شيان نيان يزور مصر.

12 أكتوبر 1986: رئيس مجلس الدولة الصيني لي بينغ يزور مصر.

30 سبتمبر 1987: نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية المصري د. عصمت عبد المجيد يلتقي مع نظيره الصيني وو شويي تشان على هامش اجتماعات الدورة الـ 48 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

2 يوليو 1991: رئيس مجلس الدولة الصيني لي بينغ يزور مصر.

8 أكتوبر 1991: الخطوط الجوية الصينية تبدأ تسيير رحلات جوية بين بكين والقاهرة.

أبريل 1994: الرئيس الأسبق حسني مبارك يزور الصين.

13 مايو 1996: الرئيس الصيني جيانج تسه مين يزور مصر، وأعرب عن ارتياحه لتطور ونمو العلاقات الثنائية بين مصر والصين.

يناير 1999: وزير الخارجية الصيني تانغ جيا شيوان يقوم بزيارة رسمية لمصر.

يوليو 2000: وضع مصر على قائمة المقاصد السياحية للصينيين.

يناير 2001: توقيع مذكرة تفاهم لتسيير رحلات طيران مباشرة بين البلدين.

17 أبريل 2000: الرئيس الصيني جيانغ تسه مين يزور مصر.

يناير 2002: الرئيس الأسبق حسني مبارك يزور الصين، ويعلن خلال الزيارة عن إنشاء مجلس الأعمال المصري – الصيني المشترك.

19 أبريل 2002: رئيس مجلس الدولة الصيني تشو رونغ جي يزور مصر.

يناير 2004: الرئيس الصيني هو جينتاو يزور مصر.18-26 سبتمبر 2004: وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي يزور الصين.

ديسمبر 2005: الصين ضيف شرف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. يونيو 2006: رئيس وزراء الصين ون جيا باو يزور مصر.

نوفمبر 2006: الرئيس الأسبق حسني مبارك يزور الصين.نوفمبر 2009: رئيس وزراء الصين ون جيا باو يزور مصر لحضور المنتدى الأفريقي – الصيني بشرم الشيخ.

28-30 أغسطس 2012: الرئيس الأسبق محمد مرسي يزور الصين.19 ديسمبر 2013: الإعلان عن تأسيس غرفة التجارة المصرية – الصينية.

20 يناير 2014: الصين ترحب بموافقة الشعب المصري على الدستور المصري الجديد.22 فبراير 2014: وفد من رجال الأعمال الصينيين يزور مصر.

5 يونيو 2014: الرئيس الصيني “شي جين بينغ” يهنئ الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة انتخابه رئيسا لمصر، معبرا عن رغبته في تطوير العلاقات بين الدولتين في مختلف المجالات.

9 يونيو 2014: الرئيس السيسي يلتقي بالقاهرة مع وزير الصناعة والمعلوماتية الصيني “مياو ويي” المبعوث الخاص للرئيس الصيني “شي جين بينغ”، والذي مثل الرئيس الصيني في مراسم تنصيب الرئيس السيسي.

2 أغسطس 2014: أول جولة للحوار الاستراتيجي بين الصين ومصر تعقد بالقاهرة، خلال زيارة وزير الخارجية الصيني “وانج ييي” لمصر ولقائه مع الرئيس السيسي ووزير الخارجيية.

17 سبتمبر 2014: تشكيل لجنة وزارية تسمى “وحدة الصين” لتعزيز ومتابعة العلاقات. بين مصر والصين.

22 نوفمبر 2014: مصر والصين تتفقان الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وذلك خلال زيارة المبعوث الخاص للرئيس الصيني “منج جيان تشو”.

22-25 ديسمبر 2014: الرئيس عبدالفتاح السيسي يقوم بأول زيارة له للصين عقب انتخابه رئيساً للجمهورية.مارس 2015: الصين تشارك في مؤتمر دعم الاقتصاد المصري بشرم الشيخ.1 سبتمبر 2015: الرئيس عبدالفتاح السيسي يزور الصين للمشاركة في احتفال الصين بعيد النصر الوطني بالذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية.

22-20يناير 2016: الرئيس الصيني “شي جين بينغ” يزور مصر، في أول زيارة لرئيس صيني للقاهرة منذ 12 عااً.

5-4 سبتمبر 2016: الرئيس عبد الفتاح السيسي يزور الصين للمرة الثالثة للمشاركة في قمة مجموعة العشرين بمدينة هانغتشو الصينية.

14-15 مايو 2017: مصر تشارك في منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين.

*عبدالقادر حسن عبدالقادر: عضو ناشط في هيئة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين في مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.