موقع متخصص بالشؤون الصينية

دعونا نزور “بونساي”..!

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
فيصل ناصيف عبدالرحمن صالح*:

إلى جانب مهنتي مصوراً مُحترفاً، أهوى الطبيعة وبخاصة النباتات والأشجار المقزّمة، التي تضفي بهجة ولا أحسن على الناس وتعدّل أمزجتهم وسلوكياتهم، فكل إمرىء يستطيع أن يَصنع في منزله حديقة متكاملة ورائعة من هذه “المُقزّمات”، وجني محاصيل كثيرة يقطفها يومياً ويتلذّذ بها أيّما تلذّذ، دون الوصول الى المتجر لشراء ثمر مُحبّب، أو السفر طويلاً الى حديقة تقع على أطراف المدينة.

كل شخص يستطيع أن يجلب الحدائق والغابات الى منزله الصغير بالذات، والأمر في حاجة الى قليل من العمل والتفكير في كيفية تنظيم هذا، ففي مساحة عدة أمتار، تستطيع ان تضع عشرات الأشجار والنباتات القزمة في أُصص وقوارير وأواني مختلفة، ومنها تلك الأواني المنزلية التي تلقيها ربة المنزل الى حاوية المهملات دون ان تدرك أهميتها الجمالية في حديقة “بونساي”، فتنمية نباتات تكون جاذبة لأهل البيت والمحليين على كُثرتهم، ناهيك جذبها للسياح المحليين والأجانب حتى!

تسمية أو كلمة (بونساي) تعني باللغة اليابانية “شجرة في صينية”، فكل نبتة وكل شجرة يمكن بعناية قليلة أن تتحول إلى قزمة في مساحة محدودة، صينية مثلاً، وأن تنمو برعاية صاحبها جيداً، ولتعطي ثمراً يانعاً، وأوراقاً وفروعاً قوية وكثّة، ولهذا يتم تشكيلها بتقنيات معينة، لتغطي مساحة محدّدة، فتغدو كشجرة عيد الميلاد ورأس السنة، ملوّنة ونضرة، تمنح السعادة لمَن يُشاهدها، ناهيك عن ذاك الذي يهتم بها ويتابع نموها العَجائبي ويلازم تحوّلاتها.

في الصين أرغب بمشاهدة الحدائق الخاصة بالنباتات والاشجار القزمة، أو المقزّمة، وشراء بعضها لحملِهِ الى حديقتي التي تقع في ستوديو خاص بي، ولتغدو مُمَثِلاً للصين في بيتي الصغير، حتى أتذكر هذه الرحلة الأولى إلى الصين وروائع الصين في كل زواياها، فهذه الدولة عظيمة حقاً، وكل ما في هذه البلاد يَفيض بالسعادة والمَسرّات، ويجلب الإعجاب من جانب الزائر، بخاصة الزائر إليها للمرة الأولى، كأمثالي.

قرأت كثيراً عن الصين وشعبها وحضارتها، فهذا الأمر مُتاح جداً من خلال الانترنت، فـ “كبسة” واحدة على مُحرّك البحث الالكتروني تُظهر الصين أمامك بكل أبّهة وبكامل ضخامتها، فيتفتح أمامك عالم آخر جديد، متميز ومارد في كل شيء وبكل ما في الكلمة من معنى، وحتى الحدائق هناك متميزة وهائلة ومُتمدّدة على مساحات لا تنتهي، والماء الكثير في تلك البلاد كفيل بأن يجعلها غنّاء، وبتحسين أوضاعها البيئية سنة بعد سنة وبدون توقف، وهو ما أطمح لرصده في الصين الصديقة.

“البونساي” نباتات وأشجار أنيقة المُحيّا، وأناقتها مُستمدة من الطبيعة نفسها، وأعتقد أن كل إنسان أنيق يستطيع أن يكتشف أناقة الطبيعة – الأُم المتحدة على مساحة العالم، فهي جزء من أناقة الكون الفسيح بأكمله، شجراً وحجراً وبشراً وسماءً وماءً.

يبدو أن الصينيين يُلاحظون بدقة الطبيعة وتحرّكها ونموّها، فقد راكموا العلوم عنها وكيفية التعامل معها، فتمكّنوا ومنذ القدم، صناعة “البونساي” في كل زاوية وصالون صيني، وتميّزوا بهذا الفن الرفيع ورعايته الدائمة، وهم بذلك، وكما قرأت، يتميزون بالهدوء والسكينة، مما يجعلهم ناجحين بـأعمال فنون “البونساي”، الذي يبادلهم حباً بحبٍ.

“أرغب بعنف!” بزيارة حديقة بونساي في الصين، وأن لا أضيّع وجودي في هذه الدولة الصينية الكبرى، دون أن أشاهد الفن الصيني للنباتات القزمة، لأتعلم منها، ولأكون صاحب إفادة لنفسي وللآخرين في الاردن. فهل تقبل القيادة الصينية الصديقة التي قدّمت الدعوة إلي والى زملائي الكثيرين مشكورة لزيارة الصين، بإدراج زيارة في البرنامج لي وللمجموعة الدولية لاتحادنا الدولي، لزيارة حديقة ولو واحدة تعرض للنباتات المُقزّمة، تعتبر مِثالاً لمَثِيلاتها الكثيرة في الصين، لتكون ذكرى جميلة مدى حياتي؟!

*#فيصل_ناصيف_صالح: خبير تصوير ومصوّر إعلامي مُعتمد وخاص بالإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء  (وحُلفاء) #الصين، وكاتب، ومتخصص بفنون نباتات الـ”#بونساي” والبيئة والانسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.