“التاريخ والأدب العربي” في ندوة بجامعة بكين
نظمت جامعة بكين في 28 و29 يونيو الجاري، ندوة بعنوان “التاريخ والكتابة الأدبية في المؤلفات العربية القديمة”، تحت إشراف مركز الدراسات الإقليمية وقسم اللغة العربية ومركز أبحاث الشرق الأوسط بجامعة بكين. وشارك في الندوة عدد من الباحثين من الصين والدول العربية وايران وألمانيا.
تركزت أعمال الندوة على مناقشة القضايا المطروحة في المؤلفات التاريخية والأدبية العربية القديمة. على غرار الورقة التي قدمها المستعرب الصيني تشي بوهاو من الأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية حول جمالية الكتابة الرومانسية، ورمزية الشخصيات وطبيعة العلاقات العاطفية في حكايات ألف ليلة وليلة، وقيم الحب والجمال في هذه القصة الشهيرة.
أما لين فنغمين، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة بكين، فتحدث عن صورة الصين في قصة ألف ليلة وليلة، والتي إعتبرها صورة خيالية وعجائبية عن الصين والصينيين، ومصدر إلهام لأدب الخيال والمغامرة في العصر العباسي. لكنه، في ذات الوقت، نوّه بحضور الصين في ثوب رمزية جمالية في الرواية العربية القديمة. وهوما أعدّه مؤشرا إيجابيا على طبيعة العلاقات الحضارية بين الصين والعالم العربي في التاريخ القديم.
أما المستعرب والمترجم الصيني المشهور ورئيس كلية اللغة العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، بسام شيويه تشينغقوه، فتحدث عن تجلّيات الشعر العربي والإلهام الصوفي في أشعار أدونيس. حيث رأى بأنه على عكس مايذهب إليه البعض بأن أدونيس شاعرا رافضا للتراث، فإن أشعاره تنطوي على علاقة معقدة ووثيقة مع التراث الشعري العربي القديم والتراث الصوفي. فهو من جهة ناقد ومتمرّد على التراث العربي، لكنه من جهة ثانية، يعد أحد رواد الفكر والأدب العربي المعاصرين الذين سعوا إلى إستكشاف المعادن النفيسة في الموروث العربي القديم، والتي رزحت طويلا تحت ركام التجاهل والنسيان. ويرى بسام، أن التراث الشعري والصوفي القديم، يحضران في أشعار أدونيس كسلاح في الدعوة إلى الحداثة وكمصدر إلهام لقصائده. وفي ذات السياق، تحدثت تشانغ هونغ إي، رئيسة قسم اللغة العربية بجامعة بكين للغات الأجنبية الثانية، عن شعر الحنين في زمن الفتوحات العربية الأولى، وعن علاقة الشعراء العرب القدامى بأوطانهم. وبينت إختلاف شعر الحنين في هذه الفترة عن تقاليد البكاء على الأطلال في الشعر الجاهلي.
من جهة أخرى، تحدثت إيزابيل توران، أستاذة الأدب العربي بجامعة برلين الحرة، عن بنْية النص في كتاب “العقد الفريد” لابن عبد ربه الأندلسي، حيث إعتمدت هذا الكتاب كنموذجا لتفكيك أسلوب بناء النص الأدبي في المؤلفات العربية القديمة. كما قدّم الباحث السوداني، بدوي عبدالله بدوي، مداخلة حول كتاب رسالة الغفران للمعرّي، طرح فيها مقاربة للصراع العقلاني الأصولي في الثقافة العربية بين الماضي والحاضر.
وتعمل جامعة بكين في مختلف مراكز أبحاثها وأقسامها المعنية بالدراسات العربية في الوقت الحالي، على توسيع المجالات البحثية المتعلقة بالعالم العربي لتشمل التاريخ والأدب والفلسلفة. وقال لين فينغمين، أن هذا التوجه، سيساعد الأوساط الأكاديمية الصينية على تعميق معرفتها للعالم العربي، وتكوين صورة متوزانة وشاملة لواقع المنطقة. وأضاف لين بأن الأوساط البحثية في جامعة بكين قد إستفادت من مكتبة الملك عبد العزيز التي أنشأتها المملكة العربية السعودية مؤخرا في جامعة بكين، حيث وفرت آلاف المراجع عن الثقافة العربية. كما تطمح الجامعة لتعزيز التبادل مع الجامعات ومراكز الأبحاث العربية في مجالات الدراسات التي تعنى بالعالم العربي.