موقع متخصص بالشؤون الصينية

رابطة الأكاديميين الأردنيين أصدقاء الصين على عتبة الولادة

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتور سمير حمدان:
في أواسط شهر أذار من العام 2018 أتيح لي أن أزور الصين واستغرقت الزيارة أثني عشر يوما من الثامن عشر وحتى الثامن والعشرين . إن زيارة الصين كانت دوما حلما بالنسبة لي لعدة أسباب. حيث ونحن صغار وفي مطلع السبعينات بدأنا مشوارنا الرياضي بالبوت الصيني المصنوع من القماش حيث غدا رفيقنا في الملاعب حتى حقبة متأخرة . وفي البيت كنا نتفاخر باقتناء صواني الشاي وكاساته الصينية ، ناهيك عن العاب الأطفال البلاستيكية التي بدأت بالتوافد على السوق المحلي . ويضاف لذلك ما تعلمناه في الصغر من أن طلب العلم في الصين من أمنيات كل عربي كناية عن رسوخ جذور الحضارة في هذا البلد الكبير . الصين عرفت منذ القدم بشايها وورقها وحبرها الصيني ، حيث لا يوجد شعب ارتبط تاريخه بالورق والحبر كما هو الشعب الصيني. وعندما كبرنا قليلا تفتحت أعيننا على رياضة الكراتيه والجودو الصينيتين حيث كنا نذهب لدور السينما للاستمتاع بالحركات الرياضية . أزور الصين الأن وقد ولد هذا العملاق والأعجوبة العالمية من رحم ثقافة وحضارة ضاربة الجذور في تاريخ الانسانية .

الصين اليوم تحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد العالمي في فترة زمنية لم تزد بعد عن السبعين عاما . لديها من رأس المال ما لا يوجد لغيرها . الصين اليوم تتقدم بجسارة لاحتلال المرتبة الأولى في العالم في كل مناحي الحياة . الصين بقيادتها الشجاعة المستلهمة لأمال الشعب سخرت جهودها لنقل البلاد من مرحلة الزراعة لمرحلة الصناعة ومن الأمية للتعليم ومن الفقر للرفاه . وقد نجحت القيادة الصينية في تحقيق نسب كبيرة من طموحات شعبها .
لذلك حرصت على زيارة عدد من الجامعات الصينية وعلى رأسها جامعة النوابغ جامعة بكين . وعندما دلفنا للجامعة شعرنا أننا في مكان مقدس . جامعة مفتوحة على الحياة . يخترقها النهر وتتموضع فيها برك السباحة والطيور على مختلف انواعها تسبح في بحيراتها وتعلو مغردة فوق أغصان أشجارها . لم أر طالبا صينيا أو أستاذا يدخن في ساحات الجامعة . ولم نلحظ ورقة واحدة ملقاة على طرقاتها . وفي الصفوف في بلد الهواتف لا يمكن ان ترى نقالا في يد طالب ولا تسمع رنينا لنقال . الجامعة لها حرمة نشأت بالقدوة والاحترام ولا توجد قوانين مكتوبة تؤطرها . هذا هو الحال أيضا في جامعة المعلمين في مقاطعة قويتشو في غرب البلاد . لفت انتباهي وجود عيادة نفسية تضج بالطلبة وبالأطباء والمختصين لمساعدة الطلبة على التكيف وحل مشكلاتهم . وأما الملاعب الرياضية تضج بالطلبة الذين يمارسون ألعاباً أشاهدها للمرة الأولى وخاصة لعبة المشي والركض باستخدام العصي .
في الصين ينهي الثانوية العامة عشرين مليون طالب يتوزعون على أكثر من 3000 ألاف مؤسسة تعليم عالي شبه مجاني. يا لهذا العملاق كيف سخر كل ما في البلد في خدمة الناس . في بكين شارع مخصص للاختراعات يستطيع كل صاحب اختراع الذهاب لعرضه مباشرة على الشركات والمؤسسات دون المرور بأي شكل من أشكال البيروقراطية . الصناعة في الصين وصلت درجة الابداع . يحضر التجار نماذج من البضائع التي يريدونها وتصنع بعد الاتفاق في الحال .
وهنا تذكرت أننا في بلدي مولعون بالتعليم الغربي وبالذات الأمريكي والبريطاني وبسبب هذا الولع لم تتح أو نتح لأنفسنا الفرص للاطلاع على علوم شعوب مختلفة . لدرجة أن جامعاتنا قيدت نفسها بتعيين خريجيي أمريكا أو بريطانيا بالدرجة الأولى وتجاهلنا الصين عن عمد أو نقص في المعرفة .
من هنا جاءت فكرة تأسيس رابطة علمية أكاديمية تكون نافذة لبلدنا وشعبنا على العلوم الصينية وتكون نافذة كذلك للصين للتماس مع مؤسسات التعليم العالي في بلدي والذي احتفل بالذكرى الأربعين لقيام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتي توجت بأكثر من ثمان زيارات لجلالة الملك عبد الله للصين وحيث نطمح لأن نرى الرئيس شي جين بنغ في عماننا الحبيبة . ناقشت الفكرة في الصين مع الجامعات التي تمكنت من زيارتها وكان لها قبول كبير . وعندما عدت ناقشت الفكرة مع السفارة الصينية في عمان وبالذات مع الصديق دوما تشانغ هايتو والذي أختار لنفسه أسما عربيا ( مهدي ) القائم بأعمال السفير الذي رحب بالفكرة ودعمها . وبعدها انتقلت لمناقشة الفكرة مع زملائي في الجامعات الأردنية وقد استحسنوا الفكرة وشكلنا مجموعة على الواتسأب ضمت أكثر من أربعين أستاذا . وتجاوزنا عقبة المكان حيث رحب بنا الاستاذ الدكتور محمد القدومي رئيس هيئة المديرين في كلية الخوارزمي الجامعية التطبيقية حيث ستكون الكلية مقرا للرابطة وستحظى بكل الدعم اللازم . وهكذا دعونا للاجتماع الأول يوم السبت الموافق 5/1/2019 عند السادسة مساء وتم الاجتماع بحضور 25 أستاذا من مختلف الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة وبحضور رئيس هيئة المديرين ورعايته وعمادة الكلية وعدد من أساتذتها وكذلك حضور سعادة القائم بأعمال السفارة الصينية .
ناقش الحضور الفكرة من مختلف جوانبها واتفق على تشكيل لجنة تقوم بوضع النظام الداخلي وتدعو لاجتماع لإقراره ومن ثم التقدم للترخيص وانتخاب الهيئات الدائمة والتي نأمل ان تكون برعاية معالي وزير التعليم العالي في الأردن ونظيره وزير التعليم العالي الصيني للإعلان عن هذا الحدث والذي سيشكل انعطافة في مسار التعليم العالي بين بلدينا وشعبينا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.