موقع متخصص بالشؤون الصينية

في الصين 56 قومية.. يعيشون كحبّ الرمان

0

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
بهيجة حسين*:

قضيت عشرة أيام في الصين ممثلة للحزب الشيوعي المصري، بدعوة من دائرة العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي الصيني لعدد من الأحزاب اليسارية العربية في الفترة من 22 فبراير حتى 3 مارس من هذا العام ، وهى ضمن سلسلة من الزيارات للتعرف على التجربة الصينية عن قرب وهى : ” الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الحديث ” .
من القاهرة إلى دبي ، و ثمان ساعات انتظار ، و ثمان ساعات أخرى قطعتها الطائرة من دبي إلى بكين كانت الرحلة . ومن بكين إلى مدينة “نانجينغ” بمقاطعة “جيانغسو”
في شمال غرب الصين خمس ساعات أخرى .
وأخيرا وبعد كل هذا السفر وصلنا لفندق لننام بضع ساعات و لنبدأ برنامج العمل .

مقاطعة جيانغسو
كان اللقاء الأول في المدرسة الحزبية للجنة الحزب الشيوعي الصيني بمدينة ” نانجينغ ” و كانت المحاضرة حول مقاطعة ” جيانغسو ” و تجربتها الاقتصادية في مجال الإصلاح و الانفتاح ، وبعيدا عن الأرقام الاقتصادية و دلالاتها ، فأن المثير في المحاضرة هو ثراء قاعدة البيانات التي قدمها المحاضر، حيث لم تغب عن البيانات المقدمة عن المدينة تفصيلة و لا رقم . من عدد السكان لعدد المدارس والحضانات و كيفية رعاية المسنين وأوضاع البيئة والإسكان . ومن قاعدة بيانات الحاضر لبيانات تخص خطط المستقبل للمدينة و احتياجاتها المستقبلية .
ـ تم عرض صور للمدينة قبل عدة سنوات مضت ، حيث كانت مدينة عشوائية تفتقد للخدمات الأساسية ، و صورا للمدينة في الوقت الحالي حيث تم تطوير مساكنها ومدارسها و مراكز الخدمة الاجتماعية و مساحات الحدائق ، ثم عرض فيلم لما سوف تكون عليه في 2020، وفقا للتخطيط العمراني و البيئي و التنموي وهو فيما رأينا جميعا يساوى قفزة في المستوى الحضاري سبق أن تم التخطيط له و يتحقق فعليا على أرض الواقع .
وتشهد منطقة جيانغسو تنمية كبيرة ، فيبلغ عدد الجامعات بها مئة جامعة ، و يزيد الناتج القومي لها عن الناتج القومي لألمانيا ، و قد زرنا عدد من المصانع العملاقة التي تعمل بأحدث الوسائل التكنولوجية . و بها أقوى 5000 شركة في العالم ، كما تضم مراكز علمية و تكنولوجية حديثة ، وبها نظام دقيق لمتابعة الحماية الاجتماعية لمن يحتاجها ، وتساهم بنسبة 10% من الناتج المحلى ، ووصل الباحثون فيها لإنتاج دواء لعلاج سرطان المعدة .
– ومن القفزات التكنولوجية التي حققتها الصين إنتاج حاسوب سرعته 100 تريليون عملية في الثانية .
ومن المهم أن نذكر أنه في الخمس سنوات الماضية ارتقت الصين بمستوى جودة التنمية و فعالياتها باطراد ، وحافظت على نمو الاقتصاد ليصبح فى مقدمة دول العالم ، و زاد الناتج المحلى من 54 تريليون يوان إلى 80 تريليون يوان ، لتحتل الصين المركز الثاني عالميا بصورة ثابتة ، وبلغت نسبة إسهامه في نمو الاقتصاد العالمي أكثر من 30 % ، وهذا مع انخفاض معدلات الفقر الذي سيتم القضاء عليه تماما في 2020 أي لن يكون في الصين مواطن تحت خط الفقر وفقا للمعايير الدولية . فقد كان في الصين 70 مليون مواطن تحت خط الفقر في سنة 2016 و انخفض العدد ل30 مليون نسمة ، أي أنه تم إنقاذ 40 مليون مواطن من الفقر خلال أربع سنوات ، ومن تحت خط الفقر يصعد كل ثلاث ثواني مواطن صيني إلى المعدل الدولي للدخل . و يتم ذلك وفقا لخطط التنمية المستدامة التي توفر لأكثر من13 مليون نسمة سنويا فرصة عمل في المدن و القرى . ولا تتجاوز نسبة البطالة فى الصين نسبة 4 % .
ورغم القفزات الاقتصادية في الصين فقد أصر المحاضر في المدرسة الحزبية على أن بلده مازالت دولة نامية و ذلك لأن الحد الأدنى لدخل الفرد في الصين أقل منه في دول أوروبية ، أذا المقياس هو دخل الفرد .

مصير مشترك للبشر
تعددت اللقاءات بمسئولين في الحزب الشيوعي الصيني و كان التأكيد الدائم على أن مصالح الشعب أعلى من أي مصالح أخرى وفقا لسياسات الحزب و رؤية الرفيق ” شي جين بينج ” رئيس جمهورية الصين الشعبية والامين العام للحزب الشيوعي الصيني للاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتتمثل في نقاط محددة منها : ” أن الصين دولة واحدة ونظامين” ،”إن تطلعات الشعب الجميلة هي أهداف نضالنا” ،”السياسة هى خدمة الشعب “،”لن تكون هناك تنمية على حساب المصالح الشعبية”، ” تكوين دولة قوية يعنى تحقيق نتائج متميزة للأجيال القادمة ” ” أن الجيش هو جيش الشعب ، و يخضع للحزب ، ولابد من تقويته ليكون الأول على مستوى العالم “.

الفهد والذبابة
ومن أهم المعارك الأساسية للحزب المعركة ضد الفساد سواء كان كبيرا أو صغيرا ووفقا للثقافة الصينية يتم تأكيد المعنى باستخدام الأقوال المأثورة أو التراثية أو ما يمكن أن نسميه بالأمثلة الشعبية فللتدليل على محاربة الفساد يقولون : ” للقضاء على الفساد لابد من ضرب الفهد والذبابة “والفساد الكبير هو الفهد والصغير هو الذبابة .
ويعتز الصينيون بتاريخهم وثقافتهم فيستشهدون بقول كونفوشيوس ” مجتمع جميل هو أن يكون للجميع ” لتأكيد سياساتهم في بناء مجتمع الرفاهية للجميع .و كما قال الرفيق “شي جين بينغ” : “مصير مشترك للبشر ـ المنفعة المشتركة لإخوان يتشاركون في السراء و الضراء” – و يستشهدون بمقولة الرفيق ” ماو تسى تونج ” : “بدون الشعب لا يوجد الحزب الشيوعي الصيني” لذا فهم يقولون : ” إذا أردت معرفة الصين ، فلابد أن تعرف الثقافة الصينية القديمة التي مازالت أفكارها تؤثر على الصينيين ”

لائحة الشئون الدينية
كما سبق وذكرنا أن في الصين 56 قومية ، يحكمهم و يربطهم وطن واحد ينتمون إليه وكما يقولون : ” نحن مثل حب الرمان في التلاحم ” و المسلمين من بين حب الرمان حيث يوجد في الصين نحو 20 مليون مواطن صيني مسلم ، و لتنظيم حرية الاعتقاد و حماية ممارسة الشعائر الدينية الجميع يخضع للدستور و للائحة الشئون الدينية التي تنص على :
ـ الحق في اعتناق المواطنين أي ديانة .
ـ تبادل الاحترام بين المواطنين المعتنقين لأي دين وبين الذين لا يعتنقون أية ديانة.
ـ احترام الدستور و القانون احتراما لحرية كل مواطن .
وقد رأينا التطبيق العملي للائحة الشئون الدينية في زيارتنا لأكثر من مسجد في مدينة غرمش وبها 4000 مسجد، حيث القومية الايجورية ، و المساجد في غاية الفخامة المعمارية ، ورأينا المصلين في مسجد مبنى على مساحة 1000 متر مربع يتسع ل 1300 مصلى . و التقينا بإمام المسجد الذي أكد على الوحدة و التضامن و الحق في ممارسة كافة الشعائر الدينية بحرية ، و كفالة الدولة ببناء المساجد ، و فرشها و صيانتها و تزويدها بالمرافق و أيضا تزويدها بالكتب لمكتباتها . كما زرنا معهد إعداد الدعاة الملحق بالمسجد . و يحصل الدعاة على فرصة تعلم اللغة العربية والدراسة من خلال البعثات الخارجية وللدعاة تأمين ضد الأمراض الخطيرة والحوادث و الشيخوخة و إصابة العمل ، ولهم ضمان إجتماعى ، كما تتمتع الشئون الدينية بالاستقلال وفقا للقانون . وللقومية الايجورية لغة غير اللغة الصينية و تكتب بحروف قريبة من العربية و يتم تدريسها في المدارس مع اللغة الصينية .
و حرصا على وحدة الشعب الصيني مع احترام خصوصية الأقليات أيضا فهم يحظون بما يسمى بالتمييز الايجابي في الحصول على الوظائف والالتحاق بالجامعات كما أنه تم استثنائهم من قانون تحديد النسل بطفل واحد في وقت تطبيقه على القومية الأكبر و هي قومية ” إلهان ” والتى تمثل 90% من الشعب الصيني .

ملاحظات و رسائل
في المدينة المحرمة رأينا كيف كان يعيش الإمبراطور مدينة ساحرة كمدن الحكايات الخيالية التي يبنيها الجن بلمسة من عصاه السحرية ، ولكن لم يعد أسمها المدينة المحرمة فالشعب الصيني لا يحب هذه التسمية لأنها لم تعد محرمة على الشعب فيسمونها الآن “القصر الإمبراطوري” .
و زرنا سور الصين العظيم . وفى النهاية رأينا مواطنين وجوههم تنطق بالإحساس بالاطمئنان فهو شعب مطمئن و شديد العذوبة و الدفء والرقى و فتياته تتميزن بالجمال و الأناقة .
فقد رأيت انطلاق المارد الأصفر في ظل الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد .

بهيجة حسين
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المصري
ونائب الامين العام لشئون الاعلام
كاتبة وصحفية فى جريدة الأهالى لسان حال حزب التجمع اليسارى لمدة 30 عاما
كاتبة وصحفية فى مجلة صباح الخير المصرية
روائية لها خمس روايات
عضو نقابة الصحفيين المصريين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.