موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين ونعمة الاستهلاك

0


صحيفة البيان الاماراتية:
ليس خفيا على أحد أن الاقتصاد الصيني مبني على إنتاج كبير لكل متطلبات الحياة، وأن أي شركة عالمية تحلم بافتتاح مركز عمل لها في هذا البلد، نظراً لضآلة حجم نفقات الإنتاج فيه. ولكن قلّ من يلاحظ بأن الصين ومع التعداد الضخم لسكانها والبالغ نحو 1.3 مليار نسمة لا تنتج بنشاط كبير فحسب، بل وتستهلك بنشاط أكبر أيضاً.

ويزداد الاستهلاك في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بوتائر عالية ومتسارعة من يوم لآخر، ولا تقوى الصين على تلبية كل احتياجات مواطنيها، لذا تلجأ لاستيراد الكثير من خارج البلاد. وتتخلف الصين فقط عن الولايات المتحدة الأميركية بحجم الاستيراد، الذي تزداد وتائره فيها باستمرار، محتلة بذلك المركز الثاني في العالم، ومن الممكن أن ترتقي الصين إلى المركز الأول في المستقبل المنظور.

لقد بدأت الصين المشاركة بالنشاط الاقتصادي الخارجي منذ بدايات الـ2000، وتبين أن الصين ليست معملاً عالمياً فقط، بل وأنها تتنافس على موقع متقدم في الاقتصاد العالمي. فإذا كان حجم التبادل التجاري الخارجي للصين في البدء قد بلغ 500 مليار دولار.

فإنه خلال ثلاث سنوات من ذلك (العام 2003) تجاوز حجم مبادلاتها التجارية الخارجية تريليون دولار، بعد أن تمكنت الصين بواسطة رخص أجور اليد العاملة فيها من اجتذاب المنتجين العالميين الكبار والشركات فوق الجنسية الضخمة إليها. إلا أن السلطات الصينية وانطلاقاً من واقع أن الاعتماد على التصدير فقط لن يمكنها من المضي قدما نحو تقدم لاحق، فقد قررت توجيه الاقتصاد الصيني نحو الاستهلاك الداخلي، الذي سيكون في وقت قريب جداً القوة المحركة لنمو الناتج المحلي الإجمالي.

ومن جهة أخرى، فإن عدم قدرة الصين بمفردها على تأمين احتياجات تزايد عدد السكان ومواكبة التطور الصناعي المتلاحق، جعلها تنمي الزيادة في استيرادها، إذ بلغت لعام واحد وفق نتائج 2010 نسبة 38.7%. وبغض النظر عن الوتائر الكبيرة لنمو الاقتصاد الصيني، إلا أنها ما زالت عاجزة عن تنمية الصناعات الثقيلة، كأجهزة التنقيب والاستخراج.

لذلك يغلب على بنية الاستيراد الصيني طابع الأجهزة الخاصة بهذا القطاع وقطاع توليد الطاقة الكهربائية، ففي العام 2010 تم استيراد أجهزة لهذين القطاعين بحجم يقارب الـ500 مليار دولار، كما يزداد وفق متوالية هندسية حجم استيراد البضائع الخام، إذ بلغت نسبة ارتفاع استيراد النفط وغيره من المحروقات المعدنية في العام الماضي أكثر من 50% بالمقارنة بمعطيات عام قبله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.