موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: أمريكا والأحكام الاستراتيجية الخاطئة على الصين

0

صحيفة الشعب الصينية:
قدمت ادارة ترامب مؤخرا تقرير الاستراتيجية الامريكية تجاه الصين، وفقًا للمتطلبات التشريعية للكونغرس. ويأتي هذا التقرير المؤلف من 16 صفحة استمرارا للتوجه الامريكي ضد الصين والذي ورد في تقرير “استراتيجية الأمن القومي الأمريكية” الصادر لعام 2017. والذي أكّد على أن الصين تمثل تهديدا اقتصاديا وايديولوجيا وامنيا بالنسبة للولايات المتحدة. وهو ما يجسد عقلية الحرب الباردة والاحتواء التي تمارسها أمريكا ضد الصين.

يضع المنطق الأساسي لتقرير الولايات المتحدة بشكل صريح، ثلاث نقاط: “نظرية التهديد الصيني”، “نظرية تغيير الصين ” و “نظرية الخسارة الأمريكية”. وهذه النقاط الثلاثة، هي ما يحرّك تفكير ادارة ترامب تجاه الصين.

تقوم “نظرية التهديد الصيني” بعكس العديد من الحقائق، فالصين لا تستعمر الدول الأخرى ولا تصدر الجوع والفقر، بينما خاضت الولايات المتحدة وحدهها أكثر من 30 حربًا خارجية بعد الحرب العالمية الثانية. فمن هو المهدّد للسلام العالمي يا ترى؟ ! وبينما لا يزال كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكيين الذين نشأوا في فترة الحرب الباردة متمسكين بالمعادلة الصفرية، لا يزالون يهتفون بنظرية “التهديد الصيني” ، وكل ما يفكرون فيه هو ضمان استمرار الهيمنة الأمريكية. وفي الماضي، قامت الولايات المتحدة بقمع ألمانيا واليابان والاتحاد الأوروبي. والآن الصين، وغدًا قد تكون الهند والبرازيل. وبالأمس شركة توشيبا اليابانية وألستوم الفرنسية، واليوم هواوي الصينية، وغدًا قد تكون تاتا الهند وفالي البرازيلية. وطالما لم تتوقف الولايات المتحدة عن منطق الهيمنة، فلن يعرف العالم السلام.

أما ” نظرية تغيير الصين” فتعبر عن الغطرسة والجهل. فلا يمكن لأي قوة أن تمنع الشعب الصيني من التحرك بثبات على الطريق الذي يناسب الظروف الوطنية للصين. وقد كانت فكرة محاولة تحويل الصين عبثًا منذ البداية، وأظهرت عدم احترام كبير لبلد كبير له 5000 عام من التاريخ وتعداده 1.4 مليار شخص. وإذا كانت الولايات المتحدة لا تعتبر نفسها إلهاً، فهي حتما تسعى لإحداث اضطرابات في الصين من خلال التقسيم والتغريب.

وفيما يتعلّق بـ”نظرية الخسارة الأمريكية” فهي مجافية للحقيقة، حيث يعود التعاون بين الصين والولايات المتحدة بالمنفعة على شعبي البلدين. بل حققت الولايات المتحدة أرباحا تزيد عن الصين. فقد ظلت لوقت طويل، تتمتع بحوافز هيمنة الدولار وريادة النظام الدولي الحالي. وإذا كانت أمريكا خاسرة من هذا النظام، فلا يمكن أن نتصور بأن القواعد التي وضعتها، تهدف الى الاضرار بنفسها ونفع الاخرين؟

وهل يمكن أن يتطور التعاون الصيني الأمريكي إلى ما وصل اليه اليوم، في ظل قواعد تضر بالولايات المتحدة؟ ألا يعني ذلك أن قادة أمريكا ورجال اعمالها حمقى؟

كما جمّل التقرير الأمريكي تصرفاتها المنتهكة لمصالح الصين في تقرير “استراتيجية الأمن القومي الأمريكية” معتبرة اياها إنجازاتها الكبرى. لكن، من مبيعات الأسلحة إلى تايوان على نطاق واسع، إلى تعزيز العلاقة الجوهرية بين الولايات المتحدة وتايوان، وتوظيف القضايا التي تشمل هونغ كونغ وشينجيانغ والتبت وحقوق الإنسان والدين لتشويه سمعة الصين، تدخل جميعها في الشؤون الداخلية للصين. ومن زيادة التعريفات الجمركية على البضائع الصينية، الى استخدام سلطة الدولة في قمع الشركات الصينية، واساءة استخدام أعذار الأمن القومي لتنفيذ سياسات تمييزية ضد الشركات الصينية، تعد جميعها ممارسات تنمر من جانب واحد. ومن اتهام الصين بممارسة” التجسس الالكتروني” إلى الدخول المتكرر إلى بحر الصين الجنوبي والاستفزازات العسكرية في البحر والمجال الجوي المتاخم للجزر والشعاب المرجانية، إلى فرض قيود غير مقبولة على الدبلوماسيين والطلاب والعلماء الصينيين ووسائل الإعلام الصينية في الولايات المتحدة، تعمل أمريكا على خلق احتكاكات المواجهة.

هناك مقولة ترى بأن العلاقات الصينية الأمريكية لا يمكن أن تكون جيدة جدا، ولا سيّئة جدا! مما يعكس حقيقة أن مصالح الجانبين متداخلة بعضها ببعض وتترافق فيها الاختلافات والتناقضات. وبعد تدهور الوضع الوبائي في الولايات المتحدة، بادرت الصين بالتبرع بالكثير من المواد الطبية الماسة، وقدّمت لها التسهيلات لشراء لمواد الطبية. وكان من المتوقع بشكل عام أن يكون الوباء فرصة للبلدين للتخلي عن خلافاتهما وتعزيز التعاون. لكن بعض الساسة الأمريكيين خيّبوا التوقعات وتحركوا عكس الاتجاه. وعمدوا الى القاء المسؤولية على الصين ونادوا بقطع العلاقات معها. حيث جعلوا من الصين عدوا افتراضيا، وحاولوا دفع العلاقات الصينية نحو حرب باردة جديدة.

ستثبت الحقائق أن بعض الساسة الامريكيين يقفون في الجانب الخاطئ، والأكثر خطرا من التاريخ. لكن الصين يجب أن تحافظ على هدوئها، وأن تتجاهل الأفعال الخاطئة للولايات المتحدة، وعدم الوقوع في حيلها والحفاظ على مصالحها وعدم الانجرار وراء الاكاذيب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.