موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين مدافع عن قواعد التجارة العالمية وليست متلاعباً بها

0

تعليق ((شينخوا)):

قبل عقدين من الزمان، أعلنت ضربة مطرقة في مؤتمر منظمة التجارة العالمية بالدوحة انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.

ورغم أن عضوية الصين في منظمة التجارة العالمية استطاعت أن تضع حلقة مفقودة في النظام التجاري متعدد الأطراف في العالم، إلا أن بعض مروجي الشائعات في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، لم يتوقفوا عن توجيه أصابع الاتهام على مر السنين. ومن بين ادعاءاتهم المستمرة التي لا أساس لها من الصحة أن بكين قوضت ما يسمى بقواعد التجارة العالمية.

وللعلم، اتبعت الصين كما وعدت خلال العقدين الماضيين باخلاص قواعد التجارة العالمية التي وُضعت في إطار منظمة التجارة العالمية. إنها مدافع عن تلك القواعد وليست متلاعبا بها.

الجزء الخادع في اتهامات هؤلاء الغربيين هو أن القواعد التي يتحدثون عنها هي في الواقع مجموعة أخرى من القواعد، إنها تلك النوع من القواعد التي يمكن لواشنطن أن تمليها وتسعى إلى فرضها على العالم.

وعند أخذ الحرب التجارية الأمريكية ضد الصين في عام 2018 كمثال على ذلك. فحينها، زعمت الإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب أن الصين “سرقت” الولايات المتحدة في مجال التجارة، وشنت بصراحة هجمات من التعريفات الجمركية بمليارات الدولارات على السلع الصينية. وفي وقت لاحق من عام 2020، عرفت منظمة التجارة العالمية الرسوم العقابية الأحادية الجانب التي فرضتها واشنطن بأنها تحركات تنتهك قواعد التجارة العالمية. وقد أثار حكم منظمة التجارة العالمية غضب واشنطن التي وصفت المنظمة فيما بعد بأنها غير كافية لوقف ممارسات الصين.

والأمر الأكثر وضوحا أن نهج الولايات المتحدة في التجارة العالمية يتمثل ببساطة في “اتبع طريقي وإلا فارحل”. وهذه العقلية المتمحورة حول الذات يمكن أن تفسر جليا سبب محاولة هؤلاء الديماغوجيين الغربيين دائما العثور على خطأ مع الصين: للسيطرة على التجارة العالمية وتعظيم مصالحهم الذاتية. فما يسمونه بنظام تجاري عالمي قائم على القواعد هو في الواقع قائم على الهيمنة.

ثمة أسطورة أخرى اختلقها منتقدو بكين هؤلاء وهي أن الصين استفادت من وضعها كدولة نامية في منظمة التجارة العالمية. الحقيقة هي أنه لا يوجد تعريف رسمي للبلدان “المتقدمة” أو “النامية”، والأمر متروك للأعضاء ليقرروا بأنفسهم. كذلك، لم تحصل الصين على أي معاملة خاصة تُمنح في العادة لدولة نامية.

فعلى سبيل المثال، خفضت الصين متوسط معدل التعريفة الجمركية على المنتجات الزراعية من 23.2 في المائة إلى 15.2 في المائة، وهو أقل بكثير من تلك التي تفرضها الدول النامية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية (56 في المائة) والأعضاء المتقدمين (39 في المائة).

وبموجب اتفاقية تيسير التجارة الخاصة بمنظمة التجارة العالمية، تخلت الصين عن مزايا مهمة تحظى بها الدول النامية، مثل عدم التذرع بحقها في تلقي مساعدة فنية.

وعلى مر السنين، دعت الصين بنشاط إلى تجارة عالمية حرة، وحافظت على القواعد التجارية لمنظمة التجارة العالمية، وناصرت التعددية في مواجهة الرياح المعاكسة للأحادية والحمائية.

أولا، طبقت الصين بأمانة قواعد منظمة التجارة العالمية، وأصلحت قوانينها ولوائحها وفقا لمبادئ اقتصاد السوق، وأقامت نظاما قانونيا يتماشى مع قواعد التجارة متعددة الأطراف.

بعد انضمامها، استعرضت الصين وراجعت القوانين واللوائح ذات الصلة، والتي تشمل 2300 قانون ولائحة وقواعد إدارية على مستوى الحكومة المركزية، و190 ألف سياسة ولوائح على مستويات الحكومة المركزية الفرعية، تغطي التجارة والاستثمار وحماية حقوق الملكية الفكرية. وفي عام 2016، أنشأت الصين آلية مراجعة قانونية لفحص الوثائق المعيارية، ما عزز من الشفافية في تطوير السياسات ومشاركة العامة في هذا التطوير.

ثانيا، كانت داعمة لآلية فعالة لتسوية المنازعات تابعة لمنظمة التجارة العالمية. فمن خلال تقديم شكاوى إلى منظمة التجارة العالمية، عالجت الصين انتهاك الأعضاء الآخرين للالتزامات بموجب الاتفاقيات المشمولة، ودافعت عن مصالحها التجارية الخاصة وكذلك سلطة قواعد منظمة التجارة العالمية. كما دافعت الصين بنشاط عن القضايا المرفوعة ضدها، واحترمت أحكام منظمة التجارة العالمية، وأدخلت تعديلات على إجراءاتها وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية. وحتى الآن، لم يطلب أي من أصحاب الشكاوى باتخاذ أي إجراء انتقامي ضد الصين.

ومع ذلك، في تسوية النزاعات التجارية، فإن طريقة واشنطن هي الضغط على الزناد لشن حرب تجارية، وجعل هيئة الاستئناف مشلولة.

ثالثا، لطالما دعمت الصين الآليات متعددة الأطراف والإقليمية في لعب دور أكبر وفي إعطاء البلدان النامية صوتا أكبر.

وفي عام 2015، أصبحت الصين العضو الـ16 في منظمة التجارة العالمية الذي يصدق على اتفاقية تيسير التجارة. وخلال رئاستها لمجموعة العشرين في عام 2016، شجعت الصين عددا من البلدان على استكمال إجراءات التصديق المحلية على الاتفاقية، وهو ما دفع دخوله الاتفاقية حيز التنفيذ في وقت مبكر.

في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ستدخل أكبر اتفاقية للتجارة الحرة في العالم، وهي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة مع كون الصين عضوا فيها، حيز التنفيذ في الأول من يناير/ كانون الثاني 2022.

كما ساعدت الصين ستة من أقل البلدان نموا على الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية من خلال برنامج أقل البلدان نموا وعمليات الانضمام الذي أنشأته الصين في عام 2011. ومنذ عام 2017، عززت البلاد تعاونها مع منظمة التجارة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى في إطار صندوق المساعدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، ونفذت مشاريع تعاونية في إطار “المعونة من أجل التجارة” لمساعدة الدول الأعضاء النامية الأخرى على الاستفادة من سلاسل القيمة العالمية.

إن النظام التجاري متعدد الأطراف ونواته منظمة التجارة العالمية يمثل حجر الزاوية للتجارة الدولية منذ ظهوره، وسيظل كذلك في المستقبل.

ومع إبحار الاقتصاد العالمي عبر مجموعة من أوجه عدم اليقين الاقتصادي، ستواصل الصين اتباعها لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتحمل المسؤوليات الواجبة كاقتصاد رئيسي في العالم. وعلى الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى أن تحذو نفس الحذو.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.