موقع متخصص بالشؤون الصينية

العلاقات العراقية – الصينية وآفاق تطوير التعاون الثنائي

0

صحيفة الشعب الصينية-

د. حيدر قاسم مَطَر التميمي:

بدعوةٍ كريمة من سفارة جمهورية الصين الشعبية ببغداد، ممثلةً بسعادة القائم بالأعمال الصيني، كان لنا شرف المشاركة بحلقةٍ نقاشية استعرض خلالها سعادة القائم بالأعمال أبرز مفاصل الدورة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشر للحزب الشيوعي الصيني، والتي انعقدت خلال الفترة 8-11 نوفمبر/ تشرين الثاني،2021 في بكين، والتي كانت برئاسة الأمين العام للجنة الحزب المركزية، الرئيس الصيني (شي جين بينغ).

ومن جهتنا، فقد كان تعقيب على مجموعةٍ من النقاط التي أُثيرت خلال هذا اللقاء، ومداخلاتٍ حاولنا من خلالها تسليط الضوء على واقع العلاقات الثنائية التي تربط البلدين، والرؤى المستقبلية التي نحملها لهذهِ العلاقات. والتي يمكن إيجازها بالنقاط التالية:

– إذ تمر علينا خلال هذهِ السنة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، هذا الحزب الذي أثبت على مدى عقودٍ طويلة جدارته بقيادة هذهِ الدولة العظمى، والسير بها نحو الازدهار والرُّقي والتطور في جميع المجالات والقطاعات، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.. إلخ. إنَّما ترتكز مكامن قوتهِ وأسباب نجاحه – بحسب وجهة نظرنا – إلى أنَّه كان قريباً من جميع مكونات شعبهِ، والأعراق والطبقات المتعددة فيه، وذلك إلى حدِّ التلاحم والانصهار في بوتقةٍ واحدة. ما حدا بالشعب الصيني عموماً إلى أن يكون خير سندٍ وقاعدة لهذا الحزب طوال فترة تسنمه مقاليد الحكم وحتَّى يومنا هذا. وهي لعلَّها من التجارب الفريدة في واقع الأنظمة الحاكمة في عموم دول العالم المتقدم.

– الأزمات بمختلف أنواعها وأشكالها، والتي كلَّما زادت حدَّتها كانت معياراً رئيساً لنجاح السلطة الحاكمة في أيِّ بلد أو دولة من دول العالم. ولا يوجد ما هو خير شاهدٍ على ذلك الجائحة الصحية التي عصفت بمعظم دول العالم منذ أكثر من سنتين، نقصد بها جائحة تفشِّي فايروس كورونا، لتُثبت الصين مرةً أخرى – ممثلةً بقياداتها السياسية وأبناء شعبها – ذاك التميز والتفوق في كيفية مواجهة هذا الخطر المحدق والكبير، ولتتلاحم جميع مؤسَّسات الدولة مع أبناء شعبها مرةً أخرى، وفي صورةٍ تنجذب إليها العواطف وتتوق لها الأذهان، لتكون من أولى الدول التي تخرج منتصرةً وبجدارة أمام هذهِ الجائحة الكبيرة. كذلك، فلم يتوقف دور الصين إلى هذا الحد، بل كان كانت لها مواقف مشرِّفة بتقديم يدِ العون للكثير من دول العالم في سبيل تجاوز هذهِ الجائحة. هذا الموقف الذي يُحسب أولاً وآخراً لقيادة الحزب الشيوعي في دولة الصين الشعبية.

– نعتقد أنَّ النجاح الكبير الذي وصلت إليه دولة الصين في السنين القليلة الأخيرة، سواءٌ في الجوانب الاقتصادية أم الثقافية والعلمية وحتَّى الاجتماعية، هو السبب الرئيس لظاهرة محاولات تشويه الصورة العامة لهذهِ الدولة، وتحريض الكثير من وسائل الإعلام العالمي للسير على هذا النهج المعادي. إذ يسعى المعسكر الغربي – الرأسمالي حثيثاً للحطِّ من مكانة وقيمة الإنجازات الكبيرة التي تحققها الصين – أو تلك التي تسعى جاهدةً إلى تحقيقها – من خلال إثارة الشُبهات والدعواى حول قضايا يُراد منها كسب الرأي العام وتوجيهه بالضد من هذهِ التجربة الرائدة في شرق الكرة الأرضية.

– إنَّ واحدة من أبرز الشبهات التي تُثار منذ أعوام حول السياسة الداخلية في الصين، والتي يُراد منها تأجيج المشاعر الجماهيرية في دول العالم العربي والإسلامي، هي وجود سياسة خاصة يُعامل بها المواطنون الصينيون المسلمون، والذين يمثلون في دولة الصين نسبة كبيرة، وهي فئة مهمة من فئات المجتمع الصيني، والتي لها عمق تاريخي وثقافي عريق. إلَّا أنَّ سياسة الشفافية والمصداقية التي تعاملت معها القيادة الحاكمة في جمهورية الصين الشعبية تجاه هذهِ المزاعم كان لها الدور الأبرز في إيضاح الصورة ونقلها كما هي، لتتكشَّف لنا زيف الادعاءات في هذا الجانب، ولتُثبت الصين مرةً أخرى تلاحمها ووحدة جميع مكونات شعبها الفريد من نوعهِ.

– للصين علاقات تجارية واقتصادية واسعة مع العراق، تمتد هذهِ العلاقات لقرونٍ تضرب في عمق التاريخ. ولعلَّ مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني (شي جين بينغ) منذ العام 2013 هي فرصة كبيرة ومهمة للغاية لتطوير هذهِ العلاقات وتوطيد أواصرها. من جانبٍ ثانٍ فإنَّ السعي والرغبة الشديدة في أنْ تتسع قاعدة هذهِ العلاقات بين البلدين لتشمل الجوانب الاجتماعية والثقافية والعلمية وحتَّى الفنية منها، هي واحدة من أبرز الموضوعات التي يتم تداولها في أروقة مؤسَّسة بيت الحكمة والترويج لها وبيان الأهمية التي تنطوي عليها. فلكِلا الدولتين تاريخ وحضارة عريقين، نسعى جاهدين للإفادة وتبادل المنفعة من خلال زجِّ العراق ليكون واحداً من الشركاء الرئيسيين في هذهِ المباردة، لما نتوقعه من فائدة وربح كبير على مستوى جميع الأصعدة المذكورة.

– لعلَّ الشروع بتطبيق الاتفاقية الاقتصادية الصينية، التي عُقدت بين البلدين منذ أكثر من سنتين، تُعد مفتاحاً مهماً لدخول العراق في مبادرة الحزام والطريق، لما تنطوي عليه من فقراتٍ يُسعى من خلالها لإعادة بناء وإعمار البُنى التحتية للعراق، ليكون مؤهلاً وجديراً للمشاركة في مثل هكذا مشروع تجاري واقتصادي عالمي. ليكون هذا التوجه هو الآخر من أولويات مراكز البحث والدراسات في العراق وفي مقدمتها بيت الحكمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.