موقع متخصص بالشؤون الصينية

أكاذيب واشنطن المعادية للصين وتخريبها للنظام العالمي

0

وكالة أنباء شينخوا-

مقالة خاصة:

على الرغم من الدعوات الداخلية والخارجية المتكررة لواشنطن إلى خفض درجة حرارة علاقاتها الشائكة مع الصين، واصل السياسيون الأمريكيون تأجيج نيران العداء تجاه بكين من خلال نشر الأكاذيب المعادية للصين وقلب النظام العالمي الذي تُتهم الصين بلا أساس بتخريبه.

ينبغي على هؤلاء القابعين في واشنطن أن يدركوا جيدا حقيقة أن الصين ليست لديها النية للتنافس على النفوذ مع أي دولة أخرى، وأن الولايات المتحدة يجب أن تقوم بدورها المطلوب في الحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، وتتحمل مسؤوليتها كدولة رئيسة وتتعاون مع الصين بحسن نية وبطريقة بناءة.

–استراتيجية معيبة ضد الصين

في سياق إيجازه لسياسة البيت الأبيض الحالي إزاء الصين في أواخر مايو/ أيار، أعاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ترديد نظرية “التهديد الصيني” القديمة بل عمد أيضا إلى تضخيم أسلوب المنافسة وسياسات الكتل والترويج للأكاذيب حول سجل حقوق الإنسان للصين وتشويه سياسات الصين الداخلية والخارجية.

وقد كشفت تصورات بلينكن عن عقلية واشنطن العنيفة في الحرب الباردة، عندما تملكت منها الريبة بشكل متزايد من حقيقة أن الصين تتقدم بشكل مطرد بفضل خططها التنموية المصممة بحكمة، وأن هيمنتها العالمية تتدهور بشكل مستمر.

ومع ذلك، لم ينجح كلام بلينكن في خداع أي مراقب متعقل. على سبيل المثال، كتب زاتشاري كارابيل، مؤسس حركة بروغريس نيتورك، مؤخرا في مقال نشرته صحيفة ((نيويورك تايمز)) أن “تركيز واشنطن المكثف” على تضخيم تهديد الصين للنظام العالمي “يقلص مساحة التعاون مع بكين” في وقت يعتبر فيه البحث عن طرق للعمل مع الصين أمرا منطقيا وضروريا للغاية نظرا لعدد لا يحصى من التحديات التي تواجه البشرية.

وكتب كارابيل، وهو أيضا مؤلف وكاتب عمود ومستثمر، أن كل الأشياء التي تدعي واشنطن أنها تقلقها “لا تجعل الصين بالضرورة تهديدا لرخاء وأمن الأمريكيين”، معتبرا تأسيس السياسات الخارجية على مواقف خيالية بأنه “منحدر زلق”.

ولسوء الحظ، ما حذر منه كارابيل هو بالضبط ما فعلته وتفعله واشنطن. فقد حاولت احتواء الصين في كل خطوة على الطريق– اقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا– وتشويه سمعتها مرارا وتكرارا بأكاذيب مفضوحة منذ فترة طويلة.

أحدث مثال على ذلك كان في حوار شانغريلا الـ19عندما طرح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ما يسمى بـ”إستراتيجية اندو-باسفيك” لإشراك الدول الإقليمية في أجندتها المناهضة للصين.

وكتب المؤرخ الاسكتلندي نيال فيرغسون في مقال نُشر مؤخرا على موقع ((بلومبرغ)) أن استراتيجية واشنطن الضخمة “معيبة للغاية”.

وقال فيرغسون، وهو زميل بارز بجامعتي ستانفورد وهارفارد بالولايات المتحدة، إن ما يخيفه هو أن تتوصل واشنطن إلى إجماع من الحزبين على أن “مقاومة صعود الصين يجب أن تكون أساس السياسة الخارجية الأمريكية”.

–المخرب الحقيقي للنظام العالمي

تصف واشنطن نفسها منذ زمن بأنها داعمة للنظام العالمي القائم على القواعد. وبينما وصف بلينكن في خطابه في مايو الصين بأنها “تحد” للنظام الدولي القائم على القواعد، صور الولايات المتحدة بأنها دولة تدافع عن هذا النظام وتعمل على إصلاحه. وفي حوار شانغريلا الذي اختتم مؤخرا، طلب أوستن أيضا من دول المنطقة “تعزيز النظام الدولي القائم على القواعد”.

غير أن الحقائق أثبتت ألوان واشنطن الحقيقية ونزعتها المتزايدة للقداسة. وفي الواقع الولايات المتحدة هي نفسها المخرب الحقيقي للنظام العالمي القائم، والمهدد الرئيسي للسلام والاستقرار العالميين، والمنتهك الخطير للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

ومهما كانت الرؤى الكبرى التي قدمتها واشنطن لحمل دول المنطقة على المشاركة في ما يسمى بـ “إطار الاندو-باسفيك الاقتصادي”، فإنها لن تخف نواياها الشريرة بلعب سياسات العصابات الصغيرة وحياكة مؤامرات الانقسام والعزل وتقويض الاستقرار الإقليمي. ولن تؤدي الكيانات التي أسستها مثل أوكوس وكواد إلا إلى إعاقة المركزية الإقليمية.

وتعمل الإمدادات العسكرية لواشنطن على إضعاف الجهود الدولية لحل النزاع الروسي-الأوكراني سلميا، في حين تؤدي عقوباتها إلى تفاقم التضخم وكذلك انعدام الأمن الغذائي والطاقة، ويتحمل الناس في جميع أنحاء العالم العبء الأكبر بسبب ذلك.

وكما جاء في مقال نشرته صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 19 مايو، فإن التصريحات العدائية الأخيرة الصادرة عن واشنطن “لا تفضي إلى نجاح المفاوضات”.

وفي الوقت نفسه، كشف استبعاد واشنطن لبعض دول أمريكا اللاتينية من قمة الأمريكتين التي استضافتها مدينة لوس أنجليس الأسبوع الماضي عن نيتها لتقسيم المنطقة، كما بين حقيقة أن الحلفاء والشركاء هم ببساطة بالنسبة لها أدوات يمكن استخدامها لتعزيز مصالحها الأنانية.

كما ذكرت مجلة ((فورين أفيرز)) في مقال نشر مؤخرا أن الولايات المتحدة “تفتقر إلى المصداقية فيما يتعلق بقضايا الديمقراطية وسيادة القانون”، مضيفة أنها “لم تعد قادرة على إظهار نفسها ديمقراطية جديرة بالمحاكاة”.

–الطريق الصحيح قدما

وقالت صحيفة ((نيويورك تايمز)) “هناك العديد من الأسئلة التي لم يجب عليها الرئيس (جو) بايدن حتى الآن للجمهور الأمريكي فيما يتعلق بالتورط المستمر للولايات المتحدة في هذا الصراع الروسي-الأوكراني”.

وأضافت أن “الدعم الشعبي لحرب بعيدة عن شواطئ الولايات المتحدة لن يستمر إلى أجل غير مسمى. التضخم بالنسبة للناخبين الأمريكيين قضية أكبر بكثير من أوكرانيا، ومن المرجح أن تشتد الاضطرابات في أسواق الغذاء والطاقة العالمية”.

وفي الواقع، دعا العديد من الخبراء والمسؤولين حول العالم واشنطن إلى تغيير سياستها الخارجية لحل مشاكلها الداخلية الملحة.

على سبيل المثال، أشار فيرغسون إلى أن “سياسة بايدن الخارجية لم تفشل فقط في الاختبارات الأساسية للتماسك الاستراتيجي والمصداقية”، بل أنها أيضا “تبدو سيئة التصميم على نحو غير عادي لخدمة المصالح المحلية للديمقراطيين”.

وأضاف أن ذلك لن يساعد في حل مشكلة التضخم المحلية “رقم 1” في وقت “يقترب بسرعة” حزبه من “قصف التجديد النصفي”، في إشارة إلى انتخابات الكونغرس.

في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة مدعوة للعمل مع الصين لتعزيز علاقة صحية ومستقرة تتميز بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، وهي طريقة مسؤولة حقا لإدارة ما يعتبره الكثيرون أهم علاقة ثنائية في العالم.

وخلال زيارته إلى فيجي في أواخر مايو، أكد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن الصين ليست كما تخيلت الولايات المتحدة، وأن هناك منطقا تاريخيا واضحا لتنمية الصين واحيائها يتمتع بقوة داخلية قوية.

وقال وانغ إنه ينبغي على الجانب الأمريكي أن يدرك أولا أن الهيمنة أحادية القطب لن تجد أي دعم، وأن المواجهة الجماعية ليس لها مستقبل، وأن بناء أفنية صغيرة بأسوار عالية يعني العزلة الذاتية والتخلف، وأن الانفصال وقطع الإمدادات يلحق الضرر بالآخرين وبنفسه أيضا.

ودعا وانغ الجانب الأمريكي إلى تركيز جهوده على تطبيق مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، من أجل إيجاد طريقة للدولتين الكبيرتين، الصين والولايات المتحدة، للتعامل بشكل صحيح مع بعضهما البعض في العصر الجديد.

إن استراتيجية بايدن الكبرى تضع الولايات المتحدة وبكين على مسار تصادمي. كما قال فيرغسون “إنها سياسة سيئة وسياسة داخلية رهيبة”، مضيفا أنه على واشنطن أن “تتعاون مع الصين”.

وقال كارابيل إن الولايات المتحدة “يجب أن ترعى” علاقاتها مع الصين بدلا من أن تعرضها للخطر، لأن هذه العلاقات “ضرورية لكلا البلدين ليظلا مزدهرين ومستقرين وآمنين”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.