دبلوماسية شي: المبادرات المقترحة من قبل الصين تركز على التنمية والأمن العالميين
من الأربعاء إلى الجمعة، سيحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ الاجتماع الثاني والعشرين لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون في مدينة سمرقند الأوزبكية، وسيقوم بزيارة دولة إلى قازاقستان وأوزبكستان.
تنعقد قمة منظمة شانغهاي للتعاون في وقت يشهد فيه العالم تأثير وباء غير مسبوق منذ قرن وتراجع العولمة وعوامل معقدة أخرى معا، وفي وقت يواجه فيه أيضا نظام إدارة الاقتصاد العالمي تحديات.
وقدم الرئيس الصيني عددا من المبادرات والمقترحات المهمة للتنمية والأمن العالميين، مساهما بحكمة الصين ومنافع عامة في حل المشكلات الملحة التي تواجه البشرية الآن، الأمر الذي قوبل بترحيب من المجتمع الدولي، بما في ذلك منظمة شانغهاي للتعاون.
— التنمية والأمن للجميع
التنمية والأمن هما الشغل الشاغل لجميع البلدان ويشكلان أولوية عليا للحوكمة العالمية.
وفي بيان ألقاه عبر الفيديو في المناقشة العامة للدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول عام 2021، اقترح الرئيس شي مبادرة التنمية العالمية لتوجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمنسق والشامل في مواجهة صدمات كوفيد-19 الشديدة.
وتدعو المبادرة إلى الالتزام بتحقيق التنمية كأولوية، ونهج يركز على الشعوب، وتحقيق الفوائد للجميع، والتنمية المدفوعة بالابتكار، والتناغم بين الإنسان والطبيعة والإجراءات الموجهة نحو النتائج.
وأثناء إلقائه كلمة رئيسية عبر الفيديو في افتتاح المؤتمر السنوي لمنتدى بواو الآسيوي 2022 في أبريل/ نيسان، اقترح الرئيس شي مبادرة الأمن العالمي لتعزيز الأمن للجميع في العالم.
بالنسبة إلى سودهيندرا كولكارني، الرئيس السابق لمؤسسة أوبزرفر للأبحاث الهندية، فإن التنمية والأمن “وجهان لعملة واحدة وكلاهما غير قابلين للتجزئة”.
وقال كولكارني “لا يمكن لأي دولة أن تحقق الأمن إذا كانت الدول الأخرى غير آمنة، ولا يمكن لأي دولة أن تحقق التنمية إذا كانت تنمية الدول الأخرى في خطر. يجب أن ننظر إلى الأمن والتنمية في سياق عالمي”.
وقالت روزاليا فارفالوفسكايا، الباحثة الكبيرة في أكاديمية العلوم الروسية، إن مبادرة التنمية العالمية ستساعد في تسريع تنفيذ برنامج 2030 للأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة.
وقالت الباحثة “الانفتاح والتعاون بين الدول هما مفتاح الانتعاش الاقتصادي في حقبة ما بعد الوباء”.
— تعزيز التنمية المشتركة
يشهد العالم الآن تغيرات جذرية وجائحة كوفيد-19، وكلاهما غير مسبوقين منذ قرن، بينما لا يزال الاقتصاد العالمي يكافح رياحا معاكسة شديدة في مساره باتجاه الانتعاش.
وعلى الرغم من هذه الانتكاسات الكبيرة التي تواجه التنمية العالمية، فإن الصين كانت دوما بانية السلام العالمي، ومساهما في التنمية العالمية، ومدافعا عن النظام الدولي، ومقدما للمنافع العامة.
وأصبحت مبادرة الحزام والطريق، التي اقترحها الرئيس شي قبل تسع سنوات، المنفعة العامة الأكثر شعبية في العالم. علاوة على ذلك، لم تدخر الصين أي جهد لتوفير لقاحات كوفيد-19 لأكبر عدد ممكن من الناس في العالم.
وقال فرهد جافانباخت خيربادي، الباحث في الشأن الصيني بجامعة شهيد بهشتي في إيران، إن مبادرات التنمية التي اقترحتها الصين تجسد الفهم الصحيح للقضايا العالمية بالإضافة إلى التركيز على التقدم الجماعي.
وفيما يتعلق بتعظيم تعاون منظمة شانغهاي للتعاون الى جانب تعاون الحزام والطريق، قال الرئيس شي في كلمته أمام الاجتماع الحادي والعشرين لمجلس رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شانغهاي للتعاون في سبتمبر/ أيلول عام 2021، إن “تعاون الحزام والطريق يوفر منصة رئيسية لتعزيز التنمية المشتركة للجميع”.
وقال “نحن بحاجة إلى تعزيز التكامل بين مبادرة الحزام والطريق واستراتيجيات التنمية لبلدان منظمة شانغهاي للتعاون ومبادرات التعاون الإقليمي مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وينبغي أن نجعل سلاسل الصناعة والإمداد تعمل بسلاسة، ونعزز التكامل الاقتصادي والتنمية المترابطة لجميع البلدان، ونقدم منافع مشتركة للجميع”.
وقالت الخبيرة الروسية فارفالوفسكايا إن مؤشرات التنمية البشرية في جميع أنحاء العالم قد تراجعت في العقود الأخيرة، و”يمكن رفعها من خلال الجمع بين الفرص التكنولوجية والموارد بين البلدان”.
ولفت محمدجون عبيدوف، رئيس فرع فرغانة لاتحاد الصحفيين في أوزبكستان، الانتباه إلى حقيقة أنه الصين في معركتها ضد جائحة كوفيد-19 و”لم تنس الاهتمام بالدول الأخرى”.
وقال “تلقت أوزبكستان لقاحات من الصين أيضا. وتلقى العديد من الأوزبك هذه اللقاحات، ونتيجة لذلك، تمت حمايتهم من العدوى والأمراض الخطيرة”.
— مستقبل مشترك للبشرية
لطالما دعا الرئيس شي إلى بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك. وفي كلمته أمام الاجتماع الحادي والعشرين لمجلس رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شانغهاي للتعاون عبر وصلة فيديو العام الماضي، طرح الرئيس شي 5 مقترحات بشأن بناء “مجتمع أوثق ذي مستقبل مشترك لمنظمة شانغهاي للتعاون”.
وقال إن دول منظمة شانغهاي للتعاون بحاجة إلى مواصلة رحلة تعزيز التضامن والتعاون ودعم الأمن المشترك وتعزيز الانفتاح والتكامل وتعزيز التفاعلات والتعلم المتبادل ودعم المساواة والعدالة.
وعلى مر السنين، أوضح الرئيس شي رؤيته بشأن تعاون منظمة شانغهاي للتعاون، مما ألهم المجموعة للنمو لتصبح نموذجا في بناء نمط جديد من العلاقات الدولية ومساهما في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
على سبيل المثال، أثناء حضور القمة العشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون في عام 2020 عبر رابط فيديو، استفاض الرئيس شي في توضيح رؤية بناء مجتمع مستقبل مشترك لمنظمة شانغهاي للتعاون، وطرح “مجتمع صحة لنا جميعا”، “مجتمع أمن لنا جميعا” و”مجتمع تنمية لنا جميعا” و”مجتمع تبادلات ثقافية لنا جميعا”.
وقد أشاد العديد من الخبراء في مقابلاتهم مع وكالة أنباء ((شينخوا)) بالتزام الصين بالسعي لتحقيق التنمية المشتركة مع بقية العالم.
وقال أوبيدوف إن المقترحات الصينية تشهد على تفضيل القيادة الصينية للتعايش السلمي مع جميع الدول، بغض النظر عن أنظمتها الاجتماعية، وتثبت التزام الصين بالحفاظ على التعاون مع الآخرين من أجل التنمية المشتركة.
ومن خلال المناداة بالثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام التنوع الحضاري والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، عززت روح شانغهاي على مدى السنوات الماضية تنمية منظمة شانغهاي للتعاون وتجسد الاتجاه في العلاقات الدولية المعاصرة.
وقالت جولرو جيزر، وهي مستشارة في السياسة الخارجية ودبلوماسية سابقة التركية “كل الدول (الأعضاء)، صغيرة كانت أم كبيرة، مهما كانت… منظمة شانغهاي للتعاون ليس لديها أي نظام هرمي، واتخاذ القرار فيها قائم على الإجماع”.
وأضافت أن الدول الأعضاء نجحت في التعاون وبناء الاحترام المتبادل والأمن في إطار منظمة شانغهاي للتعاون.