موقع متخصص بالشؤون الصينية

بالإبداع والإنجاز… بناة الطرق الصينيون يتركون بصمة خاصة في أرض الجزائر

0

وكالة أنباء شينخوا-

مقالة خاصة:

في مكتبه بمدينة شرشال الساحلية شمال غربي الجزائر، يتبادل ليو رن أطراف الحديث باللغة الفرنسية مع زميل جزائري عن يوميات العمل وتفاصيلها. منذ مجيئه إلى الجزائر في العام 2009 حيث يعمل مهندسا في مشروع طريق تُقيمه الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية (CSCEC)، يضطره الحال لقضاء معظم الأعياد الوطنية الصينية خارج الوطن الأم.

في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا))، قال ليو رن متأثرا “عندما نختار العمل خارج الوطن فإننا بذلك نختار نوعا آخر من الحياة”، إذ إنه أثناء إقامته في الجزائر كان يعمل ليلا ونهارا وينام في سيارة شحن ويشعر بضغوط كبيرة أثرت بشكل كبير على نفسيته، بسبب بعده عن عائلته وبيته والاشتياق الدائم والحنين إلى الوطن الأم.

غير أن ذلك لم يمنع ليو رن من العمل بجد والتحلي بالمثابرة، وقد عبر عن التزامه هذا بقوله “نظرا لأننا اخترنا العائلة الكبيرة التي تتشكل من جميع أفراد المشروع بدلا عن العائلة الصغيرة التي ينتمي إليها كل منا، فإننا نحتاج إلى العمل بجد واجتهاد لتحقيق الأهداف، وبهذا يمكننا مساعدة عائلاتنا الصغيرة”.

خلال 13 عاما من العمل في الجزائر، شارك ليو رن في جميع مشاريع الطرق التي أقامتها شركة (CSCEC) وكان شاهدا على التطورات السريعة للبنية التحتية الجزائرية، وحاليا يتقلد منصب المدير العام لمشروع الطريق الدائري السريع بمدينة شرشال، وهو مكلف بمباشرة جميع مراحل المشروع من البناء إلى الإدارة والتسويق.

وذكر ليو رن أنه خلال هذه السنوات، شعر بارتفاع مكانة الصين في العالم ودورها الكبير في التنمية الاقتصادية العالمية، ما جعله أكثر عزما وثقة ومسؤولية تجاه مواصلة التمسك بأداء مهام منصبه في الخارج.

عند التحرك من مدينة شرشال نحو الجنوب الشرقي وبعد حوالي ساعة، تدخل السيارات أطول نفق في الجزائر بناه العمال الصينيون وهو جزء من الطريق السيار شمال – جنوب ونقطة انطلاق للطريق العابر للصحراء، حيث قامت شركة (CSCEC) بإنجازه رغم أنه الجزء الأصعب ويقع بمنطقة الشفة، وهي المنطقة التي تؤدي إلى الجنوب الجزائري الكبير.

في غرفة مراقبة هذا النفق الذي يبلغ طوله 4.8 كم، يقوم مهندس صيني آخر يدعى شي شيويه فنغ بتشغيل نظام التحكم الذكي، وهو يتذكر بتأثر عميق صعوبة بناء هذا النفق، حيث أشار إلى أنه “من أجل تسريع عملية البناء، لم نحفر فقط من الجانبين إلى الوسط، بل أنشأنا قسما للمشروع في وسط الوادي لتنفيذ أعمال البناء من الوسط إلى الجانبين، لقد عشت وسط الضباب ثلاث سنوات كاملة وجدت خلالها صعوبة في رؤية أشعة الشمس مع عدم توافر إشارة الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك، جرفت الفيضانات الناجمة عن الأمطار مسكني مرتين، ولم يكن بإمكاني وزملائي العيش إلا داخل آلات البناء”.

أما تشيو يونغ، وهو مهندس صيني آخر يعمل في نفس المقطع من الطريق، فذكر أنه لا مفر من تحمل المصاعب خارج الوطن الأم والحنين إلى العائلة، “ولكن الشعور بالإبداع والإنجاز في عملية الإنشاء يدفعنا للمثابرة”.

لقد رسخ بناة الطرق بشركة (CSCEC) روح العمل المتمثلة في العمل بجد، والعمل بمهارة، والعمل بسرعة من خلال أدائهم المتميز على المدى الطويل في الجزائر، حيث قال ليو رن في هذا الصدد “يمكننا الخلود إلى الراحة عندما يتعب الجسد، لكن أرواحنا لا يمكن أن تتعب”.

بفضل هذه الروح، تم إنجاز مشروعي مقطع الشفة من الطريق السيار شمال – جنوب والطريق الدائري السريع بمدينة شرشال قبل الموعد المحدد، والآن يدخل المشروعان المرحلة النهائية، حيث سيساهم هذان الطريقان بشكل كبير في تسهيل حياة الناس وفي التنمية الاقتصادية المحلية.

في شهر يونيو الماضي، وفي إطار المشاركة في الدورة الـ73 للجنة الربط للطريق العابر للصحراء، زار وزراء النقل من ست دول بما فيها تونس ونيجيريا مقطع الشفة من الطريق السيار شمال -جنوب الذي شيدته شركة (CSCEC) حيث أشادوا بالمشروع وصرحوا بأنه مشروع لا مثيل له.

إن تجربة ليو رن وزملائه في الجزائر صورة مصغرة لعشرات الآلاف من بناة الطرق الصينيين الذين يعملون في مشاريع تقام في إطار مبادرة الحزام والطريق في كل أنحاء العالم، هؤلاء الأبطال يشقون الطرق في الجبال ويبنون الجسور فوق الأنهار ويساهمون في الازدهار المشترك والتقارب بين الشعوب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.