موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق ((شينخوا)): تحديد المسار الصحيح للعلاقات الصينية -الأمريكية

0

وسط متابعة عالمية، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن يوم الاثنين تبادلا صريحا ومتعمقا للآراء حول مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية والأولويات العالمية في اجتماعهما قبل قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية.

وجاءت المحادثات رفيعة المستوى في وقت وصلت فيه العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى منعطف حاسم. وشهدت السنوات الماضية وصول العلاقات الثنائية إلى مستوى منخفض منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية: إذ تم تجاهل حقيقة مدى الترابطية بينهما؛ وتم تشويه الممارسة الناجحة للتعاون الثنائي المربح للجانبين؛ وسدت قنوات الحوار والاتصال. ولمثل هذه الانتكاسات، على واشنطن أن تتحمل اللوم.

ووفر اجتماع بالي، وهو الأول وجها لوجه بين رئيسي الدولتين منذ تولي بايدن مهام الرئاسة الأمريكية، فرصة مهمة للجانبين للعمل معا لتوجيه العلاقات الثنائية المضطربة بشدة للخروج من المأزق الحالي.

يعد التاريخ أفضل مرجع. وقد شهدت السنوات الـ50 الماضية من التبادلات بين الصين والولايات المتحدة على حقيقة أن الجانبين يكسبان من التعاون ويخسران من المواجهة. وقد استفاد العالم ككل إلى حد كبير من علاقات صينية- أمريكية مستقرة وصحية.

لنأخذ على سبيل المثال التجارة الثنائية، والتي جلبت فوائد هائلة لكلا الجانبين على مر العقود. وحتى في ظل التأثير المزدوج لجائحة كوفيد-19 والتعريفات الأمريكية الإضافية على الصادرات الصينية، تجاوزت التجارة البينية حاجز 750 مليار دولار أمريكي في عام 2021، وبلغ الاستثمار البيني 240 مليار دولار، ما يشير إلى مدى مرونة التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي.

وعلى الساحة العالمية، تعاون البلدان من أجل الدفع للتصديق على اتفاقية باريس للمناخ، وعملا معا في أعقاب التسونامي المالي العالمي عام 2008، وتصديا معا لتفشي الإيبولا في غرب أفريقيا.

واليوم، تشترك الصين والولايات المتحدة في مصالح مشتركة أكثر، وليس أقل. وعلاقتهما ذات أهمية أكبر للعالم. ولا يمكن تحقيق التعافي العالمي من الركود الناجم عن الجائحة دون التآزر بين أكبر اقتصادين في العالم. كما يتطلب الحفاظ على كوكب سلمي وصحي للأجيال القادمة جهودا مشتركة من الجانبين.

ومع ذلك، وكما قال الرئيس شي لبايدن في الاجتماع الذي عقد يوم الاثنين، فإن ما تشهده العلاقات الصينية- الأمريكية الآن لا يتفق مع المصلحة الأساسية للبلدين والشعبين، ولا يتفق مع تطلعات المجتمع الدولي.

وذكر الرئيس شي أنه من الضروري أن يبحث الجانبان الصيني والأمريكي عن طريقة التعامل الصحيحة بين البلدين في المرحلة الجديدة بموقف مسؤول تجاه التاريخ والعالم والشعبين، لإيجاد الاتجاه الصحيح لتطور العلاقات بين البلدين، والعمل على إعادة هذه العلاقات إلى مسار التطور السليم والمستقر، بما يعود بالخير على البلدين والعالم.

وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي على واشنطن أن تنضم إلى بكين في التحرك نحو الاتجاه نفسه.

بادئ ذي بدء، يتعين على واشنطن أن تضع في اعتبارها أن مبدأ صين واحدة غير قابل للتفاوض، ومسألة تايوان تقع في صميم المصالح الجوهرية للصين. وقد وعدت واشنطن باتباع سياسة صين واحدة، لكنها تحدت مرارا وعمدا الخط الأحمر الأول لبكين. وتؤدي استفزازاتها الخطيرة إلى تآكل حجر الأساس السياسي للعلاقات الثنائية.

إن حل مسألة تايوان مسألة تخص الصينيين وضمن الشؤون الداخلية للصين. ويجب على الجانب الأمريكي أن يقرن أقواله بالأفعال وأن يتوقف عن لعب ورقة تايوان والقيام بمزيد من الاستفزازات، وأن يلتزم بسياسة صين واحدة والبيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة.

إلى جانب ذلك، يجب على الولايات المتحدة احترام مسار التنمية في الصين. في هذه الأيام، تقوم مجموعة من الصقور المناهضة للصين في الولايات المتحدة بتلفيق رواية كاذبة عن “الديمقراطية مقابل الاستبداد”. ويخططون بذلك لإثارة المواجهة الأيديولوجية بين البلدين والأعمال العدائية بين الشعبين.

هناك دائما منافسة في العالم، ولكن يجب أن تكون حول التعلم من بعضنا البعض لنصبح نسخة أفضل من أنفسنا ونقوم بإحراز التقدم معا، وليس حول إسقاط الآخرين في لعبة محصلتها صفر. وبالتالي، من الضروري أن تعترف واشنطن بالاختلافات بين البلدين وتحترمها، وألا تدع مثل هذه الخلافات تصبح عقبة أمام نمو العلاقات الصينية -الأمريكية.

علاوة على ذلك، يتعين على واشنطن أن تتخلى عن مفاهيمها الخاطئة حول تنمية الصين. ولا ينبغي أن تكون العلاقات الصينية الأمريكية لعبة محصلتها صفر حيث يتفوق أحد الجانبين أو يزدهر على حساب الآخر. كما أن تقدم الصين أو تقدم الولايات المتحدة من شأنه أن يوفر الفرص، بدلا من أن يشكل تحديات، لبعضهما البعض.

وكما حث الرئيس شي في الاجتماع، يجب على الجانبين تبادل الاحترام والتعايش السلمي والسعي إلى التعاون المربح للجانبين والعمل معا لضمان مضي العلاقات الصينية -الأمريكية قدما على المسار الصحيح دون فقدان الاتجاه أو السرعة، ناهيك عن التصادم بينهما.

ومن المأمول أيضا أن تفي واشنطن بالتزاماتها بعمل ملموس بدلا من التحدث بطريقة والتصرف بطريقة أخرى، والعمل مع بكين على متابعة وتنفيذ التفاهمات المشتركة الهامة التي تم التوصل إليها خلال الاجتماع على وجه السرعة، والحفاظ على الحوار والتواصل، وإدارة الخلافات والاختلافات، وتعزيز التبادلات والتعاون، من أجل إعادة العلاقات الثنائية إلى مسار النمو الصحي والمستقر لصالح البلدين والعالم بأسره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.