موقع متخصص بالشؤون الصينية

لماذا لا تحبذ الشركات الدولية الانفصال عن الصين؟

0

في الآونة الأخيرة، كان هناك اتجاه متزايد لزيارة الصين من قبل الرؤساء التنفيذيين الدوليين. وأثبتت زيارات العديد من رواد الأعمال إلى الصين لاستكشاف الفرص كيف أخطأت وسائل الإعلام الأمريكية مثل نيويورك تايمز في الادعاء بأن الشركات الدولية تبحث عن طرق “لفك الارتباط” مع الصين، وثبت بما لا يدع مجالا للشك مقتها لهذه الفكرة.

من السهل أيضا دحض كذبة أخرى كتبتها صحيفة نيويورك تايمز بأن “الصين أصبحت أقل صداقة مع الأعمال التجارية”. وتأتي هنا الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك إلى الصين بمثابة حجة مضادة.

خلال زيارته التي استغرقت أسبوعا للصين في مارس، شارك رئيس شركة أبل عدة منشورات على منصة التواصل الاجتماعي الصينية ويبو، حيث عرض صورا ومقاطع فيديو له وهو يبتسم بين مجموعة كبيرة من العملاء والموظفين الصينيين في أول متجر لأبل في الصين.

كان كوك في الصين لحضور منتدى التنمية الصيني للعام 2023، وهو مؤتمر حضره رؤساء تنفيذيون دوليون لعمالقة مثل أرامكو ومرسيدس بنز وسامسونغ وشل وجونسون آند جونسون. وقال كوك في المنتدى إن “أبل والصين نمتا معا”.

وتشير قائمة الوفود الطويلة للمنتدى إلى أن الصين لا تزال تمثل نقطة جذب للشركات الأجنبية.

من الصعب تجاهل أو عدم ملاحظة ما تقوم به الشركات الأجنبية في الصين، مثل استثماراتها المتزايدة وإطلاقها للمشاريع وفتح المتاجر. على سبيل المثال، أعلنت شركة صناعة السيارات تيسلا في أبريل أنها ستفتح مصنعا في شانغهاي لتصنيع بطاريات ميغاباك، كما تخطط شركة تصنيع الطائرات الأوروبية ايرباص لبناء خط تجميع نهائي ثان في الصين لتوسيع الطاقة الإنتاجية لسلسلة طائرات الركاب أيه 320.

من ناحية أخرى، توسع الاستثمار الأجنبي المباشر قيد الاستخدام الفعلي في البر الرئيسي الصيني بنسبة 2.2 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 499.46 مليار يوان (70 مليار دولار أمريكي) في الأشهر الأربعة الأولى من العام، وفقا لوزارة التجارة الصينية.

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الرؤساء التنفيذيين والمستثمرين الدوليين للتصويت بالثقة بالسوق الصينية.

أولا، يمنحهم تاريخهم في “النمو معا” مع الصين المزيد من التوقعات للمستقبل. فعلى مدى عقود، شاركت العديد من الشركات متعددة الجنسيات عوائد التقدم السريع للصين مع تقديم مساهماتها في الاقتصاد الصيني.

وبعد عشرين عاما من دخولها الصين، قامت شركة السيارات الألمانية العملاقة “بي أم دبليو” الآن ببناء أكبر قاعدة إنتاج عالمية لها في الصين.

وقال ميلان نيديليكوفيتش، عضو مجلس إدارة الشركة، إن السوق الصينية “ديناميكية ومرنة”، مضيفا أن “هناك فرصة كبيرة للشركات الأجنبية للاستثمار، مما يعود بالربح على كل من الصين والمستثمرين”.

ثانيا، بالنسبة للعديد من الشركات الأجنبية، فإن الصين اليوم ليست مجرد قاعدة إنتاج وسوق واسعة ولكنها أيضا مصدر للابتكار. وقد أنشأت “بي أم دبليو” أكبر شبكة للبحث والتطوير والابتكار خارج ألمانيا في الصين.

قطاع التصنيع في الصين يتمتع بإمكانيات هائلة للتطور ونظم بيئية كاملة نسبيا، مما يمنح الدولة الآسيوية مزايا نسبية في تطوير صناعات التكنولوجيا الفائقة. ولهذا السبب أظهر تقرير صدر مؤخرا عن غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين أن ما يقرب من 60 في المائة من الشركات التي شملها الاستطلاع سوف تزيد “بشكل كبير” أو “بطريقة ما” إنفاقها على البحث والتطوير في الصين في السنوات الخمس المقبلة.

ثالثا، في الوقت الذي أدى فيه التباطؤ الاقتصادي العالمي إلى جانب الكثير من أوجه عدم اليقين إلى إلحاق الضرر بالشركات الدولية، قامت الحكومة الصينية على نحو مستمر بتطبيق سياسات مواتية لتعزيز بيئة أعمال سليمة للشركات الأجنبية وتعزيز تحرير التجارة وتسهيل الاستثمار.

ووسعت الصين مناطقها التجريبية للتجارة الحرة من واحدة إلى 21. وتحولت جزيرة هاينان بأكملها إلى ميناء للتجارة الحرة. وفي عام 2022، نفذت الصين القائمة السلبية المختصرة للاستثمار الأجنبي بالكامل، ووسعت كتالوج الاستثمار المشجع، وأضافت المزيد من المدن إلى برنامج تجريبي لفتح قطاع الخدمات.

 

 

في نفس الوقت تقريبا الذي كان يتم فيه احتضان كوك في الصين، واجه الرئيس التنفيذي لشركة “تيك توك” شو زي تشيو استجوابا مكثفا لما يقرب من ست ساعات من قبل المشرعين الأمريكيين، في حيلة سياسية مفضوحة لتصوير منصة مشاركة الفيديو على أنها تهديد للأمن القومي. وفي غياب الأدلة، كانت الحجة الوحيدة التي اختارها المشرعون لوجوب حظر التطبيق هي أن شركته الأم “بايت دانس” تعمل في الصين.

لم تكن منصة تيك توك الضحية الوحيدة لقمع واشنطن. فقد وضعت الولايات المتحدة أكثر من 1000 شركة صينية، بما في ذلك “زي تي إي” و”هواوي” و”دي جي آي”، على قوائم عقوبات مختلفة، وقامت باستخدام الأمن القومي كذريعة لتضييق الخناق على تطبيقات وسائط التواصل الاجتماعي الصينية مثل تيك توك وويتشات.

كما قامت واشنطن في السنوات الأخيرة وبشكل متكرر بتقييد الاستثمار في الاتصالات السلكية واللاسلكية وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي وقطاعات التكنولوجيا الناشئة الأخرى بذريعة “تعريض الأمن القومي للخطر”، وأدرجت كيانات أجنبية أو أفرادا في قائمة الكيانات المشمولة بالرقابة على الصادرات.

في الختام، الصين ترحب بالشركات الأجنبية للاستثمار أو لتوسيع وجودها. وفي تناقض واضح، أصبحت الولايات المتحدة “أقل صداقة مع الأعمال التجارية”. ولن تؤدي محاولات إلقاء اللوم على الصين سوى إلى جعل أمريكا غير مرغوب فيها من قبل الشركات العالمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.