موقع متخصص بالشؤون الصينية

لماذا يقوم رئيس مجلس الدولة الصيني بأول زيارة خارجية له إلى أوروبا؟

0

بدعوة من المستشار الألماني أولاف شولتس والحكومة الفرنسية، يقوم رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بزيارة إلى البلدين في الفترة من 18 إلى 23 يونيو الحالي، وهو أمر يبعث برسالة واضحة مفادها بأن الصين تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع أوروبا.

وحافظت الصين وأوروبا على الاتصالات والتعاون بشكل وثيق. وتنظر الصين إلى الاتحاد الأوروبي كقوة استراتيجية على الساحة الدولية، ولذلك جعلت من مسألة تطوير العلاقات مع الاتحاد الاوروبي أولوية قصوى في سياستها الخارجية.

وعلى مر السنين، أجرى قادة الصين وأوروبا اتصالات متكررة. حتى في خضم جائحة كوفيد-19، لم تنقطع الاتصالات سواء عبر المكالمات الهاتفية أو اجتماعات الفيديو. ومنذ نهاية العام الماضي، قام عدد كبير من القادة الأوروبيين، بما فيهم المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بزيارة الصين.

 

وقد أصبحت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين أوثق من أي وقت مضى. وخدم الجانبان كقوى رئيسة في الحفاظ على السلام العالمي، وتعزيز التنمية المشتركة، والنهوض بالحضارة الإنسانية. ولا تخدم العلاقات بينهما المصالح المشتركة للجانبين فحسب، بل المجتمع الدولي بأسره، لا سيما مع التصاعد المستمر للتحديات العالمية.

إن الصين ملتزمة بتطوير علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بروح المنفعة المتبادلة ونتائج الكسب المشترك. وقد أقام الجانبان أكثر من 70 آلية للتشاور والحوار تغطي مختلف المجالات مثل السياسة والاقتصاد والتجارة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا. وتتوسع التجارة بين الجانبين في مختلف المجالات مثل بطاريات الليثيوم وسيارات الطاقة الجديدة بسرعة. ويدعم الاستثمار الصيني مسعى انتقال الاتحاد الأوروبي إلى الصناعات الخضراء والرقمية والذكية.

بنهاية عام 2022، كان الاستثمار الثنائي قد تجاوز 230 مليار دولار أمريكي. وفي عام 2022، استثمرت أوروبا 12.1 مليار دولار في الصين، بنسبة زيادة كبيرة قدرها 70 بالمائة مقارنة بالعام السابق، مع استمرار صناعة السيارات في كونها أكبر بقعة ساخنة. وخلال نفس الفترة، حققت الاستثمارات الصينية في أوروبا نموا بنسبة 21 بالمائة لتصل إلى 11.1 مليار دولار. وقد استفاد الجانبان على حد سواء من هذه العلاقات المربحة.

وباختيار أوروبا كوجهة لأول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه، سيعطي رئيس مجلس الدولة الصيني دفعة أخرى للعلاقات الثنائية المثمرة بالفعل.

في ألمانيا، سيعقد رئيس مجلس الدولة الصيني المشاورات الحكومية السابعة بين الصين وألمانيا، وسيحضر منتدى التعاون الاقتصادي والتقني الحادي عشر بين الصين وألمانيا، وسيتبادل الآراء بشكل معمق مع ممثلين من الأوساط الاقتصادية في البلدين.

 

في فرنسا، سيحضر لي قمة “من أجل ميثاق مالي عالمي جديد” بمبادرة من الرئيس ماكرون، وسيجري اتصالات معمقة مع الجانب الفرنسي بشأن تعزيز التبادلات والتعاون في مختلف المجالات حيث تقترب الصين وفرنسا من الاحتفال بالذكرى الستين لإقامة علاقاتهما الدبلوماسية في العام المقبل.

وبدلا من أن تكون ما يسمى بالـ”خطر” أو “تحد” أو “منافس”، تثبت الصين بأنها شريك موثوق لأوروبا. وقد أظهر استطلاع حديث أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية شارك فيه أكثر من 16 ألف شخص في 11 دولة من دول الاتحاد الأوروبي أن غالبية الأوروبيين يعتقدون أنه يجب على أوروبا الحفاظ على العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين. وكانت وجهة النظر السائدة في كل دولة تقريبا استطلعت المؤسسة آراءها هي أن الصين “شريك ضروري” لأوروبا.

وفي إستراتيجيتها الأولى الخاصة بالأمن القومي الصادرة حديثا، تعترف ألمانيا بأن الصين “تظل شريكا لا يمكن بدونه حل العديد من التحديات والأزمات العالمية”. كما أظهر قادة أوروبيون مثل ماكرون الشجاعة باصدار دعوة صريحة لتعزيز التعاون مع الصين، ترديدا لمشاعر معظم الأوروبيين.

وفي الوقت الحالي، يمثل التضخم المرتفع والنمو البطيء والتداعيات المستمرة للأزمة الأوكرانية تحديات كبيرة لأوروبا. وعلى هذه الخلفية، يعتبر توطيد التعاون مع الصين وتعزيز العلاقات المربحة بينهما الخيار الأكثر قابلية للتطبيق للخروج من المأزق الحالي.

بزيارة رئيس مجلس الدولة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع شركائها الأوروبيين، في حين يتعين على أوروبا أن تحذر من منطق الكتلة مقابل الكتلة وتتخذ خيارها الاستراتيجي بشكل مستقل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.