موقع متخصص بالشؤون الصينية

رأي ضيف: بناء نظام عالمي جديد تسوده المنافع المشتركة

0

بقلم: رفعت بدوي، من لبنان

على مدى عقود، انهمكت الصين في تنفيذ خطط عظيمة لتقوية أواصر المجتمع الصيني، وتحفيز التنمية المستدامة، وتدعيم الاقتصاد والاكتفاء الذاتي، وتوفير الرعاية الطبية وتحقيق محو الأمية، والقضاء على آفة الفقر لشعبها البالغ تعداده 1.4 مليار نسمة.

عملت الصين بلا كلل، وحققت نجاحا كبيرا من خلال تجربتها الرائدة في تعزيز قدراتها، وهذا أدى بدوره إلى بناء مجتمع متماسك ملتزم بتنمية الأمة الصينية.

بفضل حكمة قيادتها، وضعت الصين خلال العقود الماضية تعزيز قدرات المجتمع والأمة نصب عينيها وضمن أولوياتها رغم العديد من العقبات، محققة أعلى معدل نمو في العالم بعد فترة قصيرة من الزمن.

إن الصين اليوم مختلفة تمام الاختلاف عما كانت عليه في الماضي، فهي ليست السوق الرئيسية لصادرات العديد من الدول فحسب، بل تمتلك أيضا جيشا قويا، وهو ما يمكنها من منع الجهات الخارجية من التدخل في شؤونها.

ولقد أرسلت الصين رسائل سياسية واقتصادية مهمة إلى العالم، تظهر نهضة الأمة الصينية.

لا شك أن الاقتصاد يلعب دورا محوريا في السياسات التي تنتهجها الصين، وأن سعي قيادتها لبناء اقتصاد قوي لا حدود له. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك العديد من الدراسات والبحوث التي تتوقع أن يتفوق الاقتصاد الصيني على نظيره الأمريكي في غضون 10 سنوات.

ففي الوقت الذي تطالب فيه الولايات المتحدة حلفاءها الغربيين بتنويع اقتصاداتهم وتقليل اعتمادهم على الصين، تسعى المزيد من الدول للانضمام إلى مجموعة بريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون.

 

تحاول الولايات المتحدة باستمرار احتواء النهضة الاقتصادية والسياسية للصين، لكن نجاح الصين في الانضمام إلى الآخرين لتشكيل “بريكس بلس” سيجعل من الصعب على واشنطن احتواء الصين أو منعها من المضي قدما نحو إقامة عالم متعدد الأقطاب.

إن الطلبات المتزايدة للانضمام إلى مجموعة بريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون فاقت التوقعات. ويرجع كل ذلك إلى ثقة تلك الدول المطلقة في الصين، وأيضا إلى عزم الصين على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي الدولي الذي يعود بالنفع على الجميع، ولعب دور مراقب مؤهل في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي.

إن الدول القلقة من النهضة الصينية هي تلك التي اعتادت على نهب وسلب ثروات وحقوق شعوب دول العالم الثالث لقرون، وخاصة أمريكا. فالولايات المتحدة بلد نهض على أكتاف الاستعمار والهيمنة على معظم مصادر الطاقة في العالم. كما ساهمت في الإطاحة بحكومات معارضة لها وصادرت ثروات تلك البلدان واحتكرت مواردها الطبيعية.

إنها إحدى الدول التي تسعى إلى تجديد النظام الاستعماري الأحادي بطريقة أو بأخرى لمنع إقامة نظام عالمي جديد يقوم على العدالة الاجتماعية والتنمية المتبادلة. وفي المقابل، ليس لدى الصين سجل من الإطاحة بحكومات دول أخرى، وهي بريئة من أي استعمار حيث أن الصين لم تنهب قط ثروات أي دولة في العالم. بل تعمل الصين على أساس الكسب المشترك بهدف تحقيق منافع متبادلة مع الدول الأخرى.

إننا نقر بأن عصر النهضة قد ألهم العديد من البلدان التي حاولت الاستفادة منه والتعلم منه. ولكن ثبت للعالم أن عصر النهضة الغربي نبع من الموروثات الاستعمارية والإمبريالية والعنصرية، وتحول فيما بعد إلى غزوات وعقوبات وإجراءات تمييزية ضد العديد من الدول، بما في ذلك بعض الدول العربية.

 

وعلى العكس من ذلك، نجحت الصين في حل أكبر معضلة بين بلدين متجاورين في منطقتنا وتوسطت في اتفاق استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية، الذي وصف بأنه تاريخي.

وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، قدمت الصين مبادرة حسن نوايا، داعية الأطراف المعنية إلى احترام الاتفاقيات الدولية وسيادة البلدين.

كما تؤيد الصين بقوة مبادرة السلام العربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية.

من الواضح أن الأمة الصينية تأتي بقوتها لبناء عالم جديد يسود فيه الأمن والسلام والرخاء والتنمية والمنفعة المشتركة، وهذا ما نطمح إليه.

ملحوظة المحرر: رفعت بدوي، محلل سياسي ومستشار رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.