موقع متخصص بالشؤون الصينية

البنك الدولي يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني إلى 8,2% خلال العام الحالي

0


صحيفة الاتحاد الاماراتية:
خفض البنك الدولي أمس توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين خلال العام الحالي إلى 8,2% من 8,4%، وحث ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الاعتماد على سياسة مالية أكثر تيسيراً تدعم الاستهلاك، بدلاً من التركيز على الاستثمار الحكومي لتعزيز النشاط الاقتصادي.

وفي أحدث تقييم نصف سنوي لاقتصادات دول منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي، قال البنك الدولي إن التباطؤ في الصين سيدفع النمو في الاقتصادات الصاعدة في شرق آسيا هذا العام إلى التراجع إلى أدنى مستوياته خلال عامين، لكنه حذر من أنه إذا تفاقمت أزمة ديون أوروبا، فإن ذلك قد يلحق ضرراً أكبر، إلا أنه قال إن المنطقة لا تزال قوية في مواجهة الأزمات في أوروبا، واصفاً إياها بأنها “الضوء المشرق” في العالم الذي يلفه ظلام التباطؤ الاقتصادي.

تعزيز الإنفاق المالي
وقال البنك الدولي إن ركود الطلب الأميركي والأوروبي وتراجع الأسعار في السوق العقاري بالصين، سيكون لهما تأثير سلبي على الاقتصاد الصيني في الأجل القصير. لكن إذا تحركت الحكومات والبنوك المركزية في الوقت المناسب لتحقيق استقرار النشاط فإن الاقتصادات ستتعافى العام المقبل. وأضاف التقرير أنه “رغم احتمالات تباطؤ وتيرة النمو تدريجياً (في الصين)، إلا أن هناك مخاوف من أن النمو يمكن أن يتباطأ بسرعة كبيرة، ولذلك يجب وجود سياسة كافية لمواجهة مخاطر أي هبوط في النمو”.

وتوقع البنك الدولي أن يسجل الاقتصاد الصيني، ثاني اكبر اقتصاد، في العالم، نمواً بنسبة 8,2% خلال 2012، بانخفاض عن نسبة 9,2% مقارنة مع 2011 و10,4% خلال 2010. وذكر البنك الدولي أنه يمكن للدول مواصلة تيسير السياسات النقدية والمالية لدعم النشاط الاقتصادي، لكنه أشار إلى أن مجال الحركة المتاح أمامها تقيده مخاطر التضخم التي قد تتجه للصعود عندما يتعافى النمو وسط الدين العام المتزايد الآن. وقال البنك: “ينبغي للسلطات في المنطقة أن تبقى مرنة لتحويل دفة السياسة النقدية إذا اكتسب النمو زخماً وتصاعدت الضغوط التضخمية”.

وتزايدت المخاوف في الصين من تباطؤ النمو الاقتصادي بعد ظهور بيانات اقتصادية ضعيفة لشهر أبريل الأسبوع الماضي. فقد انخفض النمو في الإنتاج الصناعي والواردات والصادرات والاستثمارات على الأصول الثابتة وكذلك الإقراض البنكي خلال أبريل. ومنذ ذلك الوقت خفضت بكين المبلغ الذي يتعين على البنوك الاحتفاظ به في خزائنها، ويتوقع اقتصاديون أن يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات بهذا الشأن.

وحددت الحكومة الصينية هدفها للنمو بنسبة 7,5% لعام 2012، وذلك في محاولة للسيطرة على البطالة وتجنب اندلاع أية احتجاجات اجتماعية.

وقال البنك الدولي إن الصين لديها السبل لتعزيز الإنفاق المالي، ولكن عليها أن تتجنب تكرار إنفاقها الهائل على البنى التحتية الذي اتسمت به استجابتها للأزمة خلال 2008. وأضاف أن “الإجراءات المالية لدعم الاستهلاك، مثل خفض الضرائب على أمور محددة، والإنفاق على الرعاية الاجتماعية وغير ذلك من أشكال الإنفاق الاجتماعي، يجب أن ينظر إليها على أنها أولوية”.

«الضوء المشرق»

ورأى البنك أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين سيؤدي إلى تراجع المنطقة بشكل عام، في الوقت الذي يتوقع فيه أن ينخفض معدل النمو في الاقتصادات النامية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى 7,6% خلال 2012 مقارنة مع 8,2% خلال 2011. ووفقاً لتقرير البنك الدولي فإن صادرات الصين زادت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بمعدل 6,9% مقابل نمو بمعدل 27,4% خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وزادت واردات الصين خلال الشهر الماضي بنسبة 0,3%. في الوقت نفسه، زادت صادرات دول جنوب شرق آسيا، وتشمل إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند وفيتنام، إلى الصين بنسبة 6,8% خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 25,4% خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وحذر التقرير من أن الدول التي تعتمد على تصدير المواد الخام مثل النفط والمعادن في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي، قد تجد نفسها أكثر عرضة لتداعيات تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض غير متوقع في أسعار هذه السلع.

ورغم أن البنك يؤكد أن هذه الدول في وضع جيد يتيح لها القدرة على التعامل مع أي تقلبات، فإنه ينصح حكومات دول شرق آسيا والمحيط الهادي بالعمل على توفير مصادر جديدة للنمو الاقتصادي وقالت باميلا كوكس، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة شرق آسيا: “في عالم يتعثر فيه النمو في معظم المناطق، فإن منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ هي الضوء المشرق”. وأضافت “هذه المنطقة لم تتأثر بأزمة أوروبا. فأوروبا هي غيمة داكنة في الأفق، ولكنها لم تمطر على شرق آسيا بعد”، في إشارة إلى أزمة الديون السيادية في أسواق التصدير الرئيسية بآسيا.

وشهدت الدول المصدرة للسلع في المنطقة طفرة خلال 2011، ولكن يمكن أن تضعف إذا شهدت الصين تباطؤاً أسرع من المتوقع، مما يمكن أن يتسبب في انخفاض غير متوقع بأسعار السلع. وقال بيرت هوفمان، كبير خبراء الاقتصاد في المنطقة بالبنك الدولي: “إذا تباطأت وتيرة النمو الاقتصادي بشكل أكبر في الصين، فإن ذلك يمكن أن يؤثر على أسعار السلع.. ولذلك يجب أخذ هذه المسألة في الاعتبار”. وأضاف أن “دولاً مثل أستراليا لديها اقتصاد منوع للغاية، ولكن بعض الدول، التي تعتمد بشكل أساسي على صادرات السلع، يمكن أن تبدأ في الاستعداد لوضع تنخفض فيه أسعار السلع قليلاً”. وقال البنك إن ذلك يمكن أن يدفع بعض الدول النامية في المنطقة إلى تسريع توجهها إلى تقليل اعتمادها على الصادرات، وزيادة الاعتماد على الطلب المحلي من أجل المحافظة على نمو مرتفع.

وقال برايس كويلين، الاقتصادي في البنك الدولي، إن “بعض الدول ستحتاج إلى تحفيز الاستهلاك المحلي.. ويجب على بعض الدول الأخرى أن تزيد الاستثمار خاصة في البنى التحتية، وتطرح فرصاً للمحافظة على النمو بشرط أن لا يزيد ذلك من ضغوط الطلب المحلي”. ورأى هوفمان أن المنطقة بشكل عام تبدو قادرة على مقاومة الاضطرابات المالية العالمية. وأضاف أن “العديد من الدول تسجل فائضاً في الحساب الجاري لديها، كما أن لديها مستويات عالية من الاحتياطيات الدولية. كما أن الأنظمة المصرفية لديها رسملة جيدة”. إلا أنه أكد أن المخاطر القادمة من أوروبا “يمكن أن تؤثر على المنطقة من خلال العلاقات التجارية والمالية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.