موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين تراهن على الاستهلاك المحلي للحفاظ على النمو

0


صحيفة الاتحاد الامارتية:
لا يقل بطء نمو الاقتصاد الصيني أهمية عن الجهود التي تبذلها بكين لتغيير النموذج الاقتصادي الذي يعتمد على استثمارات البنية التحتية والإنشاءات والصادرات، إلى التركيز على الاستهلاك الخاص في قطاع الخدمات. ويقتضي هذا التحول سنوات عديدة، لكنه ضروري بالنسبة لأسواق السلع.

وتلعب الصين دوراً محورياً في ميزان العرض والطلب العالمي، لا سيما وأنها تشكل ما يقارب نصف الطلب العالمي من بعض السلع مثل خام الحديد. وتكاد البلاد لوحدها تملك المقدرة على تحديد اتجاه دورة السلع.

وفي حقيقة الأمر، لاحظ العالم بالفعل تأثير بطء النمو الذي لازم الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، حيث انخفض سعر خام الحديد إلى 132 دولارا للطن الواحد، أي بنسبة تقارب 32% عن الرقم القياسي الذي كان عليه عند 200 دولار للطن في بداية العام الماضي. وفي غضون ذلك، بلغ سعر طن النحاس دون 8,000 ألف دولار، بتراجع عن القمة التي سجلها خلال 2011 بأكثر من 10,000 ألف دولار للطن.

لكن الشعور بنتائج التحول نحو الاستهلاك المحلي يتطلب المزيد من الوقت. وحذر الاقتصاديون والعاملون في تجارة السلع من فشل القادة الصينيين في إنعاش الاستهلاك الأسري كجزء من الاقتصاد، بغض النظر عن محاولاتهم التي استمرت لأكثر من عقد.

ويقول يو سونج، من “جولدمان ساكس”، :”لم يشهد نصيب الاستهلاك الأسري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، أي زيادة خلال السنة الماضية”. ومن المرجح وعلى المدى البعيد أن يخضع نموذج النمو الصيني لنوع من التحول حتى وإن لم يحدث ذلك بالسرعة التي يخطط لها القادة الصينيين أو حسب توقعات أسواق السلع. كما أن تأثير هذا التحول سيكون غير متساو في ما يخص المواد الخام بمختلف أنواعها.

وتتوقع “بي أتش بي بيليتون”. أكبر شركة للتعدين في العالم، أن يلحق التأثير بالحديد الخام والصلب في وقت مبكر وذلك عند اكتمال دورة الإنشاءات. وربما يبلغ استهلاك المعدنين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ذروته عندما يصبح نصيب الفرد 20,000 ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2025.

وساهمت ارتفاع نسبة سكان المدن، مع هجرة مئات الملايين من الريف إلى المدن في الصين، بشكل كبير في دورة السلع خلال العشر سنوات الماضية خاصة على صعيد سلع مثل الحديد الخام والصلب والأسمنت، نظراً لزيادة طلب السكان الجدد للمساكن والبنية التحتية.

ومع ذلك، بدأت وتيرة هذه الهجرة في الهدوء، حيث توقع بنك “ماجواير” الأسترالي بلوغ طلب الصين من الحديد ذروته في الفترة بين 2020 – 2025. ويُذكر أن هذا الطلب بدأ في التراجع بالفعل من نسبة كبيرة إلى نمو متوقع عند 4% في العام الحالي. ويمكن كذلك توقع ارتفاع نصيب سلع مثل الألمنيوم والنحاس لاحقاً في دورة السلع عند بلوغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 35,000 ألف دولار. وأخيراً، ربما يستمر طلب النفط والكهرباء والمواد الغذائية في الارتفاع، دون بلوغ الذروة إلا عندما يبلغ الاقتصاد الصيني مرحلة الاقتصادات المتقدمة. ويؤكد حجم السكان الصينيين على استمرار استهلاك الطاقة على مدى العديد من السنوات المقبلة بغض النظر عن السرعة التي يسير بها.

وحتى بعد الزيادة السريعة في الطلب في العقد الماضي، لم يتجاوز استهلاك الفرد الصيني من النفط 3 برميل في السنة، المعدل الذي يعتبر صغيراً مقارنة باستهلاك البرازيل عند 6 براميل للفرد في السنة وصغيراً جداً بالنسبة لأميركا التي بلغ استهلاك الفرد فيها 25 برميلا في السنة. كما يبلغ معدل استهلاك الفرد في أوروبا نحو 12 برميلا في السنة. ويرى بعض الخبراء أنه من الممكن إبطاء وتيرة الطلب، لكن لا يمكن وقفه. ومن المنتظر أن تزيد حصة الصين من استيراد النفط، مما يضيق الخناق على سوق النفط العالمية. وعلى صعيد السلع الزراعية، ربما يكون تأثير التغييرات الاقتصادية غير متساو.

وفي حين أصبح أفراد الشعب الصيني أكثر ثراء، قل استهلاكهم من الأرز حيث بدؤوا في استهلاك سلع أكثر تكلفة مثل اللحوم والفواكه، بالإضافة إلى المواد الغذائية المصنعة. وأرغمت زيادة الطلب السريعة في الذرة المستخدمة كعلف للحيوانات ولتصنيع المواد الغذائية الأخرى، الصين على التوجه نحو الخارج طلباً لشراء السلعة. وفي غضون ذلك، بدأ استهلاك الفرد من الأرز في التراجع، مما ينذر بتغيير جذري في البلاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.