عيد الربيع الصيني مهرجان الأفراح
خاص موقع الصين بعيون عربية –
أسامة مختار – بكين:
استقبل الصينيون في عيدهم السنوي الأكبر هذا العام “عام الثعبان ” الذي يرمز الى الذكاء والثروة والحكمة وطول العمر، كما أن إلقاء الثعبان لقُشورِه يعني التحول والتجديد” حسب المُهتمِين بالأبراج الصينية” ويُعتَقدُ أن مواليد بُرج الثعبان يتميزون بالتفكير الحاد والشفافية القوية، فهم يستطيعون أن يلتقطوا جوهر الأمور بسرعة وهم يُفكِرون في المسائل بعمق وشفافية ولديهم قدرة على تكيفِ أحوالهم بسرعة مع بيئات مختلفة، ومواجهة التحديات العملية ،ولديهم عقول تجارية حادة، ويستطيعون اكتشاف فرص تجارية خفية، واتخاذ قرارات استثمارية حكيمة.
التقويم الصيني
————————
بدأت احتفالات السنة الصينية القمرية الجديدة مع عشية يوم 28- يناير 2025م. وودَّع الصينيون العام القديم وهي ينشدون الحظ والازدهار وجميل الأمنيات في العام الجديد ويتبادلون التهاني مرددين عبارة “شين نيان كواي لو” التي تعني عام جديد سعيد.. 新年 快乐
يَعتَمِدُ التقويم القمري الصيني السنوي على دَورات القمر، وتستغرقُ الدورة الكاملة (60) عاما، وتتكون من (5) دورات مُدة كل دورة (12) عاماً. ويُطلق على كلِّ عام من هذه الأعوام الاثني عشر اسم حيوان، وتبدأ أول الأعوام بعام الفأر ثم يأتي بعدها في الترتيب أعوام الثور والنمر والأرنب والتنين والثعبان والحصان والخروف والقرد والديك والكلب والخنزير.
ليلة العيد وطقوسه
—————————
وفي ليلة رأس السنة الصينية كعادة الصينيين اجتمعت العائلات والأصدقاء وأُعِدت المآدب والموائدُ العائلية التي تحتوي على الأكلات الشهية، ووفق الطقوس المُتَبعة تزيَّنت جميع المقاطعات والمدن والشوارع الصينية وكثير من مناطق دول العالم بالألوان الحمراء وانتشرت في كل مكان، على ديكورات البيوت واللافتات والفوانيس والملابس ، فالألعاب النارية وعروض التنانين الراقصة واللون الأحمر يُخيف الوحوش وفق ما يعتقد الصينيون.
ويبدو لمُّ شمل العائلات الصينية التي تمثل خُمسَ سكان العالم أمرًا غاية في الأهمية، خاصة في مجتمع صيني حديث، يعيش فيه الآباء والأجداد في القُرى، والجيل الجديد في المدن الحضارية، ويُعرف هذا الحدث باسم (تشونيان)، أي هجرة الربيع. ويبدأ صراع محموم على شراء تذاكر السفر قبل شهر من موعد الاحتفالات، تقريبا يحرص الصينيون على الاحتفال برأس السنة الصينية بمُختلف الأشكال والطرق، وتستمر الاحتفالات على مدى أسبوعين، وتمنح الحكومة الصينية المواطنين أسبوعا إجازة من العمل بمناسبة العام الصيني الجديد.
تتنوع أشكالُ وطرق احتفال الصينيين بعيد الربيع، حيث يقطع ملايين الصينيين آلاف الأميال للعودة إلى ذويهم في المقاطعات كافة للاحتفال مع أقاربهم وأهلهم ،كما احتفلت الجاليات الصينية في جميع أنحاء العالم بالعام الجديد وأقامت بعضُ المؤسسات احتفالات بهذه المناسبة، ولقد شَاركْتُ هذا العام في احتفال رابطة الصحفيين لعموم الصين الذي نظمته للخبراء والصحفيين الأجانب بمقرها في بكين وقد كان احتفالا رائعا ومُعبرا مليئا بنكهة العام الجديد خاطبَه خه بينع رئيسُ جمعية الصحفيين الصينيين وعدد من قادة الحزب الشيوعي بالاتحاد بحضور 240 من رؤساء المؤسسات الإخبارية في المدن الصينية.

دول العالم تشارك الصين فرحة الربيع
———————-
حققت الصين إنجازات كبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأنَّها أصبحت الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر دولة في مجال تجارة السلع، فضلا عن كونها موطنا لثاني أكبر عدد من البشر على كوكب الأرض، ولهذه الأسباب ولأهمية دولة الصين والشعب الصيني،
اعتمدت الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في 22 ديسمبر عام 2023 قرارا لاعتماد عيد الربيع (العام القمري الجديد) عطلة للأمم المتحدة. وبهذا، يتحول عيد الربيع من عيد تقليدي صيني تسودُه البهجة والفرحة، إلى عطلة للأمم المتحدة، ضمن قائمة الأعياد الرسمية في الأمم المتحدة، ويبرز بوصفه كنزا ثقافيا يحمل ويواصل تقديم التراث التاريخي الممتد لآلاف سنين، ويُعد عام 2024 هو العام الأول الذى احتفل فيه الصينيون مع الأمم المتحدة، وقد جاء هذا القرار الأممي في خُطوة تجسِّدُ التقدير العالمي لتراث الشعوب وتثميناً للحضارة والثقافة الصينية، التي باتت جزءاً لا يتجزأ من النسيج الثقافي العالمي، ويعكس الأثر العميق للتقاليد الصينية على مستوى العالم
دلالات ومفاهيم عيد الربيع الصيني
——————-
يحمل عيد الربيع مفاهيم ثقافية صينية متنوعة، مثل السلام والوئام وقيما عالمية مشتركة لجميع البشر، مثل اللقاءات والتجمعات الأسرية وتناغم الإنسان مع الطبيعة. وتُعد جهود الصين لتحويل عيد الربيع إلى عطلة في الأمم المتحدة سعيا إلى اتخاذ إجراءات عملية لتحقيق تنوع الحضارات العالمية وفق مبادرة الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، “مبادرة الحضارة العالمية”، والتي طرحها في مارس 2023،والتي تهدف إلى استرداد مفاهيم التعايش السلمي ومنع الحروب وتخفيف التوتر العالمي الحالي. كما تدعو المبادرة إلى تعزيز التواصل والتعاون الدوليين في المجال الإنساني والثقافي، والتباحث في بناء شبكة التعاون للحوار بين حضارات العالم، وإثراء مقومات التواصل وتوسيع قنوات التعاون وتعزيز التعارف والتقارب بين شعوب العالم، بما يدفع تطور الحضارة البشرية وتقدمها.
وبتغير مفاهيم الصينيين وأفكارهم التقليدية تغيرت الأساليب والأنشطة الاحتفالية كثيرا في أيام هذا العيد ولكن ما زال عيد الربيع يحتل مكانة مهمه جدا في حياه الصينيين ولا يُمكِنُ استبداله بأي عيد آخر فهو ذو تاريخ قديم أزلي يمتد إلى أربعه آلاف سنه قبل الميلاد وقد عُرِف بأسماء كثيرة مُلخصُه أنها تعني سنة مزدهرة ونُلاحِظ كيف أنهم ينظرون إلى المستقبل منذ القدم وينشدون السعادة والفرح مع الاختلاف في العادات والتقاليد وطريقة الاحتفال في كلِّ مقاطعة صينية بما فيها من قوميات تختلف عن الأخرى في مراسم الاحتفال إلا أنَّ عيد الربيع يبقى ويظل أكبر أعيادهم وأفراحهم السنوية .
أسامة مختار
خبير بمجموعة الصين للإعلام