موقع متخصص بالشؤون الصينية

الإستراتِيجية الأَعمق

0

نشرة الصين بعيون عربية – الأكادِيمي مروان سوداح*

برغم الإختلاف الأيديولوجي بين الصّين وإيران، إلا أن نباهتهما ثبّتتهما على علاقات إستراتيجية بأبعادٍ كونية، وأسندت قاعدتيهما، تلبيةً لطموحاتهما الدفاعية السلمية ونوازعهما الحضارية.
إيران والصّين تقفان على طرفٍ سياسي وفكري نقيض مِن قيادات بلدان كثيرة. فهما تسيران على سكّة العهد بعلاقات أعمق وأصلب وأثبت في مَجرى الإستراتيجيا والتنسيق النشِط، وتّتسم صِلاتهما بالتزام مَبدئي في كَبائر القضايا، ولَمِسنا في صَيرورة التاريخ استحالة تفريق العاصمتين عن بعضهما بعضاً.
وإيران والصين دولتان محوريتان في آسيا، وتتحلّق حولهما بلدان عديدة، وتحقّق أخرى إفادات ملموسة بمشاركتهما التوجّهات، و/أو التعاون الشاسع، والاحترام الكامل للشؤون الوطنية والقرار المُستقل والكسب المُشترك، وهي شعارات غدت جاذبةً في القارة، وتَجمع المزيد من عواصهما لتحقيق السؤدد، فالتألّق الاقتصادي والاستثماري والتجاري والسياسي.
تشكّل إيران والصين صمّام أمان وعامل يَجهد لتسييد الإستقرار على شساعة الإقليم الآسيوي الجَامع لهما، حيث تنهج قوى ما داخل وخارج القارة توتير الإقليم سعياً لإستنزاف البلدين، فسلبهما دورهما الريادي في العملية السياسية، وللتربّع على عرشهما الاقتصادي والعِلمي والمَالي والاستثماري(!).
وتنحى سياسة الصين وإيران نحو تبريد الرؤوس الحامية في القارة القديمة وخارجها، من خلال منعَتِهِما وقراراتهما الفاعلة المُتّخذة جَماعياً في إعلى هيئات السلطة فيهما.
ومن الطبيعي سعي إيران والصين لتطوير جوهر علاقاتهما، ولاحظنا ذلك في دعوة رئيس مركز الأبحاث الإستراتيجية بمَجمعِ تشخيص مَصلحة النّظام، السيد علي أكبر ولايتي، لـِ”المزيد من التعاون”.
نُدرك الواقع العميق لعلاقات الدولتين وأبعادها التاريخية والحَضرنية، فهي تعود القهقرى لحقبة إمبراطورية “هان” والدولة البارثية، والشراكة التجارية الفعَّالة على طريق الحرير القديم، وتحفّزهما مُجدداً للاستثمار الإطاري في “الحزام والطريق”، التي إقترحها الرئيس الصيني الحليف شي جين بينغ.
إلى ذلك، يَرمي التحالف الصيني الإيراني لردع المتربّصين بهما بأشكال شتى، فإيران تُشكّل فيه قِيمة ومِحور مُتكامل جيوبوليتيكي حيوي للصين، يُسهّل تقدّمها البَرّي نحو غرب أسيا ويُفعّل “الحزام والطريق”، برغم أن “تل أبيب” لا تَكُف توتّر الأوضاع حول إيران وإغتيال شخصياتها العلمية، لعرقلة “المبادرة الحريرية” الشيجينبينغية التاريخية الثانية.
وتهتم بيجين بمشاركة طهران لمواجهة إستدارة النظام الأمريكي نحو “الشرق” (بمفهومه الواسع)، ليُحقّق تفوّقه البحري والبري، وليُوظّف الدائرين في فلكه بمُخطّطه المتربولي الكوني.
أضف أيضاً، أن تحالف البلدين يَخدم تحيييد محاولات أمريكا والارهاب الدولي، وتنظيمات الإيغور المتطرفين والإنفصاليين الأهوازيين ومُنَافِقي خَلق، لتثوير قوميات وأعراق داخل إيران والصين ، تمهيداً لفصلها وشرذمة الدولتين على غِرار مؤامرة سايكس/بيكو، فتضخيم أدوار دول مُحدّدة لتحل مَحل الصّين وإيران، فسلبهما مكانتهما، إبتداءً بالتفافات اليابان العسكرتارية، ومروراً بالنقلات التركية المُعثمنة، وأنظمة أخرى مُهلهلة.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.
** المقال خاص بنشرة ”الصين بعيون عربية“

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.