موقع متخصص بالشؤون الصينية

فوائد الاستثمار المباشر الأجنبي الصيني

0


صحيفة الاقتصادية السعودية:
لورا تايسون:
في حدث نادر ينطوي على ثنائية حزبية حقيقية أقر الكونجرس الأمريكي أخيرا تشريعاً يهدف إلى تشجيع المزيد من الاستثمار المباشر الأجنبي في الداخل. ولقد اتفق الديمقراطيون والجمهوريون على أن الاستثمار المباشر الأجنبي، أو ”تشغيل المصادر الداخلية”، مهم بالنسبة للوظائف في الولايات المتحدة وتعزيز قدرتها التنافسية. وهم محقون.

ولكن حتى في حين يقترحون اتخاذ تدابير جديدة للتودد إلى المستثمرين الأجانب، فإن العديد من أعضاء الكونجرس من كلا الحزبين يبطنون مخاوف عميقة إزاء الاستثمار المباشر الأجنبي من الصين، لأسباب اقتصادية وأخرى تتعلق بالأمن القومي. بيد أن هذه المخاوف لا مبرر لها، وانتهاج سياسات تمييزية لتقييد مثل هذه الاستثمارات تصرف يفتقر إلى الفطنة والحكمة.

إن حكومة الولايات المتحدة لديها بالفعل الضوابط الكافية لمراجعة ومنع الاستثمار المباشر الأجنبي من كل الدول، بما في ذلك الصين، التي تفرض مخاطر تهدد القدرة التنافسية والأمن الوطني. والاستثمارات التي تنجح في اجتياز هذه الضوابط تعود بالنفع على اقتصاد الولايات المتحدة على أكثر من نحو ولا بد أن تكون موضع ترحيب.

لا شك أن الولايات المتحدة لا تزال المقصد الرئيس للاستثمار المباشر الأجنبي على مستوى العالم، حيث تمثل نحو 15 في المائة من التدفقات العالمية.

ولقد ظلت الصين مصدراً صغيراً لتدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي إلى الخارج، ولكن هذا أيضاً بدأ يتغير بسرعة. فقد ارتفعت تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي الصيني إلى الخارج من متوسط ثلاثة مليارات دولار سنوياً قبل عام 2005 إلى 60 مليار دولار في عام 2010، لكي تقفز الصين إلى أعلى خمسة مصادر للاستثمار المباشر الأجنبي على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أعوام.

وتشكل الزيادة في تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي أولوية في الصين لسببين. الأول أن الصين لديها مصلحة مفهومة في تنويع احتياطياتها الضخمة من العملات الأجنبية بعيداً عن سندات الخزانة الأمريكية ذات العائد المنخفض وإلى أصول إنتاجية حقيقية ذات عائدات أعلى. ولهذا السبب أنشأت الصين صندوق الثروة السيادي، أو مؤسسة الصين للاستثمار، وللسبب نفسه يسعى صناع القرار في مؤسسة الصين للاستثمار إلى اكتساب المزيد من فرص الاستثمار المباشر الأجنبي.

والثاني أن السلطات الصينية كانت تشجع الشركات الصينية على ”الخروج إلى العالمية” والاستثمار في الخارج لإيجاد أسواق جديدة، وتأمين الوصول إلى الطاقة والمواد الخام، وتعزيز قدرتها التنافسية من خلال اكتساب تكنولوجيات وعلامات تجارية ومهارات إدارية جديدة. وفي تقرير صادر مؤخراً يحث بنك الشعب الصيني الشركات الصينية على الاستحواذ على شركات أجنبية كمرحلة الأولى من خطة مدتها عشر سنوات لتخفيف القيود المفروضة على سوق رأس المال في الصين ــ أحد أهداف صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة منذ مدة طويلة.

وبطبيعة الحال، فإلى جانب الفوائد الاقتصادية المحتملة المترتبة على اجتذاب حصة أضخم كثيراً من الاستثمار المباشر الأجنبي الصيني، فإن المخاوف المشروعة المتصلة بالقدرة التنافسية والأمن الوطني تحتاج إلى معالجة. فأولا، وكما يشارك في كل عمليات الاندماج والاستحواذ مستثمرون محليون وأجانب، فإن الاستثمارات في الشركات الأمريكية أو الاستحواذ عليها من جانب شركات صينية، سواء كانت مملوكة للدولة أو من القطاع الخاص، لا بد أن تخضع للتقييم من قِبَل وزارة العدل الأمريكية بسبب تأثيرها على المنافسة في السوق. ومن الأهمية بمكان أن يتم تعديل أو منع الاستثمارات التي قد تخلف تأثيرات ضارة بالمنافسة.

ولكن الاستثمار المباشر الأجنبي الصيني، وخاصة في القطاعات الحساسة مثل الطاقة، يؤدي غالباً إلى جلسات استماع في الكونجرس، وقرارات، ودعوات إلى فرض تدابير أكثر صرامة من جانب لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة.

وفي تغذية لهذا التصور، يحث بعض أعضاء الكونجرس الآن لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة على منع عملية الاستحواذ تحت رعاية كنووك على شركة نكسن الكندية التي تعمل في مجال الطاقة والتي لديها مقتنيات في خليج المكسيك، إلى أن تحل الصين النزاعات الجارية مع الولايات المتحدة حول السياسات التفضيلية التي تنتهجها الحكومة الصينية في تدبير مشترياتها والحواجز أمام الاستثمار المباشر الأجنبي للشركات الأجنبية في الصين. ومن المؤكد أن الاستجابة إلى هذه النداءات يُعَد خطأً فادحاً من شأنه أن يقوض العملية الموضوعية غير التمييزية التي تقوم بها لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة وأن يشجع الشركات الصينية على البحث في أماكن أخرى في وقت حيث يوشك الاستثمار المباشر الأجنبي الصيني على الانفجار ويحتاج الاقتصاد الأمريكي بشدة إلى فرص العمل، ورأس المال، والفوائد التجارية المترتبة عليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.