موقع متخصص بالشؤون الصينية

فائض الإنتاج آفة تضرب الاقتصاد الصيني

0


موقع قناة الجزيرة الالكتروني:
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الاقتصاد الصيني الذي شهد ثلاثة عقود من النمو المطرد يواجه اليوم مشاكل لم يألفها من قبل وضعته في موقف صعب لا يحسد عليه، حيث تملأ البضائع التي تبحث عن مشتر رفوف وأرضيات المخازن والمعارض التجارية.

وأشارت الصحيفة إلى أن التخمة الموجودة في الصين طالت جميع أنواع الصناعة الصينية، من الفولاذ إلى السيارات إلى الأجهزة المنزلية، وهو ما يعرقل جهود البلاد للخروج من التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده.

وقد نتج عن هذا التكدس في البضائع وتراجع القوة الشرائية في الداخل صراع محموم بين المصنعين الصينيين لتصدير البضائع التي لم يعد بمقدورهم بيعها في الداخل.

وقالت الصحيفة إن الأرقام الحقيقية للبضائع المكدسة في الصين قد طمستها الحكومة الصينية، التي تعلن أرقاما لا تعكس الواقع الاقتصادي، في مسعى منها لترويج الثقة باقتصاد البلاد بين أرباب الصناعة والأعمال والمستثمرين الأجانب.

ونقلت الصحيفة عن مؤسسة أتس أس بي سي/ماركت غير الحكومية في الصين معلومات عن ارتفاع حجم البضائع المكدسة في الصين في أغسطس/آب الجاري أكثر من أي وقت مضى منذ بدأت المؤسسة بإجراء مسوح دورية ابتداء من 2004.

وقالت آن ستيفنسون-يانغ مديرة قسم البحوث في مؤسسة جي كابيتال المتخصصة بالاقتصاد في هونغ كونغ إن الصناعة الصينية تزحف ببطء نحو التوقف التام.

وعلقت بالقول “كانت هناك توقعات وسط المصنعين الصينيين بأن ترتفع المبيعات في فصل الصيف، لكن ذلك لم يحدث”.
وتلقي المشاكل الاقتصادية في الصين ظلالا قاتمة على الاقتصاد العالمي وتمثل كابوسا مفزعا للمتخصصين بالاقتصاد الدولي، فإن لفظ الاقتصاد الصيني لأنفاسه الأخيرة يعني غرق الولايات المتحدة ومعظم أنحاء العالم في حالة ركود اقتصادي قد ينتج عنه انهيار منطقة اليورو ودخول الولايات المتحدة في جمود قد يشل البلاد.

الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر دافع للنمو الاقتصادي على مستوى العالم منذ الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم عام 2008. وفي حال إصابة الاقتصاد الصيني بالعجز فإن ذلك سيعني انخفاض شراء الصين للخدمات والبضائع من الخارج. وإذا أخذت أزمة الديون السيادية في أوروبا التي أضرت بالطلب على المنتجات بالفعل، فإن التوقعات بتكدس البضائع عالميا ستزداد، وسيصاحب ذلك انهيار الأسعار وضعف عجلة الإنتاج في جميع أنحاء العالم.

أما على صعيد قطاع العمل فقد شهد تباطؤا في التوظيف، وندرة في فرص العمل، مع توقف نمو الصادرات الصينية، التي تعد الدافع الأول للاقتصاد الصيني في العقود الثلاثة الماضية. كما توقفت حركة استيراد المواد الخام، مع مخاوف المصنعين من عدم قدرتهم على بيع منتجاتهم.

وقالت الصحيفة إن مقابلات صحفية مع ملاك ومديرين في مشاريع صناعية متنوعة في الصين أشارت إلى وجود تكدس وفائض في المنتجات الصينية الجاهزة للتصدير.

من جهة أخرى، أشار تقرير الصحيفة إلى تأثيرات كارثية لقرار الصين وضع قيود على المواطنين الصينيين الراغبين في شراء أكثر من بيت واحد، الأمر الذي أثر سلبا على عمل شركات المقاولات التي اضطرت إلى صرف جزء كبير من عمالتها.

ومن الإجراءات الحكومية الصينية الأخرى التي وضعت أولويات إنسانية قبل الاقتصاد، فرض بلدية مدينة غوانزو
-إحدى كبرى المدن الصينية- قيودا على تسجيل السيارات الجديدة بهدف الحد من التلوث والاختناقات المرورية، مما أثر سلبا على صناعة السيارات في البلاد التي شهدت في العقد الأخير ازدهارا منقطع النظير، وبدأت تظهر توقعات بأن تشهد أياما حالكة مثل تلك التي شهدتها صناعة السيارات الأميركية في ثمانينيات القرن الماضي.

ولكن من جهة أخرى، تشير أرقام مفوضية الإصلاح والتطوير الوطني الحكومية الصينية إلى خطط لزيادة مصانع السيارات في الصين، لتصل إلى نفس عدد مثيلاتها في اليابان وحتى الولايات المتحدة.

ورغم أن مصنعي السيارات الصينيين أشاروا إلى ارتفاع مبيعاتهم بالجملة في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 9% مقارنة بهذه الفترة من العام 2011، فإن هوانغ يي رئيس شركة زونغ شينغ الصينية للتصنيع أقر بأن هناك تكدسا في السيارات غير المبيعة لدى شركته وقال إن “فائض الإنتاج عندنا مرتفع جدا جدا، ولو لم أمنح عروضا خاصة في النصف الأول من السنة، لكان الفائض في الإنتاج أعلى”.

وعلقت الصحيفة على موقف الحكومة الصينية من أزمة فائض الإنتاج بالقول إن معظم تلك الحالات غير ذات أهمية من وجهة النظر الرسمية. وقد منع مكتب الأمن العام نشر معلومات انخفاض معدل تسجيل السيارات الجديدة، كما لم تقم السلطات الصينية بنشر أي أرقام حول عدد الوحدات السكنية والتجارية الفارغة التي تنتظر مشتريا أو مؤجرا، وهي كما تقول الصحيفة ليست بالعدد الهين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.