موقع متخصص بالشؤون الصينية

الجيشان الصينى والامريكى … تعاون من اجل السلام وتنافس للتوازن

0

صحيفة الشعب الصينية:
تصادف عقب مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، قيام تشن بينغ ده، رئيس الاركان العامة لجيش التحرير الشعبى الصينى بزيارة استغرقت أسبوعا واحدا للولايات المتحدة، فيما تعد اول زيارة يقوم بها رئيس للاركان العامة للجيش الصينى الى الولايات منذ سبعة اعوام ، الامر الذى يطرح تساؤلا بشأن ما اذا كانت الزيارة النادرة تعد تطورا جديدا فى العلاقات العسكرية بين الدولتين الكبيرتين.
وثمة قضايا سياسية ملحة وهامة تربط البلدين، تشمل باكستان وافغانستان المجاورتين للصين، وتايوان التى تعد جزءا لا يتجزأ من الصين، وهى مناطق استراتيجية هامة تعيرها الولايات المتحدة أهمية كبرى.
اما على الصعيد العسكرى فهناك الكثير من القضايا محل الاهتمام المشترك بين الجيشين الصينى والامريكى ، رغم المسافة الشاسعة بين البلدين، مثل مكافحة الارهاب والقضية النووية فى شبه الجزيرة الكورية، وجهود مكافحة القرصنة، ومسألة تايوان، وأمن الانترنت وغيرها من القضايا.
— التفاهم لتعزيز التعاون بين الجيشين
وخلال زيارة تشن بينغ ده، أجرى المسؤول العسكرى الصينى الرفيع محادثات مع وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون ووزير الدفاع روبرت جيتس ونظيره الأمريكى مايك مولين حيث تبادل معهم وجهات النظر حول العلاقات بين الجيشين والقضايا الدولية والاقليمية فضلا عن التعاون الثنائى العملى.
وفى هذا الصدد، يرى جوان يو فى، نائب رئيس مكتب الشئون الخارجية بوزارة الدفاع الصينية، إن الجانبين الصينى والامريكى اوليا أهمية عظمى لمستقبل الاستراتيجية العسكرية بين البلدين خلال زيارة المسؤول العسكرى الصينى الكبير.
وقال جوان انه سعيا لإقامة علاقات قوية ومستقرة وموثوقة بين الجيشين، تبادل تشن وجهات النظر مع كبار مسئولى الولايات المتحدة فى اشارة ايجابية الى ان القوات المسلحة فى البلدين ستعززان التعاون فيما بينهما.
واوضح جوان ان ثلاث نتائج ايجابية قد تحققت فى اطار حصاد وافر لزيارة الجنرال تشن.
اولا، توصل الجانبان إلى اتفاق حول دفع العلاقات العسكرية، اذ تعهدا بتعزيز العلاقات بين القوات المسلحة للبلدين فى اطار شراكة متبادلة النفع تتسم بالاحترام متبادل والكسب المتكافئ.
ثانيا، أجرى الجانبان تبادلات لوجهات النظر اتسمت بالعمق حول القضايا الدولية والاقليمية محل الاهتمام المشترك، بما فى ذلك القضية النووية على شبه الجزيرة الكورية والعمليات الخاصة بمكافحة الارهاب والمساعدات الانسانية والحد من الكوارث.
ولفت جوان الى إن الجانبين بحاجة إلى بذل جهود منسقة للتصدى للتحديات غير المسبوقة الخاصة بالتهديدات الامنية غير التقليدية التى يواجهها العالم الآن.
وأضاف ان الحفاظ على السلام والأمن فى منطقة آسيا- الباسفيك فضلا عن العالم كله، من المصالح المشتركة للبلدين، مؤكدا أن هناك مجالا كبيرا للتعاون فى القضايا الدولية والاقليمية .
ثالثا ، أصدر الجانبان قرارات حول مشروعات التعاون العملى، واعلنا اقامة خطوط ساخنة مباشرة بين وزارتى الدفاع بالبلدين والتعاون فى مجال الامن البحرى واجراء تدريبات مشتركة بشأن المساعدات الانسانية .
— الفجوة ما زالت قائمة
وعلى الرغم من التفاهم بين المسؤولين الصينيين والامريكيين، لكن الجانب الصينى اوضح بشكل جدي موقفه حيال بعض القضايا الحساسة واشار الى وجود فجوة وخلافات بشأن العديد من القضايا بين البلدين.
وقال تشن إن العلاقات بين البلدين تواجه مشاكل عندما “يتم تجاهل بكين،” وشبه تمسك بلاده بتايوان برفض انفصال الجنوب خلال الحرب الأهلية الأمريكية.
وتطرق تشن في خطاب القاه بجامعة الدفاع الوطنى فى واشنطن يوم 18 مارس، إلى ملف تايوان، الذي يعتبر نقطة الخلاف الأبرز بين الجانبين، في ظل تمسك واشنطن بدعم تايوان، التى تعد جزءا اصيلا من الصين.
وأكد المسؤول الصينى في كلمته إن بلاده تعتبر قضية تايوان مسألة مرتبطة بوحدة التراب الوطني، وقال إن بكين تتصرف حيال الجزيرة من نفس المنطلق الذي تصرف خلاله الرئيس الأمريكي السابق، أبراهام لينكولن، عندما قرر استخدام القوة لمنع انفصال الولايات الجنوبية، خلال الحرب الأهلية الأمريكية.
كما تساءل تشن لماذا تخاف بعض الجهات الامريكية تطوير الصين للاسلحة الجديدة وتعتقد ان ذلك يهدد الأمن الامريكى، بينما تبحث القوات الامريكية باستمرار عن كل الآليات الحربية الحديثة؟
وأكد المسؤول العسكري الصينى ان الصين حققت نموا كبيرا بعد بدء عملية الاصلاح والانتفاح، ومن ثم فإن تطوير الدفاع الوطنى والقوات المسلحة يعد خطوة منطقية تواكب نمو الصين الاقتصادي.
كما تساءل تشن انه اذا كانت الولايات المتحدة تعترف بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، فلماذا يبعث الجيش الامريكى بقوات مسلحة لحماية مناطق حول تايوان؟
واعرب تشن عن اعتقاده بأن السياسة الامريكية حيال تايوان الصينية تمثل نوعا من “الهيمنة” وتعد تدخلا فى الشؤون الداخلية الصينية.
— تسوية الخلافات وتنفيذ الاتفاقات
وكان بين اهم القضايا التى بحثها الجانبان خلال زيارة تشن لواشنطن، تنفيذ الاتفاق الهام الذى توصل إليه رئيسا الدولتين. كما تم التأكيد على أهمية الاحترام المتبادل وتعزيز الاتصالات والتعاطى مع الخلافات بشكل مناسب.
ويرى مراقبون ان الاتفاق لعب دورا هاما فى تعزيز العلاقات بين القوات المسلحة للبلدين.
واشاروا إلى أن التعاون مازال يمثل الاتجاه السائد للعلاقات، اذ احرز الجانبان توافقات واسعة حيال عدد من القضايا الكبرى، مع اقرارهم بخلافات لا تزال قائمة حيال بعض القضايا الاخرى.
وحول التنمية المستقبلية للعلاقات العسكرية الصينية الامريكية، قال تشن يوم 18 مارس فى جامعة الدفاع الوطنى الامريكى ان الجانبين بحاجة الى نبذ الطريقة التقليدية لبناء العلاقات العسكرية الثنائية، ورسم طريق التنمية المستقبلية من منظور جديد .
واشار تشن الى ان الصين والولايات المتحدة بحاجة الى احترام مصالحهما الرئيسية والمواءمة بين الشواغل الرئيسية لكليهما .
وقال تشن ان العلاقات العسكرية الصينية الامريكية هامة للغاية الا انها معقدة فى نفس الوقت .وأشار إلى أن العلاقات الثنائية سوف تتطور بسلاسة طالما ان الجانبين يحترمان بعضهما ويتناولان مصالحهما الاساسية من منظور طويل الامد.
ومن جانبه اعرب رئيس هيئة الاركان العامة الأمريكى مايك مولين ان الزيارة ذات أهمية كبيرة لتنمية العلاقات بين الجيشين مستقبلا وتبعث بإشارة إيجابية للعالم وتمثل خطوة مهمة فى بناء علاقات يعتمد عليها بينهما.
وذكر مولين أيضا إن تطوير العلاقات بين الجيشين يخدم مصالح الجانبين، حيث يوجد مجال واسع للتعاون بينهما فى العديد من القضايا الدولية والإقليمية.
وقال إن الولايات المتحدة مستعدة لتعزيز الحوار والتواصل مع الجانب الصينى، وتوسيع تعاونهما فى مختلف المجالات.
وفى الوقت نفسه أكد تشن ان الزيارة تهدف أيضا إلى تعزيز التفاهم والثقة المتبادلين والتعاون والعمل لتحقيق تقدم جديد فى تنمية العلاقات بين الجيشين.
وأعرب عن اعتقاده بأن الجيشين سيلتزمان على الدوام بدرب التعاون الودى، مشيرا الى أن علاقة صحية ومستقرة ويعتمد عليها بين الجيشين تعد مكونا هاما للشراكة التعاونية القائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة ولابد أن تنمو بدرجة أكبر.
ويجمع المراقبون على ان التعاون من اجل السلام فى المنطقة والعالم والتنافس من اجل الحفاظ على التوازن ومصالح الوطن، سيمثل النمط الذى سيتم على اساسه صياغة العلاقات بين الجيشين الصينى والامريكى خلال العقود والقرون القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.