موقع متخصص بالشؤون الصينية

أوجاع الصين السياسية

0

SoldierShingYand
موقع دار الحياة الالكتروني:
 محمد علي فرحات :
أثناء جولة الرئيس الصيني شي جينبينغ في شينغيانغ قبل أيام جرى تفجير انتحاري في محطة قطار رئيسية في الإقليم الصيني الشمالي، وأدرج الحادث في سياق أعمال إرهابية لمتطرفين من قومية الويغور التي تشكل غالبية شينغيانغ، وتردد أنهم ينتمون إلى فكر جهادي انعزالي يعادي الدولة الوطنية ويتوسل مطالب محقة للجماعات للانقطاع عن الوطن والانضمام، ولو رمزياً، إلى دولة إسلامية عالمية مفترضة يحكمها خليفة مفترض.

حادث محطة القطار سبقته أحداث مشابهة لم تسهم في الضغط لتلبية مطالب سكان شينغيانغ في تعزيز التنمية، بقدر ما ضغطت اجتماعياً ودينياً على السكان لرفض التعامل مع الدولة المركزية وصولاً حتى إلى مقاطعة الخضار والحبوب الواردة من المقاطعات الأخرى وتحريم السكن في المباني الحكومية المخصصة للإيواء. ووصل الأمر إلى أن الحكومة الصينية لا تجد بسهولة من يحاورها في أجواء التحريم هذه، فإذا وُجِد المحاور يتم اغتياله كما حصل لشخصيات معارضة من الويغور اعترضت على التشدد الديني.

لا يمكن الدفاع من بعيد عن سياسة الحكومة المركزية في إقليم شينغيانغ كما لا يمكن إدانتها من بعيد كما تفعل منابر إسلامية سياسية من دون تدقيق.

العمليات التي يرتكبها انتحاريون تندرج بالضرورة في سياق المشكلات السياسية والأمنية التي تواجهها الصين أخيراً في صراعها غير المعلن مع الولايات المتحدة، خصوصاً مع تسريبات بأن واشنطن سائرة إلى تعزيز وجودها السياسي والعسكري في الشرق الأقصى وتخفيفه في الشرق الأوسط.

وربما تكون الولايات المتحدة في تحالف موضوعي مع اليابان في نزاع الأخيرة مع الصين حول ملكية جزر دياو يوداو التي تديرها طوكيو على رغم كونها تحت السيادة الصينية بموجب إعلان القاهرة سنة 1945 (سبق لليابان أن احتلت الجزر بعد حربها مع الصين عام 1895 وتخلّت عنها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية عام 1945).

للصين مشاكلها الداخلية التي يمكن معالجتها بعد نجاح الدولة في القضاء على المجاعات المتنقلة، وبعدما حققت نقلة نوعية في التنمية أذهلت العالم، وذلك بانتقال الاقتصاد الصيني خلال 35 عاماً من الحضيض إلى ثاني اقتصاد في العالم، كما انتقل المواطن من الموت جوعاً إلى الاكتفاء وشيء من الرفاهية. واعتمدت التنمية النوعية خلطة غير مسبوقة بين حكم شيوعي صارم واقتصاد مفتوح، وفي السياق يتم تنفيذ قانون لضبط الانفجار السكاني يفرض إنجاب طفل واحد مع استثناءات بإنجاب طفلين كحد أقصى.

نجاح الصين الاقتصادي عزز حضورها الدولي في مجلس الأمن كما في العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول بعيدة، خصوصاً في أفريقيا. وتطلّب حفظ النجاح مضاعفة الإنفاق العسكري ثلاثين مرة خلال العقدين الأخيرين.

ولكن، يبدو أن الصين تفضّل اعتماد القوة الناعمة ممثلة في الاقتصاد والتكنولوجيا، لذلك نجدها وراء روسيا في الصراع مع الغرب ولا تتصدر المشهد، كما تحرص على علاقة ودية بالولايات المتحدة على رغم توجّه الأخيرة إلى الصراع على النفوذ في الشرق الأقصى وبحر الصين.

المؤكد أن الصين شفيت من أوجاعها الاقتصادية ودخلت مرحلة الأوجاع السياسية، ومنها الأحداث الأمنية التي تخدم مصالح دول كبرى أكثر من اندراجها في دعم مطالب شعب الويغور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.