نحن والصين.. إعلاماً وطريقاً
موقع الصين بعيون عربية:
عبد الله علاونة*:
تبدو لي الصين بعيدة جداً، أبعد من مجرد طريق حرير، وإن كانت تقع في آسيا كالاردن. أحياناً لا تقاس محبة الشعوب والبلدان الاخرى بالمسافات عنها والمساحات، بل بمدى معرفتنا لها، وقربنا المعنوي منها، وعواطفنا تجاهها. فتخال البعيدة منها قريبة، والقريبة بعيدة كل البعدُ، حتى لتعجز عن زيارتها وتتبرّم عنها وإن كانت جنّة غناء.
وسائل الاعلام الحالية من فضائيات واذاعات ومواقع اعلامية جعلت البعيد قريب، وقرّبت البعيد منّا، وجعلت من الدول التي لا نعرفها معروفة إلينا، وصورتها ملازمة لنا. ومِثال الصين في هذا ناصع وصورتها تظهر أمامنا يومية. فمن عشرات المواقع الصينية على شبكة الانترنت والفيسبوك باللغتين العربية والانجليزية، إلى الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم الشهرية، إلى أثير إذاعة الصين الدولية الناطقة بالعربية، الى الفضائية الصينية، الى الصحف الصينية المنشورة بالعربية كشبكة الصين وصحيفة الشعب الصينية، وغيرها الكثير التي جعلت من الصين قريبة وأخبارها يومية، نقرأها، ونشاهدها ونستمع إليها ونتلذذ بصورها.
وفي مجلة الصين اليوم التي إطّلعت عليها حديثاً، حديث بشؤون وشجون. فهي مجلة تصدر منذ أكثر من نصف قرن، راقيةً مقاماً، ومصقولةٌ أوراقُها، وصورها كثيرة وواضحة ودقيقة، وعرضها شيّق، وأبوبها متنوّعة ومختلفة بمُحتواها وطريقة إبراز مقالاتها وأخبارها، وحرفها واضح ومقروء، وأبوابها كثيرة، منها ما يتصل برغبات القراء، وترويج اسمائهم كأصدقاء للمجلة، ومسابقات متواصلة وجوائز، ونشر صور لأصدقائها في كل عدد يصدر، عدا عن مواد لتنشط الذاكرة وهي تُضيف معلومات جديدة لجعبة الشخص الثقافية.
لكن الأهم في المجلة هو عرضها لقضايا الصين والعالم العربي، وعلاقات الجانبين في شتى المجالات، ومنها الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، ما يتلاقى ومصالحهما الثنائية ومتطلبات التعاون الانساني والفني والثقافي، وأخبار العلاقات الرسمية والدبلوماسية الشعبية، لكن السلبية الوحيدة هي قلّة عدد نسخ المجلة المُباعة في الاردن، فمن الصعب إيجاد نسخة منها، ومعظم الاكشاك والمكتبات لا تبيعها، والحصول عليها من مصدرها يتطلب رحلة خاصة وطويلة للوصول إليه!.
في الإعلام الصيني الناطق بالعربية مُتعة للقراءة والمتابعة، لأن القارئ يدخل الى عالم جديد وكبير يغرف منه ما يشاء، وفي “الحالة الصينية”، يلزم القارئ سنوات طويلة لمعرفة تفاصيلها والإلمام بها، فالصين قارة كبيرة وتاريخها يفوق الخمس آلاف سنة، وعلاقاتها مع العرب بدأت منذ ألفي عام ونيّف عبر طريق الحرير والاتصالات الاخرى، البرية والبحرية والبريدية، وهذا الارث المعرفي الكبير بين عالمين صيني وعربي سيبقى إرثاً غنياً بحاجة الى دراسة وتخصص وإعاده نشر حقائقه بمجلدات لا تنتهي قد لا تتسع إليها جغرافية الصين والعالم العربي..
كاتب اردني.