وجهة نظر في الإعلام الصيني الناطق بالعربية (1)
موقع الصين بعيون عربية ـ
سمير العدوي*:
علينا ان نكون منصفين وموضوعيين وواقعيين دائماً في محاكمتنا وتوصيفنا وتقييمنا للإعلام الصيني الناطق باللغة العربية. فبرغم ان اللغة العربية ليست لغة سهلة للمواطن الصيني، وبغض النظر عن أنها ثقيلة على ألسنتهم، إلا أن عدداً غير قليل من الصينيين يتقنونها ويبدعون فيها، وبخاصة أولئك الذين تعلّموها في جامعات صينية شهيرة، تبتعثهم عادة لمؤسسات التعليم العالي العربية، بهدف صقل مهاراتهم اللغوية العربية والإبداع فيها، وتصعيدهم بالتالي لمواقع المسؤولية الاستشراقية والاستعرابية والدبلوماسية والسياسية في مواقع المسؤولية والقرار بجمهورية الصين الشعبية الصديقة.
وفي الفضاء الصيني الواسع، ينتشر عدد كبير من المواقع والهيئات الإعلامية الناطقة بالعربية، كتابةً وصوتاً وصورةً. ومن المُحبّب واللافت جداً لنا نحن العرب أن نستمع بحرص للإعلاميين والمراسلين الصينيين حصراً، الذين يتحدثون عَبر إذاعتهم وفضائيتهم باللغة العربية، وليس الاستماع لقراءات أبناء جلدتنا العاملين العرب في تلك المواقع الاعلامية الصينية. فمشاهدة كيف يقوم الصينيون بإتقان إلقاء النص العربي ومخارج الأحرف، بخاصة في الفضائية الصينيةCCTV، ومناقشتهم بعضهم بعضاً، أو عندما يناقشون العرب في ملفات عربية ودولية بلغة الضاد تحديداً، هو متعة من نوع خاص لا تضاهيها متعة اخرى، أما الاستماع للعرب، فلا يجذبنا بشيء مُمَيّز ولا هو بظاهرة جديدة ولا هي جاذبة!
وليست ظاهرة الصينيين المتحدثين بالعربية هي المُحبّبة فقط، بل أن عدداً كبيراً أيضاً من الصينيين صاروا خبراء ومتخصصين باللغة العربية يتحدثون بها في المؤتمرات ومن على المنابر، ويدرسونها في الجامعات والمعاهد الصينية العليا، ويؤلفون بها الكتب والمراجع، ويجادلون بها بعضهم بعضاً، ويخوضون مسابقات سنوية دولية في قواعدها اللغوية!
ونظرة فاحصة للمواقع الصينية تذهل المرء. ففي الصين العديد من الصحف وشبكات الاخبار الحكومية والاجتماعية التي تتواصل مع العرب بالعربية تحديداً، ومنها: إذاعة الصين الدوليةCRI ومجلتها الشهرية العربية “مرافئ الصداقة”؛ و “مجلة الصين اليوم”، و “مجلة الصين المصورة” التي تشتهر على وجه الخصوص بأنها أول مجلة متخصصة في الصور المتقنة بالصين، تستهدف جمهوراً في عموم العالم، وهي الأولى التي تستثمر في الافلام الملونة والطباعة؛ زد عليها “مجلة اقتصاد الصين الاسبوعية”، و “شبكة الصين”، و “صحيفة الشعب الصينية”، و “وكالة انباء شينخوا” الرسمية، وموقع شبكي “وزارة الخارجية الصينية”، وموقع “منتدى التعاون العربي الصيني”، و “مجلة اقتصاد الصين الاسبوعية”، وموقع “المركز الصيني الدولي لخدمات التجارة الإلكترونية”، و “المركز العربي للمعلومات”، و “مجلة اقتصاد الصين الأسبوعية” وغيرها.
بالاضافة الى ذلك، تأسست مواقع عديدة تختص بالصين في العالم العربي، وهي بالاساس شقيقة للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حلفاء الصين أو جزء أساسي منه ، وأشهرها هو “موقع الصين بعيون عربية” في بيروت، ومديره العام الاستاذ محمود ريا الكاتب المعروف والخبير السياسي والصيني الآسيوي، و “صحيفة أسيا بريس الالكترونية” في المملكة المغربية ومديرها الاكاديمي فؤاد الغزيزر مُمثل (الاتحاد الدولي) في المغرب والخبير بشؤون وشجون آسيا والصين، وعدد كبير من المواقع يصل الى (150) موقعاً على الفيسبوك، تنشط بإسم “شبكة حقائق الإخبارية”، ويديرها الزميل الصحفي مروان سوداح رئيس (الاتحاد الدولي).
القناة الصينية الناطقة بالعربية
وفّرت القناة صورة واقعية وغير مسبوقة عن الصين. وجاء تأسيس القناة تلاقياً مع رغبات الشعوب العربية لمعرفة الصين والتقارب معها وتعزيز التنسيق وإياها، في شتى الحقول، ولشرح موقف الصين من قضايا العالم وفي طليعتها القضية الفلسطينية ومسألة “الشرق الاوسط”، التي هي قضية الصراع العربي الصهيوإسرائيلي وإحلال سلام مكين وعدالة تامة في منطقة العربية المنكوبة بالاستعمار، بحيث صارت هذه القناة الفضائية وسيلة ناجحة للوصول الى أكثر من ثلاثمئة مليون مواطن عربي، واكثر من عشرين دولة عربية، وتعميق التفاهم الثقافي والحضاري بين الصين والعرب.
الاهمية الاخرى لوجود القناة الفضائية الصينية هو اكتشاف الصين والوجود العربي فيها، وضرورته إليها وإلينا، وتلازم القضايا العربية والصينية، مصيرياً وحضارياً، سيّما في حالة الفوضى الاعلامية التي يشهدها العالم، ومحاولات بث الاخفاق الاستراتيجي والوهن السياسي في الجسد العربي والنفسية والعقل العربيين. وفي ظهور القناة، تعزيز دور الإعلام الصيني العربي المتبادل، إذ تنقل القناة يومياً وعلى لسان الصينيين أنفسهم، حقيقة واقع الصين والعالم العربي، وأفضليات الاقتصاد المتداخل والمتشابك، المُخطّط والرأسمالي، ضمن منظومة دقيقة في رسم حدودها وأبعادها وانتاجها، والطبائع الانسانية للصينيين وصدقيتهم التي أكدتها السنون الطويلة منذ ما قبل عهد الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلّم)، الذي أوصانا بوصية عظيمة هي “أطلبوا العِلم ولو في الصين”.
وجود الفضائية الصينية ومذيعين صينيين يُطلّون من شاشتها صباح كل يوم على المشاهدين العرب، أعاد للصين ألقها في الدول العربية، وفي ميادين التاريخ والحضارة والسياسة وغيرها، ما حتّم في الاردن تأسيس المنتدى العربي الثاني، بعد المنتدى المغربي، لمشاهدي واصدقاء الفضائية الصينية العربية CCTV، في سبيل تحقيق التقارب بين الصين والشعوب العربية، وكي لا يكون الخطاب الإعلامي ذا إتّجاه واحد ولون واحد، ولئلا يكون المستقبل الذي يرسم لعامة العرب ذا إتّجاه واحد، بل ليعرف العرب، كل العرب، ان هناك قوى عالمية صديقة تستطيع فتح مجالات اخرى أمامنا لاختيار طرق جديدة، تتأتى منها ثمار كثيرة لكل العرب، وربما بلسان صيني كفيل بتجديد المياه العربية الراكدة العكرة بعنفوانه الاقتصادي والثقافي المعاصر المُتجدّد .
• إعلامي اردني ومسؤول الملف الالكتروني في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حلفاء الصين.
..//يتبع//..