موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: الصداقة الصينية – الفيتنامية الحميمة تتجاوز الحيل الجيوسياسية

0

Flag-Pins-China-Vietnam

في الوقت الذي يستضيف فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما رئيس الحزب الشيوعي الفيتنامي نجوين فو ترونج بالبيت الأبيض اليوم (الثلاثاء)، تعانق الدولتان لحظة رمزية للغاية في ارتباطهما في فترة ما بعد الحرب.

إن الانفراجة في العلاقات الفيتنامية – الأمريكية تعد انجازا مرحبا به ومشجعا في تطور العلاقات الدولية. وتتفق مع الاتجاه السائد للعصر المتمثل في السلام والتعاون والذي تعد الصين مؤسسا أساسيا له ومدافعا بتصميم عنه.

ولا شك في أن زيارة الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي للولايات المتحدة ذات أهمية تاريخية. وتتوج تقاربا مثيرا بينهما بعد أن كانا خصمين لدودين طوال العقود الستة الماضية وتبشر بدخول العلاقات الفيتنامية – الأمريكية لعهد جديد.

لقد كانت الدولتان عدوين لدودين على مدار أكثر من 20 عاما حتى نهاية الحرب الفيتنامية عام 1975. واستغرق الأمر منهما 20 عاما أخرى لتأسيس العلاقات الدبلوماسية. وهما الآن شريكتان شاملتان تحتفلان بالذكرى العشرين لتطبيع العلاقات فيما بينهما وتتعهدان بتعاون أكبر وأوثق.

وتكمن العلامة المعبرة عن توقهما إلى إقامة علاقات أقوى في الدعوة التي وجهتها إدارة الرئيس باراك أوباما لترونج لزيارة الولايات المتحدة رغم أن منصب الأخير ليس له ما يعادله في نظام الحكومة الأمريكية.

ولدى فيتنام والولايات المتحدة سبب وجيه يدعوهما إلى تدعيم شراكتهما. فهما متكاملتان اقتصاديا وتزدهر تجارتهما الثنائية ومن بين الدول الـ12 التي تتفاوض بشأن إقامة الشراكة عبر الباسيفيك. والأهم من الناحية العملية، أنه مع تكوين صداقة مع شخص يقل عدد الخصوم شخص.

وفي ضوء خلفية شاملة كهذه، يتفق اجتماع ترونج – أوباما، الذي يحمل في حد ذاته أهمية بالغة، مع المسار التصاعدي عموما للعلاقات الفيتنامية – الأمريكية في السنوات العشرين الماضية ولا ينبغي المبالغة في تفسيره.

أما التخمينات القائلة بأن واشنطن استطاعت ربط هانوي بخطتها المحكمة الرامية إلى الحفاظ على الوجود المهيمن للولايات المتحدة في آسيا في مواجهة صين صاعدة فهي صبيانية ومغلوطة.

ويعمل الخط المتمثل في التفكير فيما وراء الأمور، المتجذر في عقلية المواجهة التي سادت فترة الحرب الباردة، على التقليل من أهمية زيارة ترونج للولايات المتحدة ويستهزئ من السياسة الخارجية المستقلة التي تنتهجها هانوي ويستخف بالصورة الكبيرة الحقيقية للعلاقات الصينية – الفيتنامية.

وفي الواقع، يوحي سلوك واشنطن تجاه شؤون آسيا – الباسيفيك في السنوات القليلة الماضية بإستراتيجية متطورة ترمى إلى استغلال النزاعات الإقليمية الحادة والمعقدة بين الصين وبعض جيرانها في بحر الصين الجنوبي لتحقيق مكاسبها الخاصة.

ولكن من يفترضون أن هانوي، دفعت من قبل واشنطن للمشاركة في مؤامرة ضد الصين، لا يلتفتون — أو يختارون عدم الالتفات – لحقيقة أن الحكومة الفيتنامية تمارس سياسة خارجية ودفاعية مستقلة

والأهم من ذلك هو العلاقات الوثيقة التقليدية بين الصين وفيتنام. فهما توصفان بنعم الجارتين ونعم الصديقتين ونعم الرفيقتين ونعم الشريكتين، إنها روابط عميقة تحرص عليها الدولتان وهناك تصميم على مواصلة وترسيخها.

إن البلدين لديهما حصة من المشكلات القديمة والجديدة التي تصاحب العلاقات بين الدول. ولكن الجانبين برهنا ببلاغة — مع اتخاذ زيارة ترونج الناجحة للصين في أبريل مثالا على ذلك — برهنا على رغبتهما وقدرتهما في التعامل على نحو صحيح مع خلافاتهما وفي الإبحار بعلاقاتهما في الاتجاه الصحيح.

إن بكين وهانوي ناضجتان بما يكفي لتناول علاقاتهما فيما وراء النطاق الثنائي. ومن السذاجة توقع أن يتحول أي منهما إلى مخلب قط في الحيل الجيوسياسية لشخص آخر على حساب صداقتهما الحميمة الغالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.