موقع متخصص بالشؤون الصينية

الروسية بالاردن.. شساعة الانتشار.. فعاليات ووقائع

1

yelina-nedogina-russian-jordan

موقع الصين بعيون عربية ـ
يلينا نيدوغينا*:

قد يَستغرب القارئ من واقع اللغة الروسية المُزدهر في الاردن. ففي هذا البلد الصغير مساحةً تُعدُ اللغة الروسية اللغة الأجنبية الثانية المَحكية يومياً بعد الإنجليزية على صعيد شعبي وجماهيري، إضافةً الى أن عدد الاردنيين الذين يتكلّمون بها ويتقنونها قد أخذ بالإزدياد في نهايات عام 1970، وصار الازدياد يَتّسم بالتسارع ولم يتوقف الى يومنا. كما يتضاعف عديد الطلبة الاردنيين والطالبات الاردنيات الذين يَدرسون في تخصصات كثيرة للغاية في مؤسسات التعليم العالي الروسية، بل أن بعضهم يَدرس في روسيا بتخصص علوم الفضاء والطاقة الذرية.

يتم تدريس اللغة الروسية في الاردن في العديد من الجامعات والمعاهد والمؤسسات الاجتماعية، كما وفي المركز الثقافي الروسي في العاصمة عمّان، وهو مؤسسة تُعدُ جزءاً لا يتجزأ من الوكالة الفيديرالية الروسية للتعاون الدولي، التي كانت ورثت عدة هيئات سوفييتية عريقة منها، إتحاد جمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع البلدان الأجنبية (سود). ومن خلال المركز الثقافي الروسي مايزال يَجري التنسيق بشأن واقع وملفات ومستقبل اللغة الروسية في الاردن، وعقد الندوات والحِراكات وإستقدام الفاعليات العلمية الروسية.

و تشرف الوكالة الفيديرالية الروسية للتعاون الدولي على ملفات التعاونين الثقافي واللغوي مابين روسيا والبلدان الاجنبية، وتطوير واقع اللغة الروسية في رياح العالم كلغة رئيسية من لغات هيئة الامم المتحدة، وإحدى لغات الحضارة والثقافة منذ عهود قديمة.

في التاريخ الشخصي نستعيد وقائع المركز الثقافي السوفييتي في عمّان، بدأ تدريس الروسية بعد شهور قليلة من افتتاح المركز (في أواخر العام 1970)، حين شرع الاردنيون بالانضمام جماعاتٍ وأفراداً الى صفوف الروسية فيه، فغدت الروسية لغةً يُتقنها الكِبار والصِغار، الشابات والشباب والنساء والرجال، وصار المركز رافداً رئيسياً وحقيقياً لهذه اللغة بالاردن، واليوم يَكشف واقع اللغة الروسية عن أنها أضحت لغة الحديث في الشارع والمؤسسات الطبية والهندسية والعلمية عموماً، وفي القرى والأرياف بين النساء الاردنيات والروسيات، وفي غيرها من الاماكن والمواقع وحتى القصية منها !

ومن أجل مزيدٍ من صَقل مهارات الدارسين لهذه اللغة وتطوير أليات ومناهج تدريس الروسية في الاردن، نظّم المركز الثقافي الروسي يوماً علمياً لمُدرّسات اللغة الروسية بالاردن، بالتعاون مع جمعية أبناء الوطن فرع الزرقاء، كان جِسراً وجَسراً فيديوياً مابين الاردن وروسيا، صلح كرافعة مناسبة لتسهيل تلقي المعلومات اللغوية من روسيا؛ ومناقشة الملفات اللغوية؛ والإطلاع على أرقى طرائق تدريس اللغة في الوطن الأُم، ومناهجها؛ والكتب الأكثر أهمية في هذا المِضمار، رغبة بالوصول الى الأفضل منها، بغية توظيفه في الواقع الاردني.

وألقى مدير عام المركز الثقافي الروسي الدكتور فاديم زايتشيكوف كلمة في إفتتاح اليوم العلمي الذي كان عنوانه “منهاج تدريس اللغة الروسية كلغة أجنبية وأُسلوب تدريس الروسية في المدارس الأجنبية في أيام العطلات: “وِحدة واختلاف طرائق التدريس”، نوّهَ خلاله الى قرار كان وقّعهُ رئيس الفيديرالية الروسية فلاديمير بوتين، في نوفمبر 2015، يتضمن ضرورة الشروع بتطوير المدارس الروسية خارج روسيا، بالإضافة الى فتح60 مدرسة روسية جديدة، مهمتها تدريس اللغة الروسية في مختلف بلدان الدنيا.

وكشف الدكتور زايتشيكوف عن أن الاردن قد يكون أحد البلدان التي يمكن ان تحتضن مدرسة أو حضانة روسية، تضع نُصب عينيها تدريس اللغتين الروسية والعربية، جنباً الى جنب.

ولفت مدير المركز الى أن أكثر من ألف اردني واردنية يَدرسون راهناً اللغة الروسية في مختلف الجامعات والمعاهد الاردنية، وبخاصة في المركز الثقافي الروسي بعمّان، وهو ماقاد ويقود الى شساعة تدريسها في البلاد، وتعظيم التعاون العلمي والبرامج العلمية مابين الدولتين، ماأفضى كذلك الى زيادة ملحوظة في عدد المِنح الدراسية العليا التي تخصصها روسيا للاردن في مختلف التخصصات، بحيث إزداد عددها في العام الدراسي 2014- 2015 الى150 مقعد جامعي.

كما استعرض زايتشيكوف أهمية اللغة الروسية للاردنيين من تلاميذ وطلبة يَنتمون لعائلات مختلطة ، تتحدّر فيها أُمهاتهم من روسيا (وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق)، ولأولئك الذين يرغبون بالدراسة العليا في روسيا، وكيفية نقل اللغة إليهم بأفضل وأصح الطرائق، وبناقل موثوق به هم مُدرّسات قديرات بتعليم الروسية.

وأكد إهتمام المركز بالتعاون مع وزارة التعليم العالي الاردنية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، لتعزيز الروابط مابين روسيا الفيديرالية والأردن، سيّما في المجال الأكاديمي والثقافي، وبخاصة في السنتين الأخيرتين، ما انعكس على وضع اللغة الروسية إيجاباً في الاردن.
من جانبها، ترأست الدكتورة المُتخِّصصة في عِلم اللغة والأَدب اولغا فلاديميروفنا سينيوفا، الجانب الروسي في اليوم العلمي لجامعة موسكو للتعليم المفتوح، وتناولت فيه من خلال الربط التلفزيني وبالشرح والإفاضة والإفادة، طرائق تدريس اللغة الروسية خارج روسيا، وبالأخص للتلاميذ والطلاب من ذوي الخلفية الروسية.

وكان الاردن قد شهد في 16 ديسمبر 2009 عودة المركز الثقافي الروسي بقرار من لدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان إتّخذه لدى زيارته الى الاردن في عام2007، ليستقر المركز في واحدة من أرقى مناطق العاصمة الاردنية الى جانب المؤسسات الثقافية الاردنية الأقدم والأعرق. وورث المركز الثقافي الروسي الحالي المركز الثقافي السوفييتي الذي تمت تصفيته مطلع تسعينيات القرن الماضي خلال حقبة “البيريسترويكاً”.

ومن المُفيد التنويه الى أن أعداداً كبيرة من الاردنيين المنتمين الى أصول قوقازية، من شراكسة وشيشان وداغستان وغيرهم، يتقنون الروسية أو يتعلمونها، وبالاخص في خضم انشغالاتهم للعودة الى الوطن الأًم، أو للتعلّم في مؤسساته العلمية العليا، وسبق للمركز الثقافي الروسي استحداث دورات خاصة بهم لتدريسهم اللغة الروسية على يد اساتذة متمرّسين.

وفي يناير 2011 إفتتح الرئيس الروسي السابق رئيس الوزراء الحالي ديميتري ميدفيديف، “المركز الروسي” الثاني في “الجامعة الأردنية” الحكومية بعمّان، أثناء الزيارة الرسمية التي نفّذها الرئيس ميدفيديف للأردن، ويُناط بالمركز على وجه التخصيص، تفعيل أنشطة وبرامج “صندوق العالم الروسي – روسكي مير”.

وتم تجهيز المركز بالجامعة الاردنية تجهيزاً كاملاً من جانب الحكومة الروسية بالأجهزة الحاسوبية الأحدث، ومعدات لعرض الأفلام، وبرامج ووسائط تعليمية متعددة، ومجموعات من الكتب الأدبية والفنية والبرامج الخاصة المُصمّمة لتعليم اللغة الروسية عَبر الأفلام، بما في ذلك الأفلام المترجمة كتابياً- تيترات. كما ويقدم المركز المَشورة في  تعليم اللغة الروسية، والتواصل اللغوي، ويُقيم مختلف أنواع الندوات والفعاليات والمحاضرات. وتتوافر في المركز مختلف المعلومات عن روسيا ونشاطها العلمي والثقافي، ومن مهامه جذب المهتمين بروسيا وتنظيم الفعاليات الثقافية المختلفة.

ويُلاحِظ الخبراء أنه ومنذ العام 2010، لوحظ زيادة في عدد الطلاب الراغبين في دراسة اللغة الروسية بالجامعة الاردنية، حيث خرّجت الجامعة أول دفعة طلاب، حازوا على درجة البكالوريوس في برنامج اللغة الروسية. ويُعلق المُتخصصون باللغة الروسية بالأردن آمالا كبيرة على المركز الروسي بالجامعة الاردنية، والذي يَلعب دوراً ملحوظاً في إتقان الطلبة اللغة الروسية، والتعرّف على تاريخ وواقع العلاقات الاردنية الروسية وتوسيع مناحيها.
ومن الجدير بالذكر، أن الروسية تنتمي إلى عائلة اللغات الهندوأوروبية، وهي واحدة من ثلاث أو أربع لغات من اللغات السلافية الشرقية والأكثر انتشاراً جغرافياً في أوراسيا، وإحدى اللغات الرئيسية في العالم، وتحتل المرتبة الرابعة بين اللغات التي تُترجم إليها الكتب على صعيد الكون، وشغلت في عام 2013 المرتبة الثانية بين اللغات المتداولة على الانترنت، وتُعد اللغة الأُم لحوالي 200 مليون روسي، والثانية لنحو 110 ملايين شخص أُممي، وكذلك لشعوب رابطة الدول المستقلة، وهي اللغة الأوسع انتشاراً بين شعوب أسيا الوسطى وشرق أوروبا ودول الاتحاد السوفياتي الأسبق، وتُعتبر واحدة من أحد متطلبات العمل على المركبة الفضائية الدولية.

*كاتبة روسية و رئيسة تحرير الملحق الروسي سابقاً.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    روسيا شرقية الملامح والتضاريس كما كانت دوما وستبقى، وروسيا بوتين بدأت بتدريس اللغة الروسية بالمدارس السورية قبل فترة وجيزة، ونأمل ان يتم تدريسها في دول بلاد الشام لما للامر من اهمية قصوى ولتوسيع اعمال التعاون العربي – الروسي من خلال الجمعية الروسية الفلسطينية الاورثوذكسية التاريخية التي قدّمت الكثير للعرب عبر التاريخ العربي – الروسي المشترك ليس اوله ولا اخره تأسيس وعمل مئات المدارس لروسية في فلسطين وبلاد الشام لرفع سوية التعليم والثقافة فيها وابتعاث العرب للجامعات الروسية على نفقة كاملة من الخزينة الروسية ومنهم المستعربة الفلسطينية المعروفة في فلسطين و روسيا المرحومة كلثوم عودة فاسيليفا والاديب الكبير ميخائيل نعيمة وغيرهم كثيرون..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.