موقع متخصص بالشؤون الصينية

محور دولي جيو استراتيجي

0

نشرة الصين بعيون عربية –

افتتاحية العدد الرابع والخمسين

محمود ريا:

الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني هو خط من خطوط مبادرة الحزام والطرق، كما يؤكد أكثر من مسؤول صيني وباكستاني. ولذلك كان لا بد من الحديث عن هذا الفرع الأساسي الذي اعتبره الكثيرون في الصين وفي باكستان “مغيّراً للعبة”.
وتغيير اللعبة يعني الكثير، فهو يعني تغيير المعطيات وتبديل النتائج على المستوى الاقتصادي في منطقة جنوب آسيا كلها، وحتى على مستوى العالم ككل.
يمكن الحديث طويلاً عن المفاعيل الاقتصادية والاجتماعية للممر، عند اكتمال كل محطات المشروع والبرامج المعدّة على هامشه. المواقع الرسمية تضج بالمعلومات والمعطيات عن هذا المشروع وعن المليارات التي سيكلفها إنشاؤه، وعن المليارات التي سيؤمنها، وعن آلاف الفرص التي ستنتج عنها، وعن التغييرات العميقة التي سيتركها في التركيبة الاقتصادية والاجتماعية في باكستان وفي الصين وفي آسيا الوسطى ككل.
ولكن هناك بُعد آخر للمشروع، بعد أساسي وهام واستراتيجي، لا بل هو بعد مؤسس على مستوى الاقتصاد الدولي وحتى الجيواستراتيجيا العالمية.
الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني عند تحققه على أرض الواقع سيكون فرصة حقيقية لـ “فك الحصار” الأميركي الخفي المفروض على الصين، من خلال السيطرة على المضائق الرئيسية في المحيط الهندي، ولا سيما مضيق ملقة، والذي تمر عبره نسبة كبيرة من صادرات الصين، وتصل إلى الصين من خلاله معظم إمدادات الطاقة، والواردات الأخرى.
هذا الممر الذي يبدأ بمدينة كاشغر غرب الصين، وينتهي في ميناء غوادار على بحر العرب يمكن ان يكون خطأ حيوياً وشرياناً لا يعوّض، يوصل الصين إلى المياه الدافئة في جنوب آسيا ومن هناك إلى أنحاء العالم، كما يمكنه أن يوصل النفط بشكل أسهل بكثير إلى شرايين الاقتصاد الصيني.
من هنا يصبح هذا الممر أكبر من إنجاز اقتصادي، وأعلى من محفّز اجتماعي، ليتحوّل إلى محور دولي تدور حوله اهتمامات دول العالم في المستقبل.
ومن أجل ذلك، بات هذا الممر يتعرّض للكثير من العراقيل والعقبات، وصارت الاتهامات والشائعات التي توجّه إليه أكثر من أن تُعدّ أو تحصى، ولكن القيادتين في الصين وباكستان تبديان حرصاً غير مسبوق على العمل من أجل تخطي هذه العقبات.
الصين تبني على الممر الآمال، وباكستان مصممة عليه بشكل لا مجال للتراجع فيه، والممر بات على سكة التنفيذ، والنتائج بدأت بالظهور.. وستتصاعد هذه النتائج في المقبل من الأيام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.