موقع متخصص بالشؤون الصينية

خسائر #كوريا_الجنوبية توفق مكاسبها من #نظام_ثاد (العدد 59)

0

China Military 9- 3- 2017
البروفسور شن دنغ لي من جامعة فودان
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”
أعربت الصين مراراً معارضتها الشديدة لموافقة جمهورية كوريا على نشر نظام ثاد المضاد للصواريخ على أراضيها. وقد اتخذت الحكومة والشعب الصيني سلسلة من التدابير المضادة، والتي هي ضرورية للغاية، لأن نشر ثاد سيعزز إلى حد كبير قدرة الجمهورية الكورية على كشف الوضع الجوي والعسكري في المناطق النائية الصينية.
صحيح أن نشر نظام ثاد هو شأن كوري أميركي، لكنه في الوقت الذي يحق فيه لكوريا الجنوبية طلب المساعدة الدفاعية الأمريكية، فإنه لا يحق لها مساعدة الولايات المتحدة على الإضرار بالمصالح الأمنية الصينية. فهذا لن يؤثر فقط على التوازن العسكري في شبه الجزيرة الكورية، وإنما سيقوض ايضا التوازن الأمني ​​ شمال شرق آسيا وفي العالم بأسره.
هناك نوع من التوازن الاستراتيجي بين الدول الكبرى في العالم، حتى لو لم تكن متناظرا تماما.
وغياب التوازن عن المشهد الأمني ​​الدولي سيولد صراعات وصولاً إلى حرب حتى، يعقبها جولة جديدة من التوازن. فعلى سبيل المثال، لم يكن لدى الصين الجديدة أي سلاح نووي عندما تأسست للمرة الأولى، ولكن الولايات المتحدة ابتزت الصين نووياً مراراً وتكراراً وهددت حتى باستخدام الأسلحة النووية عدة مرات في الخمسينيات، مما اضطر الصين لتطوير سلاحها النووي الخاص من أجل إيجاد توازن استراتيجي بين البلدين.
ليس هناك شك في أن تطوير الصين أسلحة نووية لا يهدف إلى تهديد الولايات المتحدة أو أي بلد آخر، وإنما هو لردع أية هجمات نووية محتملة ضدها. وكما هو متوقع، لم تقدم الولايات المتحدة، عقب الاختبار النووي الصيني الناجح للمرة الأولى عام 1964، على تهديد الصين نووياً بشكل علني مرة أخرى، برغم أنها لم تتخل أبدا عن خطة شن هجوم نووي ضد الصين.
وبالتالي، ومع كمية محدودة من السلاح النووي، نجحت الصين في إيجاد توازن إستراتيجي مع الولايات المتحدة إلى حد ما. وحتى لو كانت أسلحتها النووية أدنى من حيث الجودة والكمية بالمقارنة مع الولايات المتحدة، لكن حيازتها كافية لإجبار الحكومة الأمريكية على إتخاذ موقف أكثر برغماتية.
وبرغم أن الولايات المتحدة منذ زمن طويل قد تحدت، ولا تزال، المصالح الجوهرية الصينية، فإنها حذرة جدا حيال أي خطوة قد تسبب نزاعات نووية بين الجانبين لأن الصين قادرة على الرد بشكل استراتيجي يفوق قدرة الولايات المتحدة على التحمل.
لكن نشر نظام ثاد في كوريا الجنوبية، سيمكّن الولايات المتحدة من توسيع نطاق استطلاعها الإستراتيجي البري ضد الصين وروسيا على أعتابهم.
بإمكان الجمهورية الكورية في وقت السلم مساعدة الولايات المتحدة على استطلاع التحركات الصينية بشكل وثيق من مسافة آلاف الكيلومترات. وخلال الأزمات، وفي حال شنت الصين أي هجوم استراتيجي مضاد عقب وقوع هجوم نووي ضدها، فإنه بإمكان نظام الرادار التابع لثاد كشف أي تحرك استخباري عسكري بشكل مسبق على بعد نصف الكرة الأرضية، مما سيعطي نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي على الجانب الآخر من المحيط الهادئ عشرة الى عشرين دقيقة إضافية للإنذار الاستراتيجي المبكر.
وهذه الدقائق العشرة إلى العشرين ستقلص بشكل كبير قدرات الردع الاستراتيجية الصينية وبالتالي ستقوض التوازن الاستراتيجي شمال شرق آسيا وحول العالم. وبصراحة، لا يزال احتمال وقوع صراع خطير بين الصين والولايات المتحدة قائما، ليس لأن الصين تسعى إلى الهيمنة، وانما لأن الولايات المتحدة تصر على إلحاق الضرر بالحقوق والمصالح الجوهرية الصينية. وتواصل الولايات المتحدة بل وتحصّن تدخلها في المسائل المرتبطة بمصالح الصين الأساسية ووحدتها الوطنية وسيادتها، على غرار سيادة الصين على تايوان وجزر دياويو. وقد حدث ذلك مع إدارة أوباما وكذلك مع إدارة ترامب المنتخبة حديثا.
وفيما ترسل الحكومة الأمريكية رسائل خاطئة مرارا وتكرارا، فإنه ينبغي على الصين إيقاظها من أي وهم لكي توقظ سلطة تايوان والحكومة اليابانية. والحفاظ على ردع استراتيجي مضاد قوي وفعال، يمكّن الصين بأفضل الطرق من حقن البيت الأبيض بالجرعة الاستراتيجية المنبهة.
إن بناء الجمهورية الكورية نظاماً مضاداً للصواريخ رداً على تطوير كوريا الديموقراطية صواريخ نووية أمر مفهوم، لكن المشكلة هي أنه عليها اتخاذ الخطوة المضادة الصحيحة والمناسبة.
إن التهديد الذي تشكله كوريا الديمقراطية للجمهورية الكورية يتولد أساساً من مدفعيتها القوية وصواريخها القصيرة المدى، والتي لا يمكن لنظام ثاد التعامل معها. ولكن إذا كانت قدرات الاستطلاع الفائقة وبعيدة المدى لرادار إكس باند في نظام ثاد مرتبطة بالنظام العسكري الإقليمي والعالمي للولايات المتحدة، فإن ذلك سيعطي الأخيرة الثقة لـ “للعمل بحرية” على الصعيدين التكنولوجي والفكري. وتلك هي المشكلة الرئيسية.
وإذا أخذت قوة عظمى زمام المبادرة لشن هجوم نووي وكانت قادرة على الحؤول دون حدوث رد عليه، فإن العالم سيصبح غير متوازن، وستصبح القوة العظمى أكثر جرأة في القيام بما تريد. ففي زمن خلا من التوازن والمحاسبة، كما كان الحال مطلع هذا القرن، قامت الولايات المتحدة بما حلا لها في العراق.
باعتبارهما قوتين عظمتين في العالم، أنشأت الصين والولايات المتحدة علاقة تعاونية شاملة وعميقة في مجموعة واسعة من المجالات، شملت الاقتصاد والتجارة والتبادل الانساني، ولكنهما لا يزالان يخوضان صراعا استراتيجيا هيكلياً، سيما فيما يتعلق بمسألة تايوان.
إن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين. وهذا مسلّم به ليس فقط من قبل الأمم المتحدة وإنما أيضاً من قبل أكثر من 170 بلدا في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة. ولكن الولايات المتحدة ترفض الانصياع للقانون الدولي في هذا الشأن.
في اليوم 100 بعد تطبيع الصين والولايات المتحدة علاقاتهما، وافق الكونغرس الأمريكي على مشروع قانون ينص على أن “أي تهديد لتايوان يشكل تلقائيا تهديدا للولايات المتحدة”، كما تعهد بأن الحكومة والكونغرس الأمريكيين سيعملان معا لتشريع الدفاع عن تايوان.
ومن المعروف للجميع أن البر الرئيسى الصينى وتايوان ليسا موحدين حتى الآن، والزعيمة التايوانية الحالية لم تقبل بمبدأ “صين واحدة” المتوافق عليه عام 1992، وبعض القوات التايوانية “الاستقلالية” لا تزال تسعى إلى إثارة المتاعب .
لقد أصدرت الحكومة الصينية قانون مناهضة الانفصال منذ فترة طويلة والذي حدد العديد من السيناريوهات التي سيتخذ بموجبها البر الرئيسى الصينى إجراءات غير سلمية ضد “استقلال تايوان”.
وبالتالي، عندما يتعلق الأمر بمستقبل تايوان، فإنه لا الصين ولا الولايات المتحدة يستبعدان إمكانية اندلاع صراعات وقد وقعت نزاعات خطيرة بالفعل عبر مضيق تايوان في منتصف التسعينات.
طالما لا تزال هناك قوى تسعى لـ “استقلال تايوان”، وطالما أنها تواصل رفض مبدأ “صين واحدة”، فإن النزاعات المسلحة عبر المضيق ستبقى محتملة، وقد تقع صراعات خطيرة بين الصين والولايات المتحدة وفقا لقوانينهم الخاصة، وقد تحدث عواقب وخيمة لا يرغب أي منهما برؤيتها.
لذلك، إن الحفاظ على التوازن الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة، حتى لو كان توازنا غير متناظر، لا يزال حجر الزاوية للأمن في آسيا والمحيط الهادئ والعالم بشكل عام.
إن الصين لا تسعى للهيمنة، وأي إجراء تتخذه للحفاظ على سيادتها منطقي تماما. وللقيام بذلك بنجاح، لا يمكن للصين الاعتماد على الصدق والدبلوماسية وحدهما، وانما سيتعين عليها تعزيز ردع دفاعي قوي، يكون هدفه الوحيد منع أي انتهاك للسيادة الصينية.
عندما تم تأسيس الصين الجديدة، نجحت الأخيرة في إنشاء ردع محدود ولكنه فعال برغم الصعوبات الاقتصادية القاسية. اليوم، يردد الشعب الصيني “الحلم الصيني”، وباتت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وفي مواجهة إصرار كوريا الجنوبية العنيد على الانضمام إلى الولايات المتحدة ضد الصين عن طريق نشر نظام ثاد، فإن المجتمع الصيني، حكومة وشعبا، متحدين وعازمين على اتخاذ التدابير المضادة اللازمة. يتعين على الصين اتخاذ خطوات ملموسة لاخبار كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أنها عازمة وقادرة على الحفاظ على فعالية ردعها الاستراتيجي.
لا يمكن للردع الدفاعي سوى أن يُعزَّز لا أن يضعف. وأي محاولة من قبل دولة أجنبية للإضرار بالأمن الشرعي الصيني لا تهدد الصين وحدها، وإنما ستضر بالاستقرار الإقليمي والعالمي، وستذهب عكس اتجاه جهود نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
ستواجه الصين بحزم أي محاولة من هذا النوع. ولن تستفيد كوريا الجنوبية بأي حال من الأحوال من نظام ثاد، بل ستعاني من خسائر هائلة جراءه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.