موقع متخصص بالشؤون الصينية

طريق الحرير والتنمية في اليمن الحديث

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد هائل السامعي:*

يَمتلك الأصدقاء الصينيين مِيزة خاصّة، هي أنهم من ذوي العيون اللوزية الصغيرة الجَميلة، ففيها يَكمن جَمالهم الآخاذ، وفيها يتمركز كذلك جمال العالم بأسره! فحين يُحدّقون بالعالم من خلال أعينهم، تشعر بأنهم يصوّبون نظراتهم في عمق البشرية، يرنون إلى تحريرها من هيمنة القطب الواحد، فهم يعمدون إلى نقش أعين عالمنا النامي بكل الفنون الجمالية وتركه يُقرّر بأم هذه الأعين لديه، كيف يُحاك التأمر عليه بيد أنظمة تابعة للصهيونية العالمية، تدير العالم بهزلية وخبث شديدين.

وكما يرى كثيرون من رواد الاقتصاد و التنمية، فإن التشتت السكاني هو أحد مُعضلات التنمية في اليمن، بحكم تضاريس بئيته الوعرة، لكنه لم يكن مانعاً أمام إرادة شعوب عظيمة كاليمن والصين، حين أيقنت أن التنمية هي الحل في مواجهة تخلّف صنعه الاستعمار، حيث تعاضد الآباء والأجداد وتعاون الصينيون مع أصدقائهم اليمنيين لشق طريق الحديدة – صنعاء، وربطوا الماء باليابسة، والمدينة بالريف.. نحتوا الجبال، وأزاحوا كل تلك الأكوام من الصخور الصلدة الضخمة ليبسطوا الأرض ويسلك منها الإنسان بكل يسر، وليصنعوا طريقاً يُسهّل من وعورة الحياة والعيش على سكان تلك المناطق التي كانت تعد كأنها شبه معزولة عن العالم.

حينها شَعَرَ الإمام أحمد بن حميد الدين حاكم اليمن في الخمسينيات من القرن الماضي، بغضب شديد، وكأن المَعاول التي كانت تعمل في شق الطريق كانت تشق عرشه!، ليُعبّر عن حُنِقه ورفضه له، ويُحكى أنه رد على منفذي مشروع شق تلك الطريق، فأوقفوا “هذا السجاد”، وغادروا بلادنا، وبذلك استغل الحاكم تخلّف بعض قطاعات الشعب اليمني آنذاك، فقد شبه أنذاك الطريق الإسفلتي بالسجاد المفروش لا أكثر، دون أي مراعاة لتضحية اليمنيين والصنيين ممن قضوا نحبهم في تأدية واجبهم الانساني والوطني. لقد كان رفض الحاكم للطريق مرتبطاً باستبداده وتسلّطه على الشعب وغياب النظرة الصحيحة لديه عن العالم، لكن تلك المَعاول الصينية واليمنية انتصرت، رغم إستبداد الامامة وغطرسة الانجليز، وفتحت منافذ من نورٍ لشعب كان يعيش في ظلام من الحديدة الى صنعاء، ومن عدن – المكلا . وبفضل الاصدقاء الصينيين، أستطاع اليمن بكلتي عينيه (عدن – الحديدة) أن يرى العالم بشكل أوضح.  آنذاك كان حال العالم المتقدم الصراع من أجل النفوذ والهيمنة، وكان الشعبان الصديقان يُصارعان التخلف والاستبداد، متخذين من التنمية سبيل للنجاة.

ما يزال الشعب اليمني حتى اللحظة يكن كل التقدير والاحترام والحب والوفاء لصديقه الدائم والقديم – الصين الشعبية، وحتى يومنا هذا يُطلق اليمنيون على تلك الطريق إسم “طريق الصين”، إعترافا منهم بوقوف الصين الى جانبهم في ظروف صعبة كانت تعيشها الصين في تلك الفترة.

من يومها عرف الشعب اليمني جنوبه وشماله بأن الحليف والصديق الحقيقي الذي يجب أن تتقوى علاقتهم معه هو الصين، إثر النجاح التي حققته في إنجاز المشاريع الحيوية المشتركة معها، بعكس باقي الدول وبخاصة الاستعمارية الغربية، التي تلبس قناعاً لطيفاً أمامك، لكنها تدعم أدواتها التخريبية في بلدك لتفجير الأزمات والحروب لتفلت من التزاماتها لديك، وحتى يتسنى لها التحجّج بأن وضع بلدك غير مستقر ولا تستطيع إسنادك والوقوف إلى جانبك في وضع غير مستقر، ومع هذا لا تنزاح وتتركك لتتخلص من أمراض تنهش بلدك، بل تساند وتدعم سراً مستغلة أوضاع بلدك في تهريب ونهب لثرواتك من نفط ومعادن أُخرى ثمينة.

وهنا يتضح جلياً الفرق الشاسع بين مَن أتى لإسنادك والأخذ بيدك، ولتقف على قدميك بكل ثبات وإصرار، وبين مَن يتغّنى بأنه الى جانبك، بينما أعماله تكشفه زيفه وتبين حقيقته.  فالطريق الذي يجب على الصين واليمن أن يتعاونا في شقها حالياً، هي طريق الحرير الجديد التجاري البحري، لما لهذا المشروع العملاق من أهمية كبيرة يستفيد الجميع من تفعيله وتأمينه، فلا تجارة دولية بدون أمن دولي، ولن ينمو أي اقتصاد ويزدهر بشكل أمثل إلا في ظل تجارة حرة وتبادل سلعي ومعرفي نشيط، فالنشاط التجاري هو الذي مكّن الانسان اليمني من التعرّف على الانسان الصيني، وخلق صداقة جيدة معه منذ القِدم، وتعزيز علاقاته وترابطها مع الغير،  ولكي يقترب العالم بعضه من بعض ولكي تنفتح الشعوب على بعضها البعض وفيما بينها، ولكي تنشط التجارة الدولية بشكل أكبر.

نتمنى للقيادة الصينية الصديقة التوفيق في خلق سلام وتعايش دائمين بين الامم، ومدّ جسور التواصل الإنساني القائم على أساس تبادل المنافع من معرفة وبضائع بشكلها المتكافئ، ولتحقيق كسب وتنمية مشتركة .

#محمد_هائل_السامعي: عضو مرشح وناشط في هيئة الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وُحلفاء) الصين في اليمن، وكاتب وخبير إقتصادي دولي يمني معروف، والتخصص العلمي إقتصاد سياسي دولي، وعضو في إتحاد الكتّاب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.