موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: اجتماع شي وترامب فرصة لإعادة المحادثات إلى المسار الصحيح

0

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
من المقرر أن يجلس الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، ما أشعل وميض الأمل لإعادة محادثات التجارة بين الصين والولايات المتحدة إلى المسار الصحيح مجددا.
ويأتي الاجتماع في وقت لم يسمم فيه هجوم واشنطن التجاري ضد الصين واحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم فقط ، بل إنه يخاطر أيضا بخنق التعافي الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل؛ لذا فإن الاجتماع له أهمية كبيرة للغاية لا يمكن تفويتها.
وعندما التقى الرئيسان بعضهما البعض في قمة مجموعة العشرين التي عقدت العام الماضي في العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس، توصلا إلى توافق مهم بشأن إيقاف المواجهة التجارية واستئناف المحادثات. ومنذ ذلك الحين، عقدت فرق التفاوض من كلا الجانبين سبع جولات من المشاورات بحثا عن تسوية مبكرة.
ومع ذلك، يبدو أن الإخلاص الكبير الذي أبدته الصين على مدار الأشهر لم يكم من شأنه إلا أن دفع بعض الصقور التجاريين في واشنطن بالمخاطرة لفقدان حظهم .
وبعد إخفاقها في إجبار بكين على ابتلاع صفقة بشروط غير متكافئة، عادت واشنطن المحبطة والغاضبة إلى تكتيك التعريفات من خلال زيادة رسوم إضافية على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار أمريكي من 10 بالمئة إلى 25 بالمئة، والتهديد بجولة جديدة من التعريفات الجمركية على سلع بقيمة 300 مليار دولار أخرى.
وحاول بعض صانعي القرار الأمريكيين المحافظين الذين رأوا في الصين لسنوات عديدة “تهديدا” لمكانة واشنطن كقوة عظمى وحيدة، توسيع الحملة التجارية لتشمل عملية أوسع لإسكات الصين واحتواء نهوضها.
ونتيجة لذلك، تتخذ واشنطن إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية بما في ذلك شركة (هواوي) لتقديم معدات الاتصالات، في حين يواجه العديد من الطلاب الصينيين الذين يسعون للدراسة في الولايات المتحدة المزيد من القيود مثل تأخير التأشيرة لمدة شهور.
وبفضل الجهود الحثيثة التي تبذلها واشنطن، يشهد البلدان اللذان كانا ينبغي لهما الاحتفال بالذكرى الـ40 لعلاقاتهما الدبلوماسية خلال العام الجاري، أن علاقاتهما تنزلق على الطريق نحو مواجهة شاملة محتملة.
وعلى الرغم من أسلوب “في وجهك” الذي تنتهجه واشنطن لاستراتيجية الضغط القصوى، ظلت الصين ثابتة على موقفها؛ إذ التزمت دائما بتسوية الاحتكاكات التجارية من خلال الحوار والتشاور وحماية حقوقها المشروعة والسيادية في نفس الوقت.
كما أكدت بكين في مناسبات مختلفة، أنها لا تريد حربا تجارية، لكنها لا تخاف من هذه الحرب وستقاتل حتى النهاية إذا لزم الأمر.
وخلال الأسبوع الماضي، أجرى شي محادثة هاتفية مع ترامب بناء على طلب الرئيس الأمريكي، حيث أعرب شي خلالها عن استعداده للقاء ترامب في أوساكا لتبادل الآراء حول القضايا الأساسية المتعلقة بتطوير العلاقات الصينية-الأمريكية.
وتبين كلمات شي حقيقة مثيرة للقلق مفادها أن البلدين يواجهان تحديا لأساسيات علاقتهما. ويقدم الاجتماع المقبل بين الزعيمين فرصة فريدة للجانبين لإيجاد أرضية مشتركة جديدة لتخفيف التوترات التجارية وإعادة العلاقات المضطربة إلى المسار الصحيح.
وإذا تمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق لاستئناف المحادثات، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تضع نفسها على قدم المساواة مع الصين، وأن تستوعب شواغل الصين المشروعة على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة من أجل السعي لتحقيق نتائج مربحة للجانبين في المفاوضات المستقبلية.
وقبل يوم واحد فقط من قمة أوساكا لمجموعة العشرين، هدد بعض السياسيين الأمريكيين مجددا بفرض رسوم عقابية على البضائع الصينية المستوردة. ومثل هذه التكتيكات الرخيصة لإخضاع الصين للركوع تحت الضغط ستذهب سدى.
لأكثر من عام، لم تحقق غنائم واشنطن في حملتها لزيادة الرسوم الجمركية حتى الآن سوى ارتفاع التكاليف اليومية للمستهلكين الأمريكيين العاديين، ورفض متزايد من المزارعين الأمريكيين وعمال الصناعة وكبار رجال الأعمال، وتقلبات في أسواق الأسهم الأمريكية، وكذلك تصميم الصين الذي تزداد قوته للدفاع عن حقوقها.
لقد أثرت المعركة التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بالفعل على السوق العالمية بشدة وأثرت على ثقة المستثمرين في جميع أنحاء العالم. وتشير أحدث قراءة لمؤشر توقعات التجارة العالمية عند 96.3 وهو أضعف مستوى منذ عام 2010، إلى استمرار انخفاض نمو التجارة في النصف الأول من 2019، وفقا لمنظمة التجارة العالمية.
إن الحروب التجارية لا يخرج منها فائز. وفي حديثه الأخير عبر الهاتف مع شي، قال ترامب إنه يعتقد أن العالم بأسره يأمل في رؤية الولايات المتحدة والصين تتوصلان إلى اتفاق. وللحصول على اتفاق، يحتاج المتشددون في واشنطن إلى أن يعلموا أن بكين لن تستسلم لضغوطهم، ولن تسمح لواشنطن بحرمان الشعب الصيني من حقوقه في السعي لحياة أفضل.
وحتى تكون الاتفاقية مستدامة، ينبغي أن تكون سياسة واشنطن تجاه الصين عقلانية. فالصين الصاعدة لا تسعى للحصول على هيمنة عالمية، بل ستواصل العمل مع الدول في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتعزيز التنمية المشتركة وبناء مجتمع بمصير مشترك للبشرية.
لقد أثبتت الـ40 سنة الماضية من العلاقات الصينية-الأمريكية أنه عندما يعمل البلدان معا، يحظيان بالربح ويكسب العالم كذلك. ولكنهما عندما يتقاتلان، فالكل يتوقع الخسارة.
وتتحمل الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما اقتصادين رئيسيين في المجتمع الدولي، مسؤولية خاصة عن العالم الأوسع.
لذلك، يحتاج الجانبان، تماما كما قال شي خلال اجتماعه مع وفد الحكماء في أبريل الماضي في بكين، إلى إدارة خلافاتهما وتوسيع التعاون بينهما وتعزيز العلاقات الثنائية بشكل مشترك على أساس التنسيق والتعاون والاستقرار من أجل توفير مزيد من عوامل الاستقرار التي يترقبها العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.