موقع متخصص بالشؤون الصينية

كيف يمكن لانتصار الصين على الفقر المدقع أن يوفر الأمل للعالم

0

في تجمع كبير عقد في بكين يوم الخميس، للاحتفال بانتصار الصين في حربها ضد الفقر المدقع، تم تكريم شيبادونغ، وهي قرية معزولة لقومية مياو في مقاطعة هونان بوسط الصين، لإنجازاتها البارزة في معركة البلاد ضد الفقر.

في شيبادونغ، التي كانت قرية جبلية منكوبة بالفقر، تم طرح إستراتيجية الصين للتخفيف المستهدف من حدة الفقر، لأول مرة. شق القرويون هناك طريقا في الحد من الفقر، وضربوا مثالا يحتذى للبلاد والعالم.

وهذا يفسر جزئيا السبب الذي دعا الزعيم اللاوسي بونهانغ فوراتشيث، لقيادة وفد رفيع المستوى لزيارة القرية في عام 2018، لاستكشاف تجربة الصين في التخفيف من حدة الفقر، أو اتخاذ تدابير دقيقة على الأرض للمساعدة في انتشال آخر ما يقرب من 100 مليون شخص من الفقر.

قصة شيبادونغ هي مثال توضيحي للأهمية العالمية المُعلقة على نجاح الصين في حملتها للقضاء على الفقر، التي اعتبرها مراقبون دوليون “مهمة شبه مستحيلة”.

جاء في مذكرة بحثية بعنوان “دراسات حول التخفيف من الفقر في الصين: من منظور اقتصاد سياسي”، صدرت يوم الأحد عن مؤسسة ((بحوث الصين الجديدة))، وهي مؤسسة فكرية تابعة لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن “الصين، بناء على خبرتها الخاصة وأفكارها النظرية في الحد من الفقر، تعزز الاهتمام بالقضية الإنسانية المتمثلة في إنهاء الفقر، وتوفر مرجعية جديدة للدول والمناطق الأخرى”.

–قفزة عملاقة

أمضت الأمريكية ميليسا سميث العقدين الماضيين في العمل كمدرسة لغة إنجليزية في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، شمال غربي الصين. تحتفظ بصورة التقطت في عام 1993 تصور الشارع الرئيسي في مدينة قويوان، التي كانت في يوم من الأيام موقعا لطرق مرصوفة بحصى ومساكن متداعية.

قالت، اليوم “إنها مدينة حديثة. ربما حتى يمكن القول إنها حاضرة حديثة لأنها أكبر بكثير من الكثير من المدن في بلادي”.

التغيرات الهائلة التي مرت بها قويوان هي جزء من القصة الملحمية حول كيف أنهت أكبر دولة نامية في العالم، الفقر المدقع.

لقد مرت أكثر من 7 عقود منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وهي فترة تم خلالها تخليص أكثر من 800 مليون شخص من الفقر.

الجدير بالذكر أنه على مدى السنوات الـ8 الماضية، هناك آخر 98.99 مليون شخص من سكان الريف الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر الحالي، تم رفعهم جميعا فوقه. وتمت إزالة كافة الـ832 محافظة فقيرة، و128 ألف قرية فقيرة، من قائمة الفقر.

ومع القضاء على الفقر المدقع في أكبر دولة من حيث السكان في العالم، حققت الصين هدف القضاء على الفقر، والمحدد في أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، قبل 10 سنوات من الموعد المحدد.

قال الرئيس السابق للبنك الدولي روبرت زوليك “هذه بالتأكيد القفزة الأكبر للقضاء على الفقر في التاريخ”.

هذا الانتصار كان صعب المنال. في عام 2020، عندما دخلت معركة الصين ضد الفقر المرحلة النهائية، ظهر فجأة وباء كوفيد-19. توقع البنك الدولي أن يتسبب فيروس كورونا الجديد، في إعادة ما بين 119 و124 مليونا إلى الفقر في عام 2020.

وعلى الرغم من هذه التحديات، أصبحت الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي شهد نموا اقتصاديا إيجابيا العام الماضي، وأوفت بالتزامها بمساعدة عشرات الملايين من الناس على التخلص من الفقر، الأمر الذي يُنظر إليه على نطاق واسع، بأنه يعزز الثقة في الجهود العالمية لمكافحة الفقر.

قال رئيس ناميبيا حاجي جينجوب “لقد أظهرت الصين للعالم أنه (التخلص من الفقر) يمكن تحقيقه”.

–أمثلة قابلة للتكرار

أصبح بإمكان سري تشانتا، وهي أم تعيش بمفردها مع ثلاثة أطفال، أن تكسب لقمة العيش في المنزل وقضاء بعض الوقت مع أطفالها، بفضل مشروع تجريبي للحد من الفقر تدعمه الصين في كمبوديا.

ومن خلال هذا المشروع، قامت مجموعة من الخبراء الصينيين بالتعاون مع السلطات المحلية، بتجديد منزلها القائم على ركائز، وعلّمتها تقنيات زراعة الفطر والخضراوات المحفوظة في أصص.

وبالإضافة إلى إرسال فرق من الخبراء الصينيين إلى دول أخرى، ألهمت الصين العالم باستراتيجيتها الخاصة للحد من الفقر، وخاصة الدول النامية.

فيما يتعلق بنهج الصين للقضاء على الفقر، قال كبير المتحدثين باسم الحكومة الكمبودية، فاي سيفان، إنه “يتم إعطاء كل أسرة أو فرد، خطة مخصصة للتخفيف من الفقر”.

وأضاف “لقد رأينا العديد من الأمثلة الحية للتخفيف من الفقر من خلال توفير المزيد من الموارد التعليمية للأجيال الشابة، وتطوير السياحة في المناطق الريفية، وإنشاء وتقديم مشاريع زراعية جديدة للمزارعين”.

وأشار إلى أن “هذه الأساليب ملهمة جدا بالنسبة لكمبوديا التي تعمل جاهدة أيضا على خفض معدل الفقر”.

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش، في رسالته للمنتدى العالمي للحد من الفقر ودفع التنمية لعام 2017، إن “الاستراتيجيات المستهدفة لتقليل الفقر هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى من هم أبعد ما يكونوا عن الركب، وتحقيق الأهداف الطموحة المنصوص عليها في أجندة عام 2030”.

ومن خلال وصف الصين بأنها “متعلمة ومستفيدة ومبتكرة في نظريات التخفيف من حدة الفقر العالمية”، لخصت الدراسة الخاصة الأخيرة التي أجرتها وكالة ((شينخوا))، آراء الخبراء الأجانب حول الإلهام الصيني للعالم، بـ”5Ds”، أو “المزايا الخمس”، وهي القيادة العازمة، والمخطط التفصيلي، والتوجه التنموي، والحوكمة القائمة على البيانات والتقديم اللامركزي.

–حلم مشترك

إن القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، هو الهدف الأول من الأهداف الـ17 التي اعتمدتها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015، كجزء من أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.

ويمثل الشوط الأخير في إنهاء الفقر المدقع، مشكلة مشتركة تواجه البلدان في جميع أنحاء العالم، للقضاء على الفقر. قال كوستانتينوس بي تي، أستاذ السياسة العامة بجامعة أديس أبابا في أثيوبيا، إن “ما نراه من أمثلة على تخفيف حدة الفقر في الصين ليس مجرد قضية حد من الفقر أو الفقر المدقع. إن، ما نراه، هو نوع من التنمية الشاملة تماما”.

الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الأقوال في جهود الصين لإنهاء الفقر المدقع خارج حدودها. لقد أنشأت الصين صندوق السلام والتنمية بين الصين والأمم المتحدة، وصندوق مساعدة التعاون بين الجنوب- الجنوب، وأقامت بشكل مشترك العديد من الأطر، ومنها المشروع التجريبي للتعاون للحد من الفقر في شرق آسيا، وخطة الصين وأفريقيا للحد من الفقر ورعاية الناس.

في الوقت نفسه، ساعدت الصين في إنشاء 24 مركزا لعرض التقنيات الزراعية في أفريقيا، استفاد منها أكثر من 500 ألف شخص.

وفقا لتقرير بحثي نشره البنك الدولي في عام 2019، من المتوقع أن تنتشل مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين، 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع، و32 مليونا من الفقر المعتدل في جميع أنحاء العالم.

يقول محللون إن سعي الصين للعمل مع المجتمع الدولي لإنهاء الفقر المدقع يوفر الظروف المؤاتية للتنمية، ويعالج قضايا تتعلق بالنمو غير الكافي وغير المتوازن، ويربط بشكل وثيق الحلم الصيني بالحلم المشترك لمن يعيشون في البلدان النامية لتحقيق حياة أفضل.

وكما قال غوتيريش “دعونا نواصل العمل معا لتقوية تعاون دولي أكبر للقضاء على الفقر بجميع أشكاله وعدم ترك أي أحد يتخلف عن الركب”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.