خبراء تونسيون: حديث اليابان والدول الغربية حول “فخ الديون” محاولة لإخفاء عجزها عن الحد من ثقة الأفارقة بالصين
وكالة أنباء شينخوا-
تقرير إخباري:
عاد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، إلى النفخ في المزاعم حول “فخ الديون”، وذلك في إشارة إلى الصين، في مسعى للتشويش على دورها الحيوي والمتزايد في إفريقيا، الذي يُقر الخبراء بأنه حقق نجاحات لافتة رسخت مكانة الصين كدولة مانحة ومؤثرة اقتصاديا في القارة الإفريقية.
ونقلت وكالة أنباء ((كيودو)) اليابانية عن كيشيدا قوله في كلمة ألقاها يوم (السبت) في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة من مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا المعروف اختصارا باسم “تيكاد”، إن اليابان “ستتطور جنبا إلى جنب مع إفريقيا، مما يميز نهجها عن نهج الصين”.
وليست هذه المرة الأولى التي تُثير فيها اليابان وعدد من الدول الغربية مثل هذه المزاعم، حيث تتالت خلال الأيام القليلة الماضية محاولات الترويج لما أسمته بـ “ديبلوماسية فخ الديون”، في إشارة إلى الصين.
وقد ارتفعت وتيرة هذه المزاعم قبيل عقد النسخة الثامنة من مؤتمر طوكيو الدولي حول إفريقيا التنمية “تيكاد8″، الأمر الذي دفع العديد من الخبراء التونسيين إلى القول إن اليابان عاجزة عن منافسة الصين في إفريقيا، وهي غير قادرة على الحد من ثقة الأفارقة في الدور الصيني الذي تعزز بإطلاق منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في العام 2000.
وقال أستاذ العلوم الجيوسياسية والعلاقات الدولية بالمدرسة الحربية العليا بتونس رافع طبيب، إن حديث الأوساط الرسمية اليابانية منذ بداية هذا العام حول حجم ديون الدول الإفريقية لصالح الصين “يحجب حقيقة مسكوتا عنها عند معظم الدوائر الغربية ألا وهي الحجم الضخم للاستثمارات الصينية المباشرة لبكين في القارة” السمراء.
وأضاف طبيب لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن “هذه الاستثمارات مكنت من إنجاز أعقد وأصعب الاستثمارات خاصة في البنى التحتية والتنمية في الأرياف… واليابان كغيرها من الاقتصادات الغربية لا قدرة ولا مصلحة لديها للولوج إلى استثمارات ذات مردودية طويلة الأمد”.
واعتبر أن “هذا العجز الياباني لا يخفى على عديد الدول الإفريقية التي تعلم جيدا أن أي تعاون مع طوكيو سيكون حتما في القطاعات التعدينية والمنجمية لأن الانتظارات اليابانية من القارة الإفريقية تبقى منحصرة في إمدادات الصناعات اليابانية بالمواد الأولية مقابل بيع منتجات باهظة الثمن، والتي تبقى عاجزة على منافسة المنتج الصيني الأكثر تفاعلية مع أسواق إفريقيا”.
من جهته، قال الباحث السياسي التونسي منذر ثابت، لـ(شينخوا) إنه “تبعا للمقدمات التاريخية لا يمكن أن نفهم اتجاه اليابان نحو إفريقيا خارج خطة قطع الطريق أمام الصين وما تمثله من ثقل استثماري وانجازي استثنائي في العالم”.
وأوضح أن اليابان “هي ذراع الولايات المتحدة الأمريكية في آسيا منذ هزيمة الحرب العالمية الثانية”.
ولفت في هذا الصدد إلى أن “الصين تمتلك امتياز القدرة على إنجاز المشاريع الكبرى بتكاليف مدروسة وفي زمن قياسي وبدقة تقنية عالية، مقابل الاستثمارات المشروطة التي تفرضها القوى الغربية”.
بدوره، أعرب رئيس تحرير صحيفة ((الصحافة)) اليومية التونسية مراد علالة، عن اعتقاده بأن اليابان لن تتوقف عن استهداف الصين خلال هذه الدورة الجديدة لمؤتمر “تيكاد”.
وقال علالة لـ(شينخوا) إن اليابان ستتحرك في هذا الإطار في اتجاهين في نفس الوقت، أي “ضرب أسس الثقة القائمة بين الصين والدول الإفريقية أولا من خلال الشيطنة والترهيب والتخويف والتشكيك في جودة المنتج الصيني، وثانيا التسويق للجودة اليابانية”.
وأكد في المقابل، أنه “لا تجوز المقارنة في المجال الاقتصادي والاجتماعي بين الصين واليابان في القارة الإفريقية، فالبون شاسع ليس فقط بلغة الأرقام وحجم المبادلات ولكن في مستوى أنسنة الحضور”.
وأوضح قائلا “إن الصين وضعت بصمتها في عواصم ومدن وقرى القارة الإفريقية من خلال المشاريع الكبرى ذات البعد الإنساني دون تحويل إفريقيا إلى سوق سلاح مثلا أو مقبرة للنفايات، بينما اليابان شبه غائبة وتبحث عن التدارك في هذه المرحلة وتطرح نفسها ممثلة لآسيا والغرب”.
وقال رافع طبيب إنه على مستوى الطاقة، “تمكنت الأسواق الصينية والهندية من إعادة التوازن للدفق النفطي والغازي حين لوحت الدول الغربية بسلاح المقاطعة. هذا السلاح الذي يقلق الدول المصدرة ومن ضمنها الإفريقية لأنه يخلط السياسي بالتجاري حسب أهواء ومصالح الدول المصنعة الغربية ومن ضمنها اليابان التي لم تتمايز أبدا مع مواقف الغربيين”.
من جهته، رأى منذر ثابت “أن اليابان ستبقى مع ذلك تراهن على مجالات التكنولوجيا والطاقة في مسعى لفرض حضورها في القارة الإفريقية، وهو رهان ستكون الكتلة الغربية عاجزة على كسبه أمام ارتفاع تكلفة الإنتاج مقارنة بالمنافس الصيني”.
يُشار إلى أن مزاعم اليابان والدول الغربية حول “فخ الديون الصيني”، كان قد فندها المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، عندما اعتبر خلال مؤتمر صحفي عقده يوم 18 من الشهر الجاري، أن ما يسمى “فخ الديون الصيني” كذبة اختلقتها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى لإلقاء المسؤولية واللوم على غيرها.
وتابع وانغ قائلا “…عندما تُثار ضجة من سياسيين ووسائل إعلام في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى بشأن ما يسمى ‘فخ الديون الصيني’ على الرغم من هذه الحقائق، يتضح أن هدفهم الحقيقي هو خلق فخ سردي لزرع الفتنة بين الصين والدول النامية الأخرى، وعرقلة التعاون بين الصين وتلك الدول، وإعاقة نمو الدول النامية”.
واستطرد “لكن الدول النامية ومن لديهم نظرة ثاقبة من بقية المجتمع الدولي لن يصدقوا هذه الخدعة”.