موقع متخصص بالشؤون الصينية

ماذا يعني التحول الأخضر الصيني للعالم؟

0

وكالة أنباء شينخوا-

مقالة خاصة:

إن المياه النقية والجبال الخصبة أصولا لا تقدر بثمن.

لقد صورت فلسفة التنمية الخضراء والمستدامة بشكل جيد إحدى السمات المميزة للصين في العصر الجديد. وهذا يعني أن بكين، عندما تدفع تنمية الصين إلى الأمام، تلتزم بالحفاظ على الانسجام بين البشرية والطبيعة.

وبموجب مثل هذا المبدأ التوجيهي، يكتسب التحول الأخضر في الصين زخما سريعا، من تطوير الطاقة غير الأحفورية إلى تحديث الهيكل الصناعي، ومن الاستثمار في التقنيات منخفضة الكربون إلى تحويل قطاع النقل.

ما الذي حققته الصين في تحولها الأخضر؟ كيف يُفيد الصناعات الصينية، وكذلك الصناعات الأخرى في جميع أنحاء العالم، من حيث حماية البيئة وفرص التنمية؟

 

-خفض الكربون

أنشأت الصين آلية عمل لحياد الكربون، من أجل تحقيق هدف “الكربون المزدوج”، وهو بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل 2060. وقد أوضحت التصميم عالي المستوى لعمل “الكربون المزدوج”، وخطط تنفيذية مصاغة في مجالات الطاقة والصناعة والنقل وغيرها من المجالات الرئيسية.

وعلى مدى السنوات الماضية، اتخذت الصين خطوات ملموسة لتحسين مزيج الطاقة لديها، حيث لعبت الطاقة المتجددة دورا أكثر أهمية.

وتشير البيانات إلى أن القدرة المركبة للطاقة المتجددة تجاوزت مليار كيلوواط، أي ما يمثل 44.8 بالمائة من إجمالي القدرة المركبة في الصين. وفي الوقت نفسه، تجاوزت القدرة المركبة للطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية 300 مليون كيلوواط ، وجميعها تحتل المرتبة الأعلى في العالم، وفقا لكتاب أبيض بعنوان “التنمية الخضراء في الصين في العصر الجديد” صادر عن مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني في يناير/ كانون الثاني.

وفي الفترة ما بين عامي 2012 و2021، دعم معدل نمو استهلاك الطاقة السنوي في الصين البالغ 3 بالمائة، متوسط معدل النمو الاقتصادي بنسبة تُقدر بـ6.6 بالمائة. وفي الوقت نفسه، انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 34.4 بالمائة، فيما انخفض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 26.4 بالمائة، مع توفير تراكمي قدره 1.4 مليار طن من الفحم القياسي.

وفي 2021، أطلق سوق الكربون الوطني في الصين التجارة عبر الإنترنت بشكل رسمي، ليغطي 4.5 مليار طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سنويا، ما يجعله أكبر سوق للكربون في العالم، حيث شجع الشركات على تقليل انبعاثات الكربون من خلال تحديد سعر الكربون، ودفع تطوير التقنيات منخفضة الكربون.

وفي هذا السياق، قال فاي سيفان، المتحدث باسم الحكومة الكمبودية، إن الاستراتيجية الصينية في خفض الكربون تستحق الثناء، مضيفا ” من الواضح حقا التزام الصين بتعزيز الحد من انبعاثات الكربون العالمية، وتوطيدها للتنمية الخضراء.”

 

-فرص للجميع

اللون الأخضر هو الذهب الجديد. مع تحول الصين نحو نمط تنمية أكثر اخضرارا، ازدهرت الصناعات منخفضة الكربون في البلاد خلال السنوات الأخيرة، ما خلق المزيد من الفرص التجارية للشركات في جميع أنحاء العالم.

تُعد صناعة مركبات الطاقة الجديدة مثالاً جيدًا لذلك. ففي العام الماضي وحده، قامت الصين ببيع حوالي 6.89 مليون مركبة طاقة جديدة، بزيادة قدرها 93.4 بالمائة على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، ارتفع إنتاج مركبات الطاقة الجديدة بنسبة 96.9 بالمائة مقارنة العام السابق، ليصل إلى حوالي 7.06 مليون وحدة. كما بلغت الحصة السوقية لمركبات الطاقة الجديدة في سوق السيارات الصينية 25.6 بلمائة في 2022، بزيادة تُقدر بـ12.1 نقطة مئوية عن 2021.

وبفضل سوق مركبات الطاقة الجديدة المزدهر في الصين، زادت شركة مرسيدس-بنز شحناتها من مركبات الطاقة الجديدة بنسبة 143 بالمائة على أساس سنوي في 2022. وفي ضوء ذلك، قال هوبرتوس تروسكا، عضو في مجلس إدارة مجموعة مرسيدس-بنز أيه.جي المسؤولة عن الصين الكبرى، الشهر الماضي أن شركة صناعة السيارات الألمانية ستواصل الاستثمار بشكل أكبر في الصين.

وقال تروسكا في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) “سنوسع مخططاتنا للبحث والتطوير وسلسلة الصناعة، وسنسرع تحولنا المبتكر نحو الكهربة والرقمنة وحيادية الكربون لتلبية احتياجات النقل الفاخرة للعملاء الصينيين”.

ومن جانبها، قالت ليزلي ماسدورب، نائب رئيس بنك التنمية الجديد ومديرته المالية، نقلا عن النسبة المتزايدة باستمرار لسوق السيارات الكهربائية في الصين، إنه من الممكن أن تلعب الصين دورا حاسما في تحفيز استراتيجية النمو منخفضة الكربون للاقتصاد العالمي.

 

-مستقبل أخضر مشترك

على الصعيد المحلي، فإن التحول الأخضر في الصين حقق تغير حقيقي. وعلى الصعيد العالمي، ساعد ايضا الدول الأخرى في الحفاظ على النمو الأخضر.

وفي مقاطعة غاريسا الكينية القاحلة في الغالب والمغطاة بالصحراء، وضعت محطة الطاقة الشمسية الممولة من قبل الصين، أكبر محطة للطاقة الشمسية في شرق ووسط إفريقيا، كينيا على طريق تحقيق الاكتفاء من الطاقة الخضراء، وجلبت منافع لآلاف العائلات والأعمال التجارية منذ 2019.

وفي هذا السياق، قال أجاي ماثور، المدير العام للتحالف الدولي للطاقة الشمسية “إن الصين أكبر مورد لمعدات الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم، ولاسيما في إفريقيا”.

وفي إشارة إلى أن العديد من الألواح الشمسية والبطاريات المستخدمة في أفريقيا صينية الصنع، أكد ماثور على مشاركة الصين وإمكاناتها الهائلة التي تُساهم في تحقيق سعي أفريقيا لتطوير الطاقة الشمسية.

وأردف “هناك صلة كبيرة تجمع بين الشركات الصينية المُصنّعة لتكنولوجيا الطاقة الشمسية والمستخدمين الأفارقة لتلك التكنولوجيا”.

وإلى جانب الدول الأفريقية، تشارك الصين أيضا فلسفتها في التنمية الخضراء مع العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم. وتستفاد العاصمة التشيلية سانتياغو من السيارات الكهربائية الصينية كجزء من خططها لتجديد نظام النقل العام وتعزيز النقل النظيف.

ومع تعزيزها للتنمية، تؤكد الصين على الحفاظ على التنوع البيولوجي. فعلى سبيل المثال، تم تمديد العديد من الأنفاق واستبدال الطرق بالجسور لحماية موائل الأفيال خلال بناء السكة الحديدية بين الصين ولاوس.

وفي ضوء ذلك، قال عبد الرحمن الدخيل، مدير الاتصال المؤسسي بالمركز الوطني السعودي لتنمية الغطاء النباتي لمكافحة التصحر “لا يمكن تجاهل مساهمة التنمية الصينية الخضراء في التنمية المستدامة العالمية، حيث تقدم مثالاً يحتذى به للتنمية الخضراء في البلدان الأخرى”.

واستطرد قائلا “إن تعزيز الصين للتعاون الدولي لحماية البيئة ليس سوى تعبير عن إحساسها بالمسؤولية،” مضيفا “إن تجربة الصين في التنمية الخضراء تستحق التعلم منها”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.