دبلوماسية شي: ازدهار التعاون المتبادل بين الصين وأفريقيا يرجع إلى الروابط الوثيقة بين الشعبين
“نحتاج إلى قرية بأكملها لتربية طفل” يعبر المثل الأفريقي عن رسالة مفادها أن توفير بيئة سليمة لتربية الأطفال يحتاج إلى العديد من الأشخاص.
ومن أجل الاحتفال باليوم العالمي للطفل هذا العام، أطلقت الصين ومنظمة السيدات الأوائل الأفارقة من أجل التنمية مبادرة “قلوب دافئة للأطفال، وهي مبادرة مشتركة بين الصين وأفريقيا” لإثارة الوعي العام وإظهار حبهم واهتمامهم بالأطفال الأفارقة.
وقال الأطفال الذين تلقوا ترحيبا ومساعدات، وكذلك مساعدات طبية من الصين، خلال الحدث، إنهم سعداء باهتمام الكثير من الصينيين بحياتهم.
صداقة متجذرة في الشعب
أُطلق الحدث الذي بدأته بنغ لي يوان، عقيلة الرئيس الصيني شي جين بينغ، ومنظمة السيدات الأوائل الأفارقة من أجل التنمية، في عشرات الدول الأفريقية مؤخرا.
وفي جمهورية الكونغو، جلبت الهدايا التي قدمتها السفارة الصينية في برازافيل الفرح والسعادة للأطفال في مركز للتبني. وفي الوقت نفسه، قدم أطباء من الفريق الطبي الصيني الـ29 المُرسل للبلاد فحوصات طبية للأطفال.
ومن وجهة نظر أوكتافي بوبندا، رئيسة دار الأيتام بيثاني، فإن المركز يرمز إلى الصداقة بين بلدها والصين، وقالت “في 29 مارس 2013، زارت السيدة الأولى بنغ المركز عند زيارتها للبلاد مع الرئيس شي. وما زالت مشاهد من هذا اليوم واضحة تماما أمامنا”.
وخلال السنوات العشر الماضية، قامت السفارة الصينية والشركات الصينية في جمهورية الكونغو بزيارة المركز عدة مرات، وأوضحت بوبندا ” إن الأطفال يكبرون بحب ورعاية في البلدين”.
وفي مقاطعة تشينغهاي غربي الصين، لدى الكثير من الأطفال اهتماما خاصا بجمهورية الكونغو. في أبريل 2010، ضرب زلزال بقوة 7.1 درجة على مقياس ريختر ولاية يوشو التبتية ذاتية الحكم في مقاطعة تشينغهاي. فحينما كان السكان المحليون يعانون لإعادة بناء منازلهم، أعلن رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو أن بلاده ستساعد في بناء مدرسة إبتدائية في المنطقة المنكوبة بالزلزال. وبعد عامين، تم الإنتهاء من ترميم مدرسة وانله المركزية الداخلية تحت اسم جديد “مدرسة الصداقة الصينية الكونغولية الابتدائية”.
وفي السياق ذاته، قالت إيرين مبوكو كيمباتسا، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الإنساني في الكونغو “إن الصين والكونغو صديقان منذ زمن طويل،” مردفة “إن الحدث ببساطة دليل على الصداقة القوية. إن علاقتنا مليئة بالحب والاحترام والإنسانية.”
وخلال زيارته لجمهورية الكونغو في 2013، قال شي إن تنمية الشراكة الصينية الأفريقية متجذرة في الشعب ويتم تعزيزها من خلال التبادلات. وكانت توجه رؤيته التعاون بين الصين وأفريقيا.
شركاء من أجل التنمية المشتركة
قالت جوديث وانزيلا بيتر، المسؤولة عن صيانة نظام الإشارات لسكة حديد مومباسا-نيروبي القياسية، إنها لن تنسى أبدا الوقت الذي امضته مع “معلم اللغة الصينية” في السنوات الـ4 الماضية.
وتذكرت جوديث الأيام الأولى من حياتها المهنية، حين لم تتوقف يدها عن الارتعاش، لأنها كانت متوترة في العمل، قائلة “عند فحص المعدات، يجب أن تكون أيدينا ثابتة مثل الجراح لضمان سلامة القطار.”
ولكن بعد التدريب والممارسة، أصبحت جوديث قادرة تماما على إتمام عملها، ما يجعلها تتولى أعمال الصيانة من زملائها الصينيين. وأشارت “عندما يعودون إلى الصين، سأفتقدهم”.
ومنذ بدء تشغيل خط السكة الحديد في 2017، تم القيام بأكثر من 10 ملايين رحلة، وتم تسليم أكثر من 25 مليون طن من البضائع، ما دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الواقعة على طول الطريق في كينيا.
ومن جهة أخرى، أصبح أول قمر صناعي جزائري للاتصالات “ألكوم سات-1” ومبنى البرلمان الملاوي وسد مروي في السودان وغيرها من المشاريع الرائدة التي تم إطلاقها بشكل مشترك من قبل الصين ونظرائها الأفرقة معالم بارزة في تلك البلدان الأفريقية، حيث تم طباعة بعض المشاريع على الأوراق النقدية لتلك الدول، ما يدل على الصداقة الصينية الأفريقية.
وفي هذا السياق، قال أليكسيس جيسارو موفوني ، وزير الدولة للبنية التحتية والأشغال العامة في جمهورية الكونغو الديمقراطية إن الشركات الصينية تدعم حقا أفريقيا من خلال بناء البنية التحتية، بما في ذلك بناء الطرق والجسور.
وأردف أن الشركات الصينية والمستثمرين عززوا بقوة التعاون الثنائي في البنية التحتية وقدموا إسهامات ملموسة للمجتمعات المحلية على مر السنين.
وبفضل آليات التعاون، بما في ذلك منتدى التعاون الصيني الأفريقي ومبادرة الحزام والطريق، شهد تطوير البنية التحتية في أفريقيا تغييرات هائلة. وظلت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 14 عاما متتالية. وفي الوقت نفسه، قام الجانبان معا ببناء وتشغيل أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وما يقرب من 100 ألف كيلومتر من الطرق السريعة، فضلا عن مجموعة من مشاريع البنية التحتية الهامة، بما في ذلك المطارات والموانئ والجسور ومحطات الطاقة.
ومن جانبه، قال دايفيد مونيا، مدير مركز الدراسات الأفريقية الصينية في جامعة جوهانسبرج، إن للتحديث الصيني الوسائل اللازمة لتحفيز وتنفيذ التحديث في أماكن أخرى بالعالم، ولاسيما في الدول النامية.
وأضاف أنه مع بدء الصين رحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة من خلال مسار صيني للتحديث، فيجب على الدول النامية في إفريقيا وخارجها أن تستفيد من التحديث المحلي الذي قدمته الصين.
أخوة بعقل واحد
على مدى العقود الستة الماضية، تمتعت الصين وأفريقيا، اللتان تربطهما روابط وثيقة بين الشعبين، بتعاون متعمق مربح للجانبين. لقد خففت صداقتهما الصراع، وتم اختبارها عبر الزمان، وهما على استعداد لاغتنام فرصة التنمية الجديدة.
ففي أبريل 1955، تصافح القادة الصينيون والأفارقة في مؤتمر باندونغ الذي عُقد في إندونيسيا، لتكون بداية التبادلات الودية بين الجانبين. ومنذ ذلك الحين، دعمت الصين القضية العادلة في أفريقيا لمكافحة الإمبريالية والاستعمار من أجل تحقيق التحرر الوطني. كما دعمت الدول الأفريقية الصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة.
وفي الوقت نفسه، طرحت الصين مبادئ الإخلاص والنتائج الحقيقية والمودة وحسن النية والسعي لتحقيق الصالح العام والمصالح المشتركة في عام 2013 لتوجيه تعاونها مع إفريقيا. وقد دخلت العلاقات الصينية الأفريقية مسارا سريعا نحو خلق مجتمع صيني أفريقي أقوى ذي مستقبل مشترك.
ومنذ مارس 2013 بعد انتخاب شي رئيسا للصين، عُقدت قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي مرتين، حيث سعى الجانبان إلى دفع 10 خطط للتعاون، و8 مبادرات رئيسية، و9 برامج.
ومنذ بداية هذا العام ، قام 3 رؤساء أفارقة بزيارة الصين. وخلال حديثه مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس أنطوان تشيسكيدي تشيلومبو في بكين، قال شي إن الصين تدعم بقوة أفريقيا في مواصلة مسار التنمية المستقلة، لتصبح قطبا هاما في السياسة والاقتصاد والحضارة العالمية، مضيفا أن الصين مستعدة لتوفير فرص جديدة للبلدان الأفريقية مع تطورها الجديد.
واستطرد مؤكدا على أن الصين ستعمل مع إفريقيا لتنفيذ نتائج المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي المنعقد في داكار، وتعزيز التعاون في الحزام والطريق، فضلا عن دعمها لأفريقيا في تحقيق التنمية المستدامة، وبناء مجتمع صيني-أفريقي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد. .
وخلال زيارته إلى بكين الشهر الماضي، قال الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إن تطور النظام الدولي يشهد مرحلة حرجة، حيث لا تزال الدول الأفريقية تواجه الهيمنة والمعاملة غير العادلة.
وأردف أن المجتمع الدولي يتوقع ويؤمن بأن الصين ستقدم إسهامات كبيرة لتنمية وتقدم البشرية، وكذلك للإنصاف والعدالة الدوليين.