موقع متخصص بالشؤون الصينية

مقالة خاصة: كاشغار تمزج بين الثقافات متعددة الإثنيات وتُسهّل التجارة الأوراسية

0

وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:

أصبح مقهى “أوستانغبوي” الذي يقع في منطقة البلدة القديمة في مدينة كاشغار بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين، مكاناً محبباً للتجمع بين الجيران والسكان المحليين والتجار على حد سواء.

فوسط الشوارع المتعرجة والعمارة القديمة، يمكنهم تذوق فنجان من الشاي، والمشاركة في محادثات حية والانغماس في الجمال الخالد للبيئة المحيطة بهم.

وحول ذلك؛ قال ميميتكريم ميميت، مدير المقهى: “مع أكثر من مائة عام من التاريخ، ربما يكون فن تخمير الشاي قد تطور، لكن الشغف الدائم للناس بالشاي لا يزال ثابتاً”.

 

عندما وجد الشاي من المناطق في جنوب نهر اليانغتسي طريقه إلى المناطق الغربية في شينجيانغ على طول طريق الحرير القديم، واندمج بسلاسة في حياة السكان المحليين، فازدهرت ثقافة الشاي المحلية في كاشغار، وتستمر حتى الآن.

من جانبه؛ قال شياو شياو يونغ، الأستاذ في جامعة مينتسو الصينية، إن كاشغار كانت في العصور القديمة مركزاً حيوياً للنقل، وربطت الصين بآسيا الوسطى وجنوب آسيا، مضيفاً أن التقاء الثقافات العرقية المتنوعة في هذه المنطقة أدى إلى ظهور ثروة من الكنوز التاريخية والثقافية.

واليوم؛ استفادت كاشغار من مزاياها الثقافية والجغرافية، وتحولت إلى وجهة سياحية فريدة تمزج بين التاريخ والحداثة. ومن خلال السياسات المواتية، والبنية التحتية المحسنة، وتعزيز التبادلات عبر الحدود، برزت المدينة أيضاً كمحفز للتجارة الأوراسية.

 

— حيث يلتقي التاريخ بالحداثة

 

على شرفة الطابق الثاني من المقهى، يتمايل الناس بفرح على الألحان الساحرة للراواب، وهي آلة وترية، ونغمات الدفوف الإيقاعية.

ومع ذلك؛ ربما لم يكن هذا المكان دائماً مرحباً بالسياح في الماضي.

وبدوره؛ قال ميميت عثمان، والد ميميتكريم ميميت، المدير السابق للمقهى: “كانت غالبية المنازل في البلدة القديمة مبنية باستخدام هياكل من الطوب والخشب، ما جعلها تفتقر إلى المرونة في مقاومة الزلازل وواجهت مخاطر محتملة، مثل الجدران المعرضة لأضرار الفيضانات، وتقليص قدرات الإنقاذ من الحرائق”.

وفي عام 2010، بدأ مشروع باستثمار أكثر من 7 مليارات يوان (حوالي 975 مليون دولار أمريكي) لتجديد المنازل المتداعية للسكان المحليين الذين بلغ عددهم أكثر من 200 ألف شخص على مساحة 8 كيلومترات مربعة في البلدة القديمة. ونتيجة لذلك؛ تم إصلاح وترميم أكثر من 7000 مسكن تقليدي ذي أهمية تاريخية وثقافية مع الحفاظ على أنماطها المكانية الأصلية.

 

وحول ذلك؛ قال مهند العكلوك، المندوب الدائم لفلسطين في جامعة الدول العربية، خلال زيارة إلى كاشغار ضمن وفد من الدبلوماسيين والمسؤولين من جامعة الدول العربية في مايو الماضي، قال: “إن التدابير التي اتخذتها الحكومة الصينية لتحويل مدينة كاشغار القديمة مثيرة للإعجاب”.

وأضاف العكلوك: “لم يؤد هذا التحول إلى تغييرات كبيرة في البيئة والظروف المعيشية للسكان فحسب، بل الأهم من ذلك، أنه حافظ على الخصائص الثقافية المحلية”.

وبالإضافة إلى التجديد المعماري المادي، تفخر كاشغار بتراثها الثقافي غير المادي.

يعتبر ذولبوكار أباباكري، وريثاً لثقافة الفخار في كاشغار، حيث يعمل في إنتاج الأدوات المنزلية والحلي.

وقال ذولبوكار أباباكري: “منذ آلاف السنين، وعلى الرغم من التطور والابتكار في تقنيات الأواني الفخارية، ظلت أنماط السحب، والخوخ، والورود والأعناب التي ترمز إلى الثروة، والصحة الجيدة، والسعادة في الثقافة الصينية، ظلت محافظة على رونقها ولا تزال تأسر بجمالها مجتمع كاشغار متعدد الإثنيات”.

لا تكتفي كاشغار بالاحتفاء بثقافتها الأصلية فحسب، بل تحتضن أيضاً العالم بأذرع مفتوحة.

هدية مشام عبد الله، طالبة من تنزانيا درست علم الطب في الصين، وتعيش حالياً مع زوجها الويغوري ديلشات تورسون. وبدأ الزوجان هذا العام بإدارة مقهى في بلدة كاشغار القديمة.

ومن خلال البث المباشر والمنصات عبر الإنترنت، يشاركان قصصهما ومنتجاتهما مع الناس من جميع أنحاء العالم.

وقالت هدية مشام عبد الله: “إن مدينة كاشغار القديمة مكان للعاطفة والخيال. فعلى الرغم من أنني أعيش في أرض أجنبية، إلا أنني أشعر وكأني في وطني بسبب الناس المضيافين هنا”.

 

 

ووفقاً لمديرية الثقافة والإذاعة والتلفزيون والسياحة في ولاية كاشغار، استقبلت المنطقة أكثر من 11 مليون سائح في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، مسجلة زيادة بنسبة 83.48 في المائة على أساس سنوي، ما يرفع الإيرادات السياحية إلى نحو 8.6 مليار يوان، بزيادة 114.7 في المائة.

 

— ممر إلى أوراسيا

وفي وقت سابق من يونيو الماضي، غادرت 25 شاحنة محملة بالحاويات كاشغار. وبعد وصولها إلى محطة السكك الحديدية في مدينة أوش في قيرغيزستان، تم نقل الحاويات إلى قطارات متجهة إلى طشقند، عاصمة أوزبكستان.

كانت تلك تجربة لقدرة كاشغار في تسهيل التجارة عبر الحدود من خلال تنفيذ أنظمة النقل متعدد الوسائط، قبل إطلاق خط السكك الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان.

وفي هذا السياق؛ قال تساو هونغ جيان، الموظف في جمارك كاشغار: “تعتبر كاشغار ممراً يربط الصين بآسيا الوسطى، وجنوبي آسيا، وغربي آسيا وحتى أوروبا. نحن ملتزمون بتقديم الدعم في تسهيل التخليص الجمركي لشركات التجارة الخارجية وضمان استقرار السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد.”

 

برزت كاشغار كوجهة جذابة للشركات التي تسعى إلى الاستفادة من موقعها الرئيسي، حيث تعد شركة تشونغشون المحدودة للتجارة الإلكترونية، وهي شركة للتجارة الخارجية تأسست في منطقة التخزين الجمركي الشاملة في كاشغار في عام 2020.

وقال تشانغ تشي، المدير العام لشركة تشونغشون: “نجمع البضائع من دلتا نهر اليانغتسي ودلتا نهر اللؤلؤ في كاشغار، قبل إرسالها إلى آسيا الوسطى وأوروبا وأماكن أخرى. وفي الوقت الحاضر؛ نقوم بمعالجة أكثر من 120 ألف طلب للتجارة الإلكترونية يومياً”.

ومن جانبه؛ قال ما هاي تاو، مدير لجنة إدارة منطقة التخزين الجمركي الشاملة في كاشغار، إن هناك حالياً أكثر من 350 شركة مسجلة في المنطقة المذكورة، بما في ذلك أكثر من 280 شركة تجارية ولوجستية وما يقرب من 40 شركة للصناعات التحويلية والمعالجة.

وفي عام 2022، بلغت قيمة التجارة الإلكترونية عبر الحدود في المنطقة المذكورة 1.29 مليار يوان، بزيادة 291 في المائة على أساس سنوي.

وقال ما: “مع تطور التجارة الإلكترونية عبر الحدود، بدأت التجارة العامة وتجارة المعالجة ذات سلسلة قيمة أطول في إطلاق إمكانات نموها”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.