موقع متخصص بالشؤون الصينية

دبلوماسية شي: كاسرو الجليد وإرثهم الحي الذي يربط الصين ببريطانيا

0

قبل سبعين عاما، قام وفد من قادة الصناعة والأعمال البريطانيين برحلة إلى بكين، مدفوعا برغبة بدء علاقات تجارية مع الصين وسط إقرار جازم بإمكاناتها السوقية.

بقيادة رجل الأعمال جاك بيري، رئيس شركة لندن للتصدير آنذاك، كسر رجال الأعمال البريطانيون الحواجز الأيديولوجية وشقوا دربا للتبادلات التجارية الثنائية.

وعلى مر العقود، ألهمت خطوتهم الجريئة، المعروفة باسم “مهمة كسر الجليد”، أجيالا من رواد الأعمال الملتزمين بتعزيز الروابط والتفاهم بين الشعبين الصيني والبريطاني. وقد ارتقت العلاقات التجارية بين البلدين، وازدهر التعاون المثمر عبر مجموعة واسعة من المجالات.

 

— الريادة

في عام 1953، بناء على دعوة من المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، تحدى بيري ومجموعة من قادة الصناعة والأعمال الآخرين الحصار الذي فرضه الغرب على جمهورية الصين الشعبية التي تأسست حديثا وبدأوا رحلة تاريخية.

وقوبلوا بحفاوة كبيرة عندما وطأت أقدامهم شوارع بكين الصاخبة، حيث وقعوا اتفاقية تجارية بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني (39.2 مليون دولار أمريكي) مع الحكومة الصينية، وهي أول اتفاقية تجارية بين مجتمع أعمال غربي وجمهورية الصين الشعبية.

ومع وصفه الرحلة الجريئة بأنها “اختراق تاريخي”، روى بيري حماسه في مذكراته. ومدفوعا برؤيته لعلاقات صينية بريطانية أوثق، مضى في جهوده لتأسيس أول مجموعة تجارية بريطانية صينية في بريطانيا، عُرفت فيما بعد باسم نادي مجموعة الـ48، وذلك لبناء جسر للتجارة الثنائية بين البلدين.

وفي رسالة تهنئة أرسلها الرئيس الصيني شي جين بينغ بمناسبة الذكرى السنوية الـ70 لـ”مهمة كسر الجليد” في 6 يوليو، أشار إلى أن رواد الأعمال البريطانيين، يمثلهم جاك بيري، الذين نظروا بشغف إلى المستقبل المشرق للصين الجديدة والإمكانات الهائلة للتعاون الصيني-البريطاني، كسروا جليد الأيديولوجية بشجاعة وأخذوا زمام المبادرة في فتح قناة التبادلات التجارية بين الصين وبريطانيا.

وعلى الرغم من مرور الوقت، توجد إمكانات كبيرة غير مستغلة في التعاون الثنائي.

وبالنظر إلى التحديات المتعددة المتشابكة التي تواجه العالم اليوم، بما في ذلك الرياح المعاكسة ضد العولمة، أصبحت حتمية اختراق جليد الحمائية والمواجهة أكثر أهمية ولا غنى عنها.

وقال كيث بينيت، نائب رئيس نادي مجموعة الـ48، إنه “كلما مر الوقت، استطاع المرء أن يرى مدى بعد نظر كاسري الجليد الأوائل”، مضيفا أن “هناك حاجة إلى روح كسر الجليد الآن تماما كما كان عليه الحال قبل 70 عاما”.

ولفت إلى أن الجليد ذاب الآن وأصبح “نهرا” للتعاون، مشيرا إلى أن التعاون الصيني-البريطاني شهد تطورا كبيرا مدفوعا بروح كسر الجليد لدى هؤلاء الرواد، وقد حان الوقت للبناء على هذا الأساس ومحاولة محاكاة ما حققوه.

 

— الإرث

في سن الـ24، بدأ ستيفن بيري، نجل جاك بيري، رحلة من شأنها أن تشكل تصوره الأولي للصين.

في أول رحلة له إلى الصين برفقة والده، كان ستيفن مفتونا بحقول الأرز الشاسعة والعمال المشغولين الذين يعملون بجد في الحقول.

تركت هذه المشاهد انطباعا لا يمحى في ذهنه الشاب، مشكلة لديه انطباعا عميقا عن البلد وشعبه.

التزام عائلة بيري بدعم روح “كسر الجليد” وتعزيز التعاون الصيني البريطاني قد تم تناقله عبر الأجيال.

في عام 1993، تولى ستيفن دور والده كرئيس لنادي مجموعة الـ48. ومنذ ذلك الحين، تطورت المنظمة وتوسعت، وتضم أكثر من 600 عضو في مختلف المجالات مثل الأعمال والثقافة والدبلوماسية والأكاديمية.

ومستمدا الإلهام من ثقة عائلته في تنمية الصين، قال ستيفن إن رواد الأعمال البريطانيين المعاصرين يشاركونه نفس الإيمان بآفاق الصين الوردية والفرص الهائلة التي تتمتع بها البلاد.

في استطلاع أجرته غرفة التجارة البريطانية في الصين، أعربت 86 في المائة من الشركات البريطانية عن تفاؤلها بشأن إمكانات السوق الصينية على المدى الطويل.

وفي الآونة الأخيرة، أرسل مجلس الأعمال الصيني البريطاني وفدا آخر من رجال الأعمال إلى الصين لتعزيز العلاقات التجارية.

ووصف السير شيرارد كوبر كولز، رئيس المجلس، الرحلة بأنها “رائعة للغاية”، مشبها إياها بـ”الوقوع مجددا في الحب وتجديد التعارف مع صديق قديم”.

وأكد أندرو سيتون، الرئيس التنفيذي للمجلس، على الإجماع السائد داخل مجتمع الأعمال البريطاني فيما يتعلق بالحاجة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وبريطانيا.

وقال سيتون إن الشركات البريطانية أظهرت “شعورا قويا للغاية إزاء الالتزام بالسوق الصينية والالتزام بوجودها في الصين واستثماراتها في الصين ومشاركتها وما إلى ذلك”، مبينا أن الإمكانات الهائلة للتعاون في التعليم والرعاية الصحية والخدمات المالية والطاقة الخضراء تحظى باعتراف واسع.

ومثل الأجيال التي سبقتهم، شهد “كاسرو الجليد” في العصر الحديث على رحلة الانفتاح والتقدم الرائعة للصين وساهموا فيها. وقاموا بتوسيع أعمالهم من خلال التعاون متبادل المنفعة مع نظرائهم الصينيين.

في عام 2008، أنشأ نادي مجموعة الـ48 مبادرة “كاسرو الجليد الشباب”، وهي منظمة مكونة من رواد أعمال بريطانيين وصينيين شباب، بهدف تمكين الجيل القادم من رسم مسارهم الخاص واعتناق روح “كسر الجليد”. وكان أبناء ستيفن أيضا جزءا من هذه المبادرة.

وقال ستيفن، وهو يشير إلى تناقل الإرث بين الأجيال، “دع الجيل القادم يتولى زمام الأمور ويجد موطأ لأقدامه. لقد منحني والدي هذه الفرصة قبل حوالي 45 عاما”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.